عبد القادر الفطواكي
كشف المركز الأوروبي لتوقعات الطقس على المدى المتوسط، المعروف اختصارًا بـ (ECMWF)، أن المغرب يتجه نحو موجة برد قارس اعتبارًا من يناير المقبل، ووصف هذا التغيير المنتظر في الأحوال الجوية بالبلاد بأنه "تاريخي". وأعزى المركز هذا التحول إلى ظاهرة الاحترار المفاجئ للطبقة الستراتوسفير.
ما المقصود بظاهرة الاحترار المفاجئ لطبقة ا"لستراتوسفير":
الاحترار الستراتوسفيري أصبح نمطًا متكررًا في السنوات الأخيرة، وهو ظاهرة تتسم بارتفاع درجات حرارة طبقة "الستراتوسفير" فوق القطب الشمالي للأرض، والتي تعتبر هذه الطبقة الرئيسية الثانية في الغلاف الجوي. حيث تمتد من ارتفاعات تتراوح بين 8 و20 كيلومترًا وتصل إلى ارتفاع 50 كيلومترًا فوق سطح الأرض.
يمكن أن تؤثر طبيعة الظروف في هذه الطبقة على طبقة التروبوسفير، حيث تشكل السحب وتحتوي على معظم تأثيرات الطقس.
فيما يتعلق بالاحترار المفاجئ لهذه الطبقة في الغلاف الجوي، يشير الخبراء إلى أن ذلك لا يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض. بل، يُشكل ظهور "التيار القطبي"، وهو دوامة ضخمة من الهواء البارد جدًا تدور في حدود الدوائر القطبية الشمالية، كما يمتد هذا التأثير ليؤثر على مناطق أدنى الدوائر القطبية الشمالية مثل أوروبا وأميركا الشمالية، وقد يمتد إلى الوطن العربي.
في يناير المقبل، سيتدفق التيار البارد الناتج عن هذه الظاهرة باتجاه جنوب أوروبا وشمال غرب إفريقيا، الأمر الذي يعني أن المملكة وبعض دول المغرب العربي قد تشهد انخفاضًا كبيرًا في درجات الحرارة.
ارتفاع في طبقة "الستراتوسفير"... ظاهرة غير متوقعة:
من المتوقع أن تحدث ظاهرة الاحترار المفاجئة لطبقة "الستراتوسفير" على ارتفاع يقدر بنحو 30 كيلومترًا من سطح البحر فوق القطب الشمالي، حيث من المرتقب أن يؤدي هذا الاحترار إلى تكوين تيار قطبي ضخم، يُطلق هواءً باردًا. كما سجل المركز الأوروبي لتوقعات الطقس عن تأثير هذه الظاهرة المناخية المتوقعة على الحالة الجوية في عدة دول، بما في ذلك المغرب.
آراء المتخصصين وتحذيرات الحالة الجوية:
وتعليقا عن الموضوع، قال محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن موجة البرود ستصل للمغرب، قبل شهر يناير، ويحتمل أن تتواصل أثناء يناير.
وأوضح الخبير المناخي المذكور، بأنه رغم الانخفاض فوق عروضنا، ففي أوربا ستكون الحرارة أقل انخفاض عن المعتاد، وهذا سيعطينا منخفضات أو بؤر باردة فوق المغرب، مشيرا بأن هذه الظاهرة تنذر بعودة الأمطار، وربما ستكون بكميات مهمة وقوية.
وكانت جامعة بريستول البريطانية، قد أجرت دراسة نُشرت السنة الماضية بمجلة "جورنال أوف جيوفيزيكال ريسيرش"، قامت خلالها بفحص 40 احتراراً مفاجئاً في طبقة "الستراتوسفير" حدثت خلال 60 سنة مضت، وكان نحو الثلثين منها سبباً في موجات طقس بارد جداً اجتاحت أوروبا وشمال أميركا الشمالية وآسيا، مع تساقط كثيف للثلوج.
وخلصت الدراسة إلى أن الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ ظاهرة غير مفهومة بالكامل، لكن رغم ذلك فقد باث بإمكان الباحثين دراستها بدقة وتوقع موعد قدوم الموجات الباردة بسببها.
استعداد المواطنين والفلاحين لمواجهة التحديات الجوية :
مع اقتراب موجة البرد المتوقعة في يناير، يُنصح بضرورة اتخاذ المواطنين والفلاحين لتدابير احترازية جد مهمة، أهمها ارتداء ملابس دافئة وتجنب الخروج خلال فترات البرد الشديد، مع الاهتمام بحماية منازلهم من التأثيرات الجوية القاسية.
فيما يخص الفلاحين، يُنصَح باتخاذ إجراءات وقائية لحماية المحاصيل، بهدف التقليل من الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة المتوقعة.
تذكير بالموجات البرد السابقة ودور التغيرات المناخية :
يتجلى هذا التهديد المناخي في تشابهه مع الموجات البرد السابقة التي شهدتها أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا، كما يبرز أهمية الارتفاع المفاجئ في درجات حرارة الستراتوسفير، الذي يمكن أن يتسبب في تأثيرات كبيرة على الأحوال الجوية العالمية. عانت أوروبا سنة 2021، من موجة برد قوية، أدت إلى شلل في بعض المناطق بفعل تساقط الثلوج الكثيف وانخفاض درجات الحرارة القاسية.
02 avril 2024 - 10:00
22 janvier 2024 - 13:00
25 décembre 2023 - 20:00
20 décembre 2023 - 20:00
19 septembre 2023 - 10:00