مصطفى أزوكاح
شرع المغرب في تفعيل قرار الانتقال من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف المرن للدرهم اعتبارا من يومه الاثنين الخامس عشر من يناير، ما يطرح الكثير من التساؤلات حول دواعيه وتداعياته على الاقتصاد المغربي والأسر المغربي.. تساؤلات حملناها إلى الاقتصادي المغربي، إدريس الفينا، فكان الحوار التالي..
لماذا أعلن المغرب عن الشروع في الانتقال من نظام الصرف الثابت إلى نظام الصرف المرن، الذي سرى اعتبارا من يومه الاثنين؟
لم يعد المغرب يتوفر على حلول أخرى، من وجهة نظر المنطق الاقتصادي. ويتعلق بإمكانية استمرار الدولة في الوفاء بمديونيتها (soutenabilité de la dette). وأعني هنا المديونية العمومية، التي تهم الخزينة والمؤسسات العمومية المضمونة من قبل الدولة.
هذه المسألة تفرض على المغرب الانتقال من نظام الصرف الثابت إلى نظام الصرف المرن، حيث لا يتوفر على نفس الوسائل من أجل شراء السلع من الخارج.
هناك جانب آخر، له علاقة بالأسر الفقيرة، التي ستتأثر قدرتها الشرائية، على اعتبار أن المغرب يستورد الكثير من السلع.
كيف ستؤثر مرونة سعر صرف الدرهم على المديونية العمومية للمغرب؟
ستضطر الدولة إلى خفض لجوئها إلى الاقتراض. فمن من أجل ضمان رصيد من العملة الصعبة، يغطي ما بين خمسة وستة أشهر من الاستيراد، تعمد مؤسسات الدولة إلى الاقتراض. ويجب أن نعلم أن العملة الصعبة من تحويلات المغاربة بالخارج والسياحة، والاستثمارات الخارجية المباشرة والهبات، وكذلك الصادرات.
لا يمكن لعائدات الصادرات وحدها، أن توفر لنا العملة الصعبة الكافية من أجل الاستيراد، لذلك، بهدف الحفاظ على مخزون من العملة الصعبة، تضطر الدولة إلى الاقتراض، وهي عملية إجبارية، ليس من أجل تمويل الاستثمارات كما يشاع، بل بغرض التوفر على رصيد من العملة الصعبة لمواجهة ارتفاع الواردات.
الحكومة تتحدث عن الطابع التدريجي في تنفيذ المرونة من أجل تفادي التأثيرات غير المستحبة لذلك القراري.. هذا يدخل ضمن إعلان النوايا، وتفعيل القرار،هو الذي سيكشف عن حقيقة الطابع التدريجي الذي تتحدث عنه الحكومة.
هل المغرب مستعد اقتصاديا لهذا الانتقال الذي شرع في تطبيقه اليوم؟
القرار لم يكن سياديا. لم تتخذه الحكومة أو وزارة الاقتصاد والمالية أو بنك المغرب. فقد اتخذ من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهاتان المؤسستان دفعتا الحكومة إلى اتخاذ هذه الخطوة، من أجل ضمان القروض التي توجد في ذمة المغرب، الذي تدرك تلك المؤسسان حجم الخطورة التي تحيق باقتصاده. القرار ليس إراديا، بل مفرض على المغرب.
إذا كان الوضع صعبا في ظل نمو هش، ومساهمة القطاعات غير الزراعية فيه لا تصل إلى 3 في المائة.. لماذا اتخذنا هذا القرار؟
يجب مراقبة الأسعار، في ظل تأكيد المندوبية السامية للتخطيط على انخفاض القدرة الشرائية للأسر المغرب. هذا ما يدفعني الاعتقاد أن تدبير الوضع الاجتماعي، في ظل الانتقال من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف المرن، يجب أن يتم بذكاء كبير، لذلك أتصور أن يجب خفض الضغط الضريبي عن الأسر، من أجل تفادي انفجار الوضع الاجتماعي.
ألن يكون من المفيد إعادة النظر في سياسة الأجور في المغرب، كما تدعو إلى ذلك النقابات في الحوار الاجتماعي مع الحكومة؟
الوضع الاقتصادي صعب، هذا ما يدفع إلى الاعتقاد بأن إمكانية الزيادة في الأجور غير واردة، وبالتالي، هناك خيار آخر، يتمثل في خفض الضرائب عن الأسر، بما يساعد علي تحسين قدرتها الشرائية.
هناك تخوفات من أن تفضي المرونة إلى التأثير على القدرة الشرائية للأسر المغربية. هل هذا وارد؟
المؤكد أن القدرة الشرائية للأسر ستنخفض بفعل مرونة سعر صرف الدرهم، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في المستقبل. ويجب أن أشير إلى أن التضخم الذي تعلن عنه المندوبية السامية للتخطيط، قد لا يعكس حقيقة ارتفاع الأسعار في المغرب.
والثابت أن الأسعار عند الاستيراد سترتفع، ستصيب المدخلات والتجهيزات، التي توظفها الشركات المنتجة، ما سيرفع أسعار المنتوج النهائي، كما ستطال المنتوجات النهائية المستوردة.
ونشير إلى أنه يجب مراقبة أسعار المحروقات المرشحة للارتفاع، على اعتبار أن المغرب يستورد كل حاجياته من النفط المكرر، خاصة بعد إقفال مصفاة "سامير".
ألم يكن من الأجدى الاستعداد لتفادي التداعيات السلبية للمرونة عبر توفير منتجات محلية؟
المشكل أنه لاتوجد بدائل محلية، وحتى إن وجدت، فإن المستهلك، يتهرب منها، بسبب ضعف جودتها. وأنا أعتقد أن المرونة ستفضي مباشرة إلي انخقاض قيمة الدرهم. وقد كان ممكنا، اللجوء إلي تخفيضات متتالية لقيمة العملة، كما يفعل بلد مثل الصين، دون اللجوء إلي المرونة.
هل تتوقعون أن يفضي هذا القرار إلى خفض عجز الميزان التجاري الذي مافتيء يتدهور في الأعوام الأخيرة؟
هذا القرار سيدفع الأسر إلى الكف عن شراء السلع المستوردة التي سترتفع أسعارها بفعل سعر الصرف المرن. فالسلوك العقلاني للمستهلك، سيدفعه سواء إلى خفض الكميات التي يقتنيها من السلع المستوردة أو شراء منتجات بديلة مصنوعة بالمغرب، علما أن المستهلك المغربي، يعتمد، بشكل مباشر أو غير مباشر، على المستورد.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00