مواطن

ستستفيد جمعية بحاير الدالية بمدينة تارودانت من دعم مالي يقدر بـ70 ألف دولار في إطار صندوق التراث الثقافي غير المادي التابع لمنظمة اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) من أجل حفظ تراث غنائي متميز.

مدينة تارودانت، تقع في الجنوب الغربي لجبال الأطلس الكبير، قريبة من حاضرة سوس، مدينة أكادير.. تختزن تراثاً نسائياً متفرداً يختلف عما يحيط بها في القرى القريبة، هو تراث تغنيه نساء منذ سنين في المناسبات الاجتماعية، وخاصيته أنه من النساء إلى النساء، ولا يكون إلا في حضرة النساء.

وستعمل جمعية، بحاير الدالية التي حصلت على هذا الدعم من اليونسكو بداية الشهر الجاري على حفظ هذا التراث المتنوع محلياً الذي يمارس من قبل النساء بالدارجة العربية، خصوصاً أنه كان في طريق الاندثار أمام انتشار موجة الأشكال الموسيقية الحديثة.

يضم هذا التراث الروداني عدداً من الأنماط، أشهرها “الكريحة” و”أحيدوس” و”شد الميزان” و”حوران” و”الحضرة”، وقد ساهمت الجمعية النسائية في تدوين هذه الأشعار والأغاني في كتاب سيصدر قريباً بعدما حصلت على مالي مهم من طرف اليونسكو.

وقالت هند الحسايني، رئيسة جمعية بحاير الدالية، في حديث لـ”مواطن”، إن الكتاب سيكون مشتركاً مع الباحث في التراث المشهدي مصطفى بن سلطانة، حيث سيحمل عنوان “روادنة.. حين غنت النسوة”، وهو أول كتاب يوثق لهذا التراث غير المعروف.

وأضافت الحسايني أن هذا الغناء له "يختلف عما هو معروف عن الشيخات في المناطق الأخرى، وهذا التراث الموجود في تارودانت غالباً ما تمارسه نساء كبيرات في السن، وإيقاعاته جميلة ويحمل صوراً شعرية جميلة ومتنوعة، وفرادته أنه بالعربية الدارجة.. لأن مدينة تارودانت رغم قربها من سوس إلا أن فيها قبائل ناطقة بالعربية الدارجة منذ زمن".

ويتذكر عدد من أبناء تارودانت اسم الشيخة فاطمة حجوب الملقبة بـ”مادا”، التي وافتها المنية سنة 1997، التي كانت تعتبر أكثر النساء إتقاناً وحفاظاً على هذا التراث المتجذر في الثقافة المحلية لساكنة تارودانت الجبلية.

وقد ساهم الجمعية في إحياء هذا التراث عبر جمع عدد من النسوة التي لا زلت يتذكرن الأشعار الغنائية، حتى أصبحت لدى الجمعية فرقة غنائية خاصة بتراث تارودانت، وباتت هذه النسوة تشاركن في مهرجان وطنية، كما تلقى الجمعية دعماً ومساهمة من طرف وزارة الثقافة.

وبموجب الدعم المقدم من طرف اليونسكو ستعمل الجمعية على تنظيم ورشات وندوات تحسيسية وتعريفية بهذا التراث، وأيضاً ورشات بحث حول تاريخه، إضافة إلى عمليات التوثيق والحفاظ على الطقوس والإيقاعات المرتبطة به.