موسى متروف
بات احتمال عودة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السابق ورئيس الحكومة السابق، إلى العمل السياسي واردا، بل راجحا، من خلال بوابة حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب إسلاميي المؤسسات، خصوصا عندما أشار رئيس الحركة الحالي عبد الرحيم شيخي إلى إمكانية ذلك، خلال مؤتمرها الوطني المقبل، والذي من المنتظر أن ينعقد في شهر غشت المقبل.
حول تداعيات هذه العودة على حزب العدالة والتنمية وإنهاء التمايز بين الجانبين الدعوي والحزبي والآثار المحتملة على حكومة سعد الدين العثماني، الأمين العام الحالي لـ"البيجيدي"، وفرضية الاصطدام بين الحزب الإسلامي والدولة، كان هذا الحوار مع الدكتور إدريس الكنبوري، الباحث في الحركات الإسلامية والجماعات الجهادية...
لم يستبعد عبد الرحيم شيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن يصبح عبد الإله بنكيران رئيسا للحركة في مؤتمرها الوطني المقبل، والذي من المنتظر أن ينعقد في شهر غشت المقبل، هل يبدو هذا السيناريو راجحا في ظل الشعبية التي ما زال يتمتع بها بنكيران؟
أعتقد أن مثل هذا السيناريو وارد، فأولا، شيخي ما كان ليصرح بذلك لو لم يكن الأمر قد جرى تداوله داخل الحركة، على الأقل في الكواليس لا بشكل رسمي. ثم لا يجب أن ننسى، ثانيا، أن شيخي نفسه هو أحد المحسوبين على بنكيران من قديم، وكان يعمل في ديوانه عندما كان رئيسا للحكومة، قبل أن يتم اختياره كرئيس للحركة عام 2014. وأنا أظن أن بنكيران هو من كان وراء ترشيح شيخي على رأس الحركة لضمان الولاء له، خصوصا وأن بنكيران أحد مؤسسي الحركة والشخص الأكثر نفوذا فيها من الثمانينات، وهو يخشى أن تهرب من قبضته وأن يفقد السيطرة عليها.
في حال ترؤس بنكيران الحركة، كيف سيكون حال التمايز بين الدعوي والسياسي لدى حزب العدالة والتنمية؟
قضية التمايز بين الدعوي والسياسي هي مجرد دعوى أكثر من كونها حقيقة فعلية. الحركة لعبت دورا رئيسيا في قيادة الحزب في المرحلة التي كان عبد الكريم الخطيب فيها حيا، وكانت تتحكم فيه من الخلف، ولا يجب نسيان أن الأطر المهمة في الحركة هي التي أصبحت قيادة الحزب في ما بعد، ولا زالت موجودة في الحركة في الوقت نفسه؛ أي أنها تلعب دورين متوازيين. لو كان هناك بالفعل تمايز لغادر هؤلاء الحركة، ومنهم بنكيران نفسه، ولكن بقاءهم فيها يعني أنها تنظيم مواز يمكن اللجوء إليه في كل وقت، وهذا ما قد يحصل مع بنكيران، لأن سيناريو ترأسه للحركة في حال تحقق يعني أنه يريد استعمال الحركة في وجه الحزب؛ أي العودة إلى الوضع القديم، وهو تحكم الحركة في الحزب، لكني أعتقد أن الأمور تغيرت اليوم والحزب شب عن الطوق، كما حصل تراكم في المصالح السياسية، بحيث من الصعب تقبل هيمنة الحركة على الحزب مجددا والتحكم فيه. لكن الأهم في الموضوع هو أن عودة بنكيران هي دليل في حد ذاته على عدم وجود تمايز بين السياسي والدعوي، لأن الأمر ببساطة يتعلق بالرغبة في استعمال الدعوي للضغط على السياسي.
هل من شأن هذه العودة المفترضة أن تعرقل مسيرة الحزب الحكومية؟
هذا أمر ممكن، فبنكيران ليست له مواصفات الداعية حتى يمكن أن نقول بأنه يريد التفرغ للدعوة من داخل الحركة، فهو أقرب إلى المناور السياسي منه إلى الداعية، ولذلك فالأقرب إلى المنطق هو أنه يريد الاستقواء بالحركة للضغط على الحزب والتأثير على قراراته السياسية، وتوظيف حقل الدعوة لمحاربة توجهات الحزب، بحيث مثلا يتم توظيف الورقة الأخلاقية لهذا الغرض. فهو لا يريد مغادرة الحياة السياسية، وبعد الإعفاء الملكي وعدم التجديد له في الحزب مرة ثالثة بات يشعر بالعزلة السياسية، ولهذا يتم التلويح اليوم بالعودة إلى الحركة التي ستمكنه من البقاء في المشهد السياسي، فالمدخل سياسي ولا علاقة له بالخط العام للحركة الذي هو الخط الدعوي.
وهل سيؤدي ذلك إلى اصطدام بين الحزب والدولة؟
تجب الإشارة إلى أن حركة التوحيد والإصلاح تشتغل بدون ترخيص أو وصل إيداع، وفي عام 1999 عندما ألقى رئيسها آنذاك أحمد الريسوني درسا رمضانيا أمام الملك محمد السادس تلقت الحركة رسالة ملكية نشرتها جريدة "التجديد"، في الصفحة الأولى، باعتبارها صك اعتراف بها من أعلى سلطة في البلاد. هذه الثغرة القانونية قد تجعل الحركة في مأزق مع الدولة في حال الرغبة في تصعيد المواقف أو تبني مواقف سياسية، أما في ما يتعلق بحزب العدالة والتنمية فربما قد تخدمه مواقف بنكيران من داخل الحركة، بحيث سينكشف التدخل الذي تمارسه الحركة على الحزب وتصبح الحركة في موقف حرج أمام الرأي العام وأنصار الحزب.
وهل سيساعد ذلك في التمهيد لعودة بنكيران للحزب؟
ليست هناك أي علاقة بين عودة بنكيران إلى الحركة وإمكانية عودته إلى الحزب، إنه عضو في التنظيمين معا ويحق له الترشح في كليهما، ولكني أعتقد أن مرحلة قيادته للحزب انتهت، إلا إذا حصل تطور داخل الحزب وارتآى البعض إعادته في المؤتمر المقبل أو حتى في مؤتمر استثنائي كخطة سياسية لتقوية الحزب مجددا، فالكثيرون لا ينظرون إلى وجود بنكيران على رأس الحزب بعين الرضا، ويعتبرونه مصدرا للمشاكل لا مصدرا للتعايش مع الآخرين، وما حصل في المؤتمر الأخير في دجنبر الماضي دليل على هذا، إذ رغم التعبئة الكاملة لدعم الولاية الثالثة إلا أن بنكيران مني بالهزيمة أمام العثماني.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00