يوسف لخضر من الحسيمة
في بداية عقدها الثالث، وجدت سليمة الزياني، أو كما يلقبها الحسيميون بالإسم الأمازيغي الجميل "سيليا"، نفسها وسط الحراك منذ بداية في أكتوبر من العام الماضي، لكن بعد اعتقال ناصر الزفزافي، تقدمت إلى الأمام إلى جانب رفيقتها نوال بن عيسى.
سيليا لا تزال في مقتبل العمر، لكن تملك حماساً كبيراً، فهي دائمة التنقل بين بلدات منطقة الريف المهمشة، من إمزورن إلى بني بوعياش وآيت قمرة ثم الحسيمة. في الأسابيع الماضية، أصبحت تخرج بشكل يومي إلى حي سيدي عابد وسط الحسيمة، للاحتجاج والمطالبة بإطلاق سراح رفاقها المعتقلين وتحقيق مطالب الساكنة.
يعرف سكان الحسيمة سيليا كفنانة ومسرحية، فهي تغني في دور الشباب والمهرجانات المحلية وأبدعت بالأمازيغية على خشبات المسرح رفقة فرقة “ترينكا”، غنت على وفاة محسن فكري، وغنت للحرية والسلام، وأنشدت للأطفال أغاني تراثية أمازيغية باللهجة الريفية.. لكن اليوم تعرف كأبرز وجوه الاحتجاجات في الريف، وقد انقطع صوتها على فيسبوك منذ أمس، بعد اعتقالها رفقة نبيل أحمجيق، من بين أبرز نشطاء الاحتجاج إلى جانب الزفزافيز
كانت سيليا تتابع الدراسات العليا في جامعة محمد الأول بوجدة في شعبة الدراسات الأمازيغية السنة الثانية، لكن بعد وفاة محسن فكري وتطور الأوضاع في الحسيمة ومشاركتها في الاحتجاجات جعل أمر اجتيازها للامتحانات أمراً صعباً، وأصبحت دائمة الحضور في الحسيمة إلى جانب رفاقها.
اعتلت سيليا منصة أمام الجماهير المحتجة بالحسيمة أكثر من مرة، ورددت شعاراتها بالريفية حول رفع الحكرة والتهميش، ونجحت بمعية رفيقتها نوال بن عيسى في كسر الصورة النمطية حول كون الأسر الريفية محافظة، ولا تقبل بوجود نساء في مثل هكذا احتجاجات.
احتجاج الحسيمة أعطى صورة واضحة عن سكان الريف، بقدر ما هم محافظون بعض الشيء، فهم واعون كل الوعي بالحراك، ويدعمونه سواء كانوا نساءً أو رجالاً أو شيوخاً أو أطفالاً، ويخرجون بالآلاف وراء نوال بن عيسى وسيليا الزياني، التي كسبت جمهوراً عريضاً من فوق خشبات المهرجانات الفنية.
في حديث قصير مع “مواطن”، تقول سيليا حول مشاركتها في الحراك: “المرأة الريفية كانت دائماً حاضرة في الحراك الشعبي، وهي من بين الأسباب التي جعلت الحراك يصمد.. والمرأة الريفية معروفة بكونها مقاومة عبر التاريخ التي عرفته المنطقة”.
وتضيف سيليا قائلة: “مطالبنا تهمنا نساء ورجالاً.. حين اعتقلوا ناصر الزفزافي اعتقدوا أن الحراك لن يصمد، لكن ذلك لم ينجح، تقدمت أنا ونوال بن عيسى إلى الواجهة لكي نتحمل مسؤوليتنا جميعاً، وحضورنا في الاحتجاجات لم يعارضه أحد، بل حضورنا عادي جداً، والدليل هو مشاركة الأمهات إلى جانب أبنائها بشكل يومي”.
وترى سيليا وهي تحكي عن مشاركتها إلى جانب أمهات المعتقلين: أن “المرأة عاطفية، وهذا ما يجعلها صامدة أكثر من الرجال، وما عشناه سنة 1958 جعلنا نؤمن أننا يجب أن نخرج إلى الشارع نساء ورجالاً”.
بدأت سيليا الغناء في سن مبكرة في أمسيات مدرسية وفي دور الشباب، وتعتبر أن فنها هو نضال في حد ذاته، ولقيت تشجيعاً كبيراً جعلها تؤسس فرقاً موسيقية مع أبناء الحسيمة. لم تقتصر في غناءها على الريفية، بل غنت أيضاً بالدارجة والقبايلية والأمازيغية.
ليست المرة الأولى التي تخرج سيليا إلى الشارع للاحتجاج، فقد كانت وجهاً معروفاً في ساحات النضال سنوات مضت، خصوصاً خلال حركة 20 فبراير سنة 2011، التي كانت قد عمت مدن وشوراع المملكة المغربية.
شأنها شأن أغلب القياديين في الحراك الريفي، تعتمد سيليا على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، لتمرير رسائلها للمحتجين ومن أجل التعبئة اليومين، على صفحتها أكثر 44 ألف متابع، وفيديوهاته الأخيرة شوهدت أكثر من خمسين ألف مرة.
02 juin 2019 - 20:00
08 mars 2019 - 23:59
08 mars 2019 - 17:30
08 mars 2019 - 14:30
26 février 2019 - 17:00
30 juin 2025 - 09:00