بلخير سلام
سعيد زدوق، قيدوم الصحافيين والمعلقين الرياضيين المغاربة، يتحدث في هذا الحوار عن المشاركات الأربع السابقة للمنتخب الوطني المغربي، واصفا الحصيلة بـ"المتميزة"، واعتبر المشاركة الأولى لسنة 1970 بـ"ـّذات الخصوصية الهامة"، وهي التمثيلية الأولى والوحيدة لإفريقيا، آنذاك، فيما وصف المشاركة المغربية في دورة مكسيكو 86 بـ"الملحمة الكبيرة"، وقال إن اللاعبين المغاربة كانوا يستمتعون فيها باللعب، وأنه قل ما يجود الزمان بجيل 1986.
ويرى زدوق، الإعلامي والمعلق المغربي الشهير، في حوار أجراه معه موقع "مواطن"، بخصوص جيل المنتخب الحالي ومدى حظوظه في مونديال روسيا، أنه يشبه إلى حد كبير جيل مونديال 1986، وأنه قادر على تحقيق نتيجة جيدة، شريطة التعامل مع كل مباراة على حدة، وفق خصوصياتها المعينة، وعدم التفكير دفعة واحدة في كل اللقاءات، كما تطرق إلى نقاط أخرى ضمن هذا الحوار التالي.
مواطن: في البداية، أي تقييم يليق بالمشاركات المغربية الأربع السابقة في كأس العالم (1970، 1986، 1994 و1998)؟
سعيد زدوق: التقييم يبدأ أولا من المشاركة المغربية بمونديال 1970، والتي تعد ذات خصوصية متميزة، تتمثل في كون المغرب كان البلد الإفريقي الوحيد الذي شارك في هذه الدورة التي نظمت بالمكسيك، أي أنه كي تكون القارة الإفريقية كاملة ممثلة بفريق واحد، على عكس اليوم، حيث يشارك عدد من المنتخبات في المونديال، فإن هذا يعطي المكانة لدى كرة القدم في إفريقيا، وفي المغرب على وجه الخصوص، لأن المغرب رائد على المستوى الإفريقي، وهذه مسألة لا نقاش فيها.
لما المغرب شارك في مونديال مكسيكو 70، ولعب ضد منتخب ألمانيا، وما أدراك ما ألمانيا، ولو أننا خسرنا بهدفين لواحد، يكفي أننا كنا سباقين للتسجيل، وكنا منتصرين لفترة من الفترات، وفقط ربما هناك نوع من الدهشة وكوننا نواجه منتخب ألمانيا، الذي لعب نهائي 1966، والذي يبصم حضوره الدائم عالميا. أما المباراة الثانية التي خسرناها أمام البيرو بثلاثة أهداف لصفر، فقد جاءت من طرف أحسن منتخب عرفته البيرو في تاريخها، وأذكر أنه خسر بصعوبة في ربع النهاية مع البرازيل بـ(4-2) في مقابلة لم تكن سهلة للبرازيليين الذين توجوا أبطالا للمونديال، ثم إننا تعادلنا في ثالث مباراة مع بلغاريا بنتيجة (1-1)، إذن هذه المشاركة أعتبرها متميزة على اعتبار أنها أول مشاركة لإفريقيا في كأس العالم.
وماذا عن المشاركات الثلاث الموالية للمنتخب الوطني المغربي، وعلى رأسها مكسيكو 1986؟
مكسيكو 86 نعتبرها ملحمة، باعتبار أن لا أحد كان ينتظر تأهل المغرب للدور الثاني، بحكم قوة المجموعة التي وجد فيها، بل أكثر من هذا، فهو لم يكتف بالتأهل للدور الثاني فحسب، بل تمكن من إنهاء الدور الأول متصدرا لترتيب مجموعته، التي تضم إنجلترا وبولونيا والبرتغال، ولما نذكر هذه الأسماء فهي ليست أسماء عادية، وهذا يعني أن المشاركة في كأس العالم 86 كانت فوق متميزة.
بخصوص المشاركة في مونديال 94، أرى شخصيا أن مقابلة المغرب ضد بلجيكا تعتبر واحدة من أحسن المقابلات التي خاضها المنتخب الوطني في تاريخه على مستوى كأس العالم، صحيح أننا خسرنا، إنما لم نكن نستحق الهزيمة، ولكن على أي حال، فكل دورة لها ظروفها الخاصة بها. أما في مونديال 98، فقد كانت المشاركة جيدة، لولا التعثر مع البرازيل، ونحن خسرنا هذه المباراة، ربما لأننا كنا أمام منتخب إسمه البرازيل بلاعبين كبار، من قبيل كافو ورونالدو، وغيرهما، وهذا ربما كان له تأثير.
أود أن نتوقف قليلا عند دورة مونديال 1986 باعتبارها شاهدة على مشاركة مغربية تعتبر الأفضل على الإطلاق، فما هي أسباب التألق في نظرك، خاصة أنك كنت قريبا من اللاعبين كمعلق تلفزيوني على مباريات المنتخب المغربي؟
أسباب التألق واضحة، أولا يجب أن لا ننسى أن اللاعبين الذين شكلوا المنتخب الوطني، آنذاك، كانوا لاعبين متميزين، وقلما يجود الزمان بلاعبين بتلك المهارات العالية جدا، فمن الصعب أن تجمع لاعبين بتلك المؤهلات، وكل لاعب في ذلك المنتخب وكأنه خلق لذالك المكان أو مركز لعب، كانوا 11 لاعبا، أو يمكن أن أقول 10 أو 11، لأنه كان فيه نوع من التغيير، فقد كانوا فعلا لاعبين وكأنهم خلقوا لبعضهم البعض، وكان مستواهم متميزا بشكل كبير.
ثانيا، كان هناك تهيئ جيد، وثالثا كان الحماس حاضرا لدى اللاعبين، لم يكن عليهم ضغط، كانوا مرتاحين، ولا بد أن ننتبه إلى شيء مهم، فهناك فرق كبير جدا بين لاعب يلعب وآخر يستمتع، وهؤلاء كانوا لاعبين يستمتعون على أرضية الملعب، لأنه لما تكون تستمتع في الملعب، فأكيد ستقدم فرجة كبيرة، وعلى العكس عندما تكون تلعب من أجل نتيجة معينة، فقد يغيب التركيز عن دهنك بخصوص ما تتوفر عليه من إمكانيات تقنية، بقدر ما يصير التركيز منحصرا فقط على هاجس الفوز أو التسجيل، وهذا لا يعطي في الغالب نتيجة، فهؤلاء النجوم لمونديال 86 كانوا يستمتعون في اللعب، وبالتالي فإن الاستمتاع في كرة القدم هو الكفيل بمنح الفرجة والنتائج على نحو ما حصلنا عليه في كأس العالم لسنة 1986.
إذا سمحت أستاذ سعيد زدوق، لننتقل إلى الحديث عن المنتخب المغربي الحالي، المقبل على تمثيل المغرب في مونديال 2018؟
بالنسبة إلى المنتخب المغربي لمونديال 2018، يمكن أن أقول أن هناك قاسما مشتركا بينه وبين منتخب 1986، يعني أولا أن هناك لاعبين متميزين، وكلهم محترفون، وبالتالي فحوالي السنة ونصف الأخيرة قد أعطت صورة مغايرة تماما لما عرفناه في فترات معينة سابقة، وندرك الآن أن كرة القدم سواء على المستوى الإفريقي أو العربي لم تعد تؤمن بالاستمتاع باللعب فقط، بل صارت بمثابة قضية، وأصبح اللاعب ملزما بـ"تبليل" القميص، كما نقول، وبالتالي عليه أن يشعر الجمهور بأنه يلعب من أجل طرف آخر، والذي هو الجمهور.
ولعل هذا الحماس الملاحظ الآن لدى اللاعبين بإمكانه أن يعطي مفعوله الإيجابي، ولكن لا يجب، في تقديري، أن يجعل اللاعب خارج إطار أهمية الاستمتاع بكرة القدم، وإذا كان هناك نوع من الاستمتاع الكروي فأنا متيقن على أن لاعبي المنتخب سيقدمون الشيء الكثير، أما إذا كان الجري من أجل محاولة اللاعب إظهار على أنه يلعب ويبذل مجهودا ما، فليس هذا هو القصد؛ بل القصد هو أن يستمتع اللاعب بالكرة، ولكن بالجدية اللازمة والكفيلة بإشعار الجمهور المغربي على أن اللاعب يلعب من أجله.
أي قراءة للمجموعة التي يوجد فيها المنتخب الوطني إلى جانب إسبانبا والبرتغال وإيران، وكيف تتوقع حظوظه في مونديال 2018؟؟
من عادتي، لا أحب أن أعطي تخمينات، لاسيما بهذا الشأن، على اعتبار أن كل مباراة لها حقيقتها الخاصة بها، وتجرى ضمن خصوصية أو ظرفية معينة، وشخصيا أرى أنه لا يجب أن نهتم حاليا، بالبرتغال ولا بإسبانيا، بل ينبغي أن أنظر إلى مقابلة منتخب إيران، باعتبارها المباراة الأولى لنا، وبالتالي فإن كأس العالم مختصر بالنسبة إلي، حاليا على الأقل، في مقابلة إيران. وبعد ذلك، يمكن أن أفكر في مباراة البرتغال، باعتبارها الثانية، وبعدها يأتي الدور على المقابلة الثالثة ضد إسبانيا، من حيث مناقشة كل منها على ضوء نتيجة كل مباراة على حدة.
إننا غير ملزمين بالتفكير في ثلاث مقابلات خلال لحظة واحدة، أو في ثلاثة فرق، إيران والبرتغال وإسبانيا؛ لا، أبدا، أنا الآن لدي مباراة ضد إيران أولا، لأنها هي مفتاح مونديال 2018، ومناقشة إمكانية التأهل للدور الثاني، لكن الفوز على إيران لا يعني أننا تأهلنا، ولكنه يجعلنا ندخل المباراة الثانية ضد البرتغال بنفسية تختلف عن ما هو عليه الحال لو تعادلنا في المباراة الأولى، أو انهزمنا، لا قدر الله؛ أي أن من يتحكم في مصير مقابلة البرتغال هو لقاؤنا أمام إيران، وبالتالي لا يمكن التفكير من الآن في مواجهة البرتغال، بحكم أنها لا يمكن مناقشتها إلا على ضوء نتيجة مباراة إيران.
ولا بد أن نتخذ نوعا من الحذر في كل المباريات الثلاث، بما في ذلك منتخب إيران، خاصة أن كرة القدم الأسيوية قد أخذت، نوعا ما، مكانتها في السنين الأخيرة، فضلا كون البرتغال منتخب قوي، أما إسبانيا فيكفي أن نقول أنها من أبرز المرشحين للفوز بلقب كأس العالم، ولكن على كل حال، ما يجب العمل به، كما قلت، هو التفكير في كل مقابلة على حدة، وتزامنا مع موعد إجرائها، بدلا من التفكير في المباريات الثلاث، خلال لحظة واحدة، تفاديا لتشتيت تركيز اللاعبين.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00