عبد القادر الفطواكي
يبدو أن بعض الأصوات التي تدّعي الدفاع عن الحريات الفردية اختارت الطريق الأكثر صدامًا مع المجتمع، ليس عبر النقاش الهادئ أو الطرح الفكري العميق، بل عبر تبنّي أفعال تثير الصدمة وتستفز المشاعر الدينية للمغاربة. آخر هذه الحالات، ما أقدمت عليه ابتسام لشكر بنشر صورة وهي ترتدي قميصًا يحمل عبارة مسيئة للذات الإلهية، مرفقة بتدوينة تحمل إهانة صريحة للدين الإسلامي.
المفارقة أن هذه التصرفات لا تضيف شيئًا لقضية الحريات التي يُفترض الدفاع عنها، بل على العكس، تُفرغها من مضمونها وتضعها في مواجهة مباشرة مع الرأي العام، الذي يرى في احترام عقائد الناس جزءًا لا يتجزأ من القيم الإنسانية التي ينادي بها العالم المتحضر.
كل هاته القناعات أعرب عنها وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، الذي أكد عبر بلاغ صحفي على أنه إثر قيام سيدة -إبتسام لشكر- بنشر صورة لها بحسابها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي تظهر فيها وهي ترتدي قميصا مكتوب عليه عبارات مسيئة للذات الإلهية وأرفقت الصورة بتدوينة تتضمن إهانة للدين الإسلامي.
حيث أمرت النيابة العامة بفتح بحث في الموضوع، ونضرا لضرورته تم وضع المعنية بالأمر تحت الحراسة النظرية طبقا للقانون، مع ترتيب الأثر القانونيّ المناسب علي ضوء نتائج الأبحاث فور انتهائها.
مرة أخرى، تعود ابتسام لشكر، المؤسسة لما يعرف بـ"الحركة البديلة للحريات الفردية"، إلى واجهة النقاش العمومي في المغرب، ليس من خلال مبادرة فكرية أو طرح مشروع إصلاحي، بل عبر خطوة مثيرة للجدل تمثلت في نشر محتوى رقمي تضمن إساءة صريحة للذات الإلهية.
المثير في الأمر، أن هذا الحدث ليس الأول في مسار لشكر والذي ارتبط طويلاً باستفزاز المشاعر الدينية للمغاربة، منذ قيادة ما سمي بحركة "مالي" الداعية للإفطار العلني في رمضان، وصولاً إلى حادثة "القبلة" الشهيرة، ثم اعتقالها سنة 2018 بتهمة السكر العلني والعربدة. في كل مرة، يبدو أن المسار واحد: البحث عن إثارة قصوى، ولو على حساب ما يقدسه المجتمع.
قد يختلف الناس حول قضايا الحريات الفردية، لكن المشترك بينهم جميعاً هو أن النقاش، حين يخرج عن إطار الحجة والمنطق إلى دائرة الإساءة المباشرة للمقدسات، يفقد قيمته ويتحول إلى صدام مجاني. هنا يصبح الجدل هدفاً في حد ذاته، لا وسيلة لتحقيق إصلاح أو تغيير.
إن المسألة في جوهرها لا تتعلق بشخص ابتسام لشكر وحدها، بل بنمط من الممارسات التي تراهن على كسر المحرمات الدينية والأخلاقية لتحقيق شهرة سريعة، متجاهلة أن المجتمع المغربي، بتاريخه وقيمه ودستوره، يضع خطوطاً حمراء واضحة في ما يتعلق بثوابته.
اليوم، وهي قيد الحراسة النظرية بأمر من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، بانتظار ما ستسفر عنه نتائج البحث، تبدو الصورة واضحة: من يختار الاصطدام بالمقدسات لا يربح في النهاية سوى المزيد من العزلة والرفض، حتى وإن كسب دقائق من الضوء الإعلامي الزائل.
23 juillet 2025 - 16:00
11 juillet 2025 - 19:00
24 juin 2025 - 08:00
16 juin 2025 - 12:00
23 octobre 2024 - 14:00
31 juillet 2025 - 15:56