موسى متروف
انتزع المغرب، اليوم الجمعة 26 يناير 2018 بأديس أبابا، مقعدا من الجزائر بمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، بعد انتخابه خلال الدورة العادية الثانية والثلاثين للمجلس التنفيذي للاتحاد، التي تنعقد بالعاصمة الإثيوبية تحضيرا لقمة رؤساء الدول والحكومات، التي ستلتئم يومي الأحد 28 والاثنين 29 يناير 2018، والتي من المنتظر أن يحضرها الملك محمد السادس، ويقدم خلالها تقريرا حول الهجرة، وهو ما طلبه منه ألفا كوندي، الرئيس الغيني بصفته الرئيس الحالي للاتحاد.
وبهذا الانتخاب، سيصبح المغرب عضوا بمجلس السلم والأمن لولاية تمتد لعامين (2018-2020) قابلة للتجديد. حول قراءة هذا الانتخاب في علاقة مع خصوم المغرب، وأهمية المصوتين ودور الممتنعين، ودور المملكة في الاتحاد الإفريقي ومجلسه للسلم والأمن، وذراعه العسكري "القوة الإفريقية الجاهزة"، في المرحلة المقبلة، فضلا عن تأثير كل ذلك في أدوار المملكة بالقارة السمراء، وفي ملف ترشيحها لعضوية منظمة المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية "سيدياو"، كان هذا الاستجواب الذي أجراه موقع "مواطن" مع الدكتور محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية...
ما هي أهمية حصول المغرب على المقعد المخصص لإفريقيا الشمالية، بمجلس السلم والأمن التابع لمنظمة الاتحاد الإفريقي، في الدورة الثانية والثلاثين للمجلس التنفيذي للاتحاد بأديس أبابا، بعدما نال 39 صوتا، فيما تم تسجيل 16 امتناعا عن التصويت؟
أولا، التصويت له دلالة كبيرة جدا، لأن المغرب يقتحم إحدى القلاع داخل الاتحاد الإفريقي، التي استعملها الخصوم ضده بشكل كبير جدا وخاصة أننا نعلم أنه داخل مجلس السلم والأمن كان هؤلاء الخصوم يستخدمونه بشكل كبير، بل بالأحرى "يمتهنونه" بشكل كبير.
ثانيا، نعلم أن المغرب حصل على مقعد أزاح منه الجزائر، وبالتالي لاحظنا بأنها سحبت ترشيحها حين كانت واثقة أن ترشيح المغرب سيحصل على الأغلبية الساحقة التي هي 39 صوتا، وبالتالي فضلت الانسحاب بدل الهزيمة المدويّة، لأن مجلس السلم والأمن له دور كبير في كل ما يرتبط بالسلم والأمن والاستقرار بالقارة الإفريقية وله علاقة بكل قضايا النزاعات المسلحة أو الصراعات داخل القارة السمراء. أكيد أن هذا المجلس له وزن كبير داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي وله تواصل كبير مع مؤسسات دولية، بما في ذلك مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة. وبالتالي، يمكن اعتبار أن هذا الانتخاب هو مؤشر على أن المغرب يسعى إلى أن يلعب دوره كاملا داخل الاتحاد الإفريقي وأن يكون حاضرا في مختلف أجهزته. وهذا أيضا مؤشر على أن الخناق بات يضيق على خصوم المغرب وأن ما اعتبره هؤلاء قلاعا منيعة، الآن لم تعد كذلك، وبالتالي يمكن اعتبار أننا دخلنا مرحلة جديدة، في مواجهة خصوم المملكة وهي مواجهة من قلب القلعة الوحيدة وآخر قلعة تحصنوا بها وهي الاتحاد الإفريقي، وهذا الانتخاب يؤكد بأن قوة الدول التي تساند المغرب وتشاطر قناعاته وتسير في نفس التوجه هي كبيرة جدا وتشكل أغلبية كبيرة جدا. ولاحظ معي أنها تقريبا نفس القوة ودائما في حدود 39 دولة، وبالتالي أصدقاء وحلفاء المغرب داخل الاتحاد الإفريقي يشكلون الأغلبية الساحقة...
والدول الستة عشر التي امتنعت عن التصويت، ألا تؤثر على مكانة ودور المغرب؟
لا، عدد 16 يُقرأ بالمقارنة مع عدد 39، فحين نرى كلما طرحت مسألة التصويت فإن القوة المصوتة لفائدة المغرب هي دائما في هذه الحدود، لا تتناقص وربما تتنامى، وبالتالي، أعتقد بأنه بعد سنة واحدة من عودة المغرب إلى الاتحاد ما زالت هذه العودة تُستقبل بنفس الزخم والترحاب وبنفس القوة وأكيد أن هذا العدد هو مؤشر على أننا في منظور جديد وفي مرحلة جديدة داخل الاتحاد الإفريقي...
لكن عضوية المغرب في بمجلس السلم والأمن ربما تصطدم مع استمرار الجزائري اسماعيل شرگي مفوضا في السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، وهو المنصب الذي تحتله الجزائر منذ استحداثه في 2001، والمفوض الجزائري الحالي لن يغادر منصبه هذا قبل نهاية ولايته في 2021؟
الجزائر، من خلف شرگي، سيطرت على منصب مفوض السلم والأمن وتسعى إلى غاية الآن للسيطرة عليه، وهذا المنصب لم يعرف أي تداول إطلاقا على رئاسته خارج الجزائر التي هيمنت عليه. أكيد أن ساعة التغيير قد دقّت داخل هذه المفوضية وأعتقد بأن تصويت اليوم هو أول خطوة داخل مجلس السلم والأمن، ولكنها خطوة عملاقة...
وكيف تتوقعون ما سيقوم به المغرب، بعد انضمامه للاتحاد الإفريقي، ثم مجلسه للسلم والأمن، على المستوى الأمني والعسكري ومحاربة الإرهاب خصوصا، وتحديدا بمنطقة الساحل والصحراء، ونحن نعرف جيدا التحفظات الكبيرة المعبر عنها من طرف الجزائر و"البوليساريو"؟
أعتقد أن المغرب، منذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي، وهو ملتزم بالقيام بدوره كاملا في كل ما يرتبط بالسلم والأمن والاستقرار والتنمية في القارة الإفريقية. وكان المغرب حاضرا أيضا في هذا الجانب حتى خارج الاتحاد الإفريقي، من خلال مجموعة من العلاقات الثنائية أو من خلال علاقاته داخل منظمات إقليمية، غير المنظمة القارية، ولكن من المؤكد أن حضور المغرب في هذا المجلس سيكون له إيجابيات كثيرة وأن عضويته ستجعله يشارك في كل ما يمكن أن يفيد الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية بانخراط إيجابي...
وحتى من خلال الذراع العسكري للاتحاد "القوة الإفريقية الجاهزة"؟
أكيد من خلال هذا الذراع العسكري أو في العديد من القضايا سيكون حاضرا لا محالة.
على ضوء كل هذه المستجدات، كيف تتصورون أن تجري قمة رؤساء الدول والحكومات، التي نحن على أبوابها، في علاقة بالمغرب، خصوصا أنه من المنتظر أن يحضرها الملك محمد السادس، ويقدم خلالها تقريرا حول الهجرة؟
أعتقد أن الاتحاد الإفريقي يعيش حالة انتعاشة كبيرة منذ عودة المغرب ويعيش تفاعلات وديناميات داخلية إيجابية منذ عودة المغرب، ويعيش على وقع تحولات وآفاق ومنظور لإعادة هيكلة وإصلاح هذه المنظمة وبشكل إيجابي وبفعالية جديدة. هذه الدورة لقمة رؤساء الدول والحكومات، خاصة مع مجموع القضايا المطروحة عليها ووفي صدارتها ملف الهجرة، ونحن نعلم جميعا انتظارات الدول الإفريقية حول ما سيقدمه المغرب، أعتقد أنها ستكون بعد محطة العودة، محطة هامة جدا بمواقف سيكون لها، لا محالة، وقع وتأثير كبير...
كيف ستكون هذه الآفاق بالنسبة للاتحاد مع رئيسه الجديد الرئيس بول كاغامي، رئيس رواندا، والذي نعرف علاقاته بالملك محمد السادس وما على طاولته نت ملفات إصلاح مؤسسات الاتحاد والحكامة ومحاربة الرشوة وغير ذلك؟
أعتقد بأن هناك داخل الاتحاد الإفريقي وعيا بضرورة إصلاح هياكل المنظمة وهناك داخل الاتحاد رغبة في تجاوز بعض المعيقات الهيكلية أو التنظيمية التي عرفتها هذه المنظمة منذ تأسيسها، وبالتالي جعل الاتحاد يواكب تحديات ورهانات وتطلعات وواقع إفريقيا اليوم، وكذلك التحولات على المستوى الدولي، ليكون اتحادا أكثر فعالية ونجاعة وليكون اتحادا قادرا على أن يأتي بحلول إفريقية لقضايا إفريقية.
أكيد أن الإشكالية المرتبطة بتقويم وإصلاح كل الأعطاب التي يعرفها الاتحاد الإفريقي ستكون حاضرة، من خلال مشروع الإصلاح الذي سيقوده الرئيس بول كاغامي. وفي جميع الأحوال، للمغرب دور كبير في هذا الجانب سيلعبه وأعتقد أن الرئيس الرواندي يعتمد ويثق في الدور الذي ستلعبه المملكة وما ستقدمه إلى جانب عدد كبير من الدول الإفريقية التي لها نفس المنظور لإصلاح أعطاب الاتحاد الإفريقي...
ألا يؤثر كل هذا الدور وكل هذا الزخم وكل هذه الانتظارات من المغرب، في زحزحة ملف ترشيح المغرب لعضوية منظمة المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية "سيدياو" الذي يبدو متعثرا قليلا؟
لا أعتقد أن الملف المغربي متعثر في الـ"سيدياو"، وأكيد أنه، من الناحية المبدئية، هناك مواقف تم التعبير عنها واعتبرت إيجابية بخصوص انضمام المغرب للمنظمة الإقليمية، وربما مسألة تقدير سبل ومساطر هذا الانضمام كانت بشكل لم يأخذ بعين الاعتبار عامل الزمن وبعض العوامل التقنية كذلك وبعض الخيارات الاستراتيجية التي يمكن الدخول فيها مباشرة، ولكن اعتقد أن هذا المشروع ما زال قائما وأن دور المغرب منتظر في هذه المنظمة من طرف الدول الأعضاء فيها. وطلب انضمام المغرب كان كما بالنسبة لكل ما يقوم به المغرب محط تشويش من طرف خصومه وأعتقد أن حالة التشويش لا يمكن أن توقف رحلة الانضمام...
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00