إسماعيل الطالب علي
تكثر شكاوى المواطنين المغاربة من الساعة الإضافية، خصوصا وأن هذه الساعة تتعرض لكثرة التغييرات، وذلك عبر إضافة ساعة في نهاية مارس، والعودة للتوقيت الرسمي مطلع رمضان، أيضا زيادة ساعة في متمه، ثم العودة مع نهاية شهر أكتوبر إلى التوقيت الرسمي. في هذا الحوار مع محسن بنزاكور، أستاذ علم النفس الاجتماعي، نتعرف على قراءته لطريقة تعاطي المغاربة مع الساعة الإضافية.
في مطلع كل تغيير يهم التوقيت الرسمي تكثر شكاوى المواطنين.. فلما ذلك؟ وما انعكاسه؟
أولا نعرف بأن المجتمع المغربي من المجتمعات القليلة التي تقبل التغيير، ولهذا نجد استمرارية التقاليد بشكل أكثر عند المجتمعات الأخرى، وبالتالي فمجتمعنا يصعب عليه التغيير، وهذا من جملة التفسيرات الممكنة.
جانب آخر يرتبط بكون أن مجموعة من المواطنين حينما تحاورهم تجد أن تبريرهم ديني، مثلا يقولون بأن الصلاة هي مقياس التوقيت، وبالتالي فهذه الساعة التي تقدم نجد صعوبة فيما يخص قضية الصلاة.
إلى جانب ذلك هناك ما يرتبط بالعَدَاء، خصوصا من يتوفرون على أولاد يتمدرسون، يقولون بأن لنا أولاد يخرجون في أوقات مبكرة جدا، وأصبحنا نخاف عليهم، في غياب لأي ضمانات، وأنه ليس الكل له إمكانيات كما لا يملكون وسائل المواصلات.
هذه كلها مخاوف قد تبرر ردة فعل الرفض اتجاه الساعة الإضافية، وإن كانت اجتماعية مبررة، إلا أنها قد تصل إلى مرحلة الرفض لسبب آخر موضوعي غير هذه الأسباب التي أوردها الناس، وهو السكوت المطبق للحكومة حول التبريرات العلمية لإقناع المواطن بإضافة الساعة، وهذا هو الخطير جدا، لأن الإنسان لا يمكن أن يقبل على نفسه التغيير بدون مبرر.
على ذكر ما وصفته بـ "مبررات الحكومة" في إضافة الساعة، كيف ترى الأمر من وجهة نظرك؟
المبرر تقول الحكومة الطاقة، أين هي الأرقام؟ أين هي الاستفادة المباشرة بعد هذه السنين كلها؟ ثم يأتي في بعض الأحيان نقيض ما صرحت به، وهذا كان تصريح أحد الوزراء الذي قال بأننا نحن في علاقة مع أوروبا وبينهما مصالح، لهذا فنحن نلتزم بإضافة الساعة، هذا تبرير وليس تفسير، لأنه يزكي قضية التبعية أكثر مما يفسر طبيعة العلاقات. هذه من الأمور المباشرة التي قد تجعل غالبية المواطنين يرفضون الساعة الإضافية، وما ينتج عنها.
ثم هناك العامل النفسي، فالإنسان من الناحية البيولوجية أخذ مسافة بينه وبين الوقت على قضية الاستيقاظ أو النوم.. أو نسميه بالساعة البيولوجية، فهذا الأمر يستعصي في البدايات، لكن يستأنس بعد ذلك، وتصبح المسألة عادية جدا.
بعض الناس على الرغم من إضافة ساعة في التوقيف، إلا أنهم تجدهم ما يزال يتشبثون بالتوقيت القديم؟
في اعتقاد هؤلاء، فذاك هو المنطق السليم، لماذا؟ يقولون بأن هذه الساعة غدا سيتم تغييرها، إذن فلماذا يشغلون أنفسهم بها، وبالتالي تجدهم محتفظين بساعتهم وتوقيتها كما اعتادوا على ذلك، والمبرر في ذلك هو ديني محض ولا شيء آخر.كما أن هناك من الناس تسألهم كم الساعة يجيبونك "واش الساعة الجديدة ولا القديمة"، وهو ما يبرز التمسك بـ"الساعة القديمة" أو غير المتغيرة.
هل للفلاحين في علاقتهم بهذه الظاهرة آثار معينة؟
الفلاحون يقولون بأن مردود الحليب يقل بسبب الساعة المضافة، كيف ذلك؟، حتى فرنسا أثبتت دراسة علمية تجريبية لها، تقول بأن الأبقار عندما يتم إزعاجها قبل الوقت الطبيعي لها، يكون لها خلل في الساعة البيولوجية لها فينقص لديها الحليب. وبالتالي فنتيجة ذلك، فالفلاحون أيضا ضد فكرة إضافة ساعة في التوقيت.
وماذا عن الضغط النفسي وصعوبة الأداء في العمل؟
أي عملية كيفما كانت طبيعتها يجد الإنسان صعوبة للتكيف معها نفسيا وكذا جسديا، ونفس الشيء يقال على رمضان، ففي اليوم الأول في رمضان فالناس لا تتأقلم بسرعة.
وبالتالي فكل تغيير يقتضي مدة زمنية ونفسية للاستئناس، وهنا تظهر مسألة الاحتجاج أو الرفض وغيرها من الأمور، لكن السؤال الذي يمكن أن نطرح، ماذا بعد مرور شهر أو أكثر ويتم سؤال الناس؟! سنجد أنهم أصبحت عادية لديهم.
فمن الجانب النفسي يلقى المرء صعوبة في العمل وصعوبة في العلاقة مع الأبناء، وكذا الاستيقاظ والنوم، لأنه لم يتكيف بعد لا نفسيا ولا بيولوجيا مع الساعة الجديدة.
ولهذا هنا، فالإشكال الخطير جدا، هل العملية التي تقتضي قرارا عقليا محضا قد تثير في المغاربة هذا الجدل؟، لأن مسألة زيادة أو نقص الوقت هي محضة، لها آثارها على المستوى الاجتماعي وكذا النفسي، لكن في حقيقة الأمر الرفض يكون بما هو عقلي، هذا هو الرفض الكبير، لأنه لاحظنا حالات لأناس عند الحديث معهم يخبرونك بأن "راه هاد الساعة مابغيتش نفهمها"، وقد جسدها بشكل كبير "السكيتش ديال كبور" حول الساعة (واش الاثنين تولي الخميس واش الثلاثاء تولي الأربعاء)، وهكذا دواليك. هذه نكتة، ولكن تتضمن دليلا على أن كل ما هو عقلي مجرد يصعب على المواطن العادي أن يستسيغه.
كيف يمكن للمواطن أن يتماشى ويتأقلم مع زيادة ونقصان الوقت؟
أولا شيء، يجب الابتعاد عن الرفض، وأتحدث هنا عن الرفض النفسي؛ بمعنى ذلك الغضب الداخلي المتجسد حينما يقول المرء "هاد الساعة ماعندنا مانديرو بها"... وهكذا، ترديد مثل هذه الكلمات تجعله في وضع الرفض النفسي، الذي يكون مصحوبا بنوع من القلق والتوتر الذي لا مبرر له، لأنه سوف يدخل في الساعة مرغما وليس طواعية، وهذا يزيد من القلق.
ثاني شيء من الناحية العملية، أن الإنسان ينبغي عليه أن يستعد للساعة ليس كمفهوم ولكن كممارسة، بمعنى أنه فعلا يجب أن يحاول النوم قبل الوقت، وأن يستأنس بالنظام الجديد، لأنه أصبح ملزما به، وليس اختيارا.
مسألة ثالثة، تتعلق بنظام العمل بعد فقدان الساعة الأولى في اليوم الأول، بعد ذلك تصبح 24 ساعة هي نفسها التي يتم العيش فيها والأكل فيها و.. الخ، بمعنى أن يتم تجاوز اليوم الأول الذي يتم فيه فقدان ساعة، وسوف يعي الشخص بأن طيلة الأيام الباقية سوف يعيشها 24 ساعة كلها عادية. هذه الأفكار إن آمن بها المرء فقد تساعده.
في هذا الباب تحدثنا عن الكبار بما فيه الكفاية، فماذا عن انعكاس الساعة الإضافية على الأطفال؟
الطفل ليس معنيا بالساعة، لأنه في سنة معينة لا يدرك بعد الساعة وأبعادها، لكن قد يتأثر بردة فعل الآباء، وبالتالي سيكون تأثيرا غير مباشرا.
فإذا كانت الأم منفعلة أو الأب بسبب تغيير الساعة، قد يتأثر بها، مثلا، "كايجي الأب مارشقا ليه أو الأم في الصباح الباكر ويوقظه من نومه بالنرڤزة، أو يديه فالطريق وهو كاينڭر"، هذه أشياء لها تأثيرات غير مباشرة جراء ردة فعل الآباء والأمهات حول هذه الساعة الإضافية.
ثم أن كل هذا، ما هو إلا معايير ومقاييس مختلفة أساسها هو التغييب الكلي لاحترام المواطن حينما لا يفسر ما فائدة الساعة الإضافية موضوعيا وعلميا وبالأرقام. وهذا ما يمثل أساس هذه الارتباكات وتعدد الرؤى.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00