مصطفى أزوكاح
كيف سيتعامل المغرب مع الإرهابيين العائدين من سوريا والعراق؟ هل المملكة تتوفر على الوسائل للتعرف عليهم في الحدود؟ ما الأخطار التي يمكن أن تنجم عن عودتهم؟ أسئلة نلقناها إلى عبد الحق باسو، والي الأمن السابق، الذي كانت مسؤول عن مصالح الحدود في الأمن الوطني، والباحث بمركز السياسات التابع للمجمع الشريف للفوسفاط، فكان الحوار التالي:
مواطن:هل من مقاربة بلورتها المملكة من أجل التعاطي مع الإرهابيين المغاربة الذي يرتقب أن يعودوا من سوريا والعراق؟
عبد الحق باسو:لاتوجد وثيقة رسمية تبرز كيفية تعامل المغرب مع الإرهابيين العائدين. لكن نعود لطبيعة الأفعال التي أتاها هؤلاء، حيث يعتبرهم القانون المغربي مقترفين لجرم، وبالتالي، فإن المسطرة التي تسرى عليهم عند عودتهم، تتمثل في عرضهم على القضاء، سواء سلموا أنفسهم طواعية أو ألقي عليهم القبض. ويعود للقضاء آنذاك تحديد ما إذا كانوا متورطين في جرائم.
هناك مبادرات اتخذت في المغرب، عبر برامج تستهدف المتهمين بالأرهاب أو التطرف الذين يقضون العقوبة السجنية، حيث يراد من ورائها مساعدتهم على مراجعة أفكارهم المتطرفة، كما هناك محاولات لتكوينهم من أجل مساعدتهم على الاندماج في الحياة العملية.
في الوقت نفسه، يتبنى المغرب استراتيجية على مستوى الوقاية، التي ترعاها رابطة العلماء أو ما يجرى على مستوىا الأئمة الأئمة والمرشدين والمرشدات.
هل يتوفر المغرب على الوسائل التي تتيح له تحديد هوية هؤلاء العائدين على عندما يصلون إلى الحدود؟
أنا كنت مسؤولا سابقا في مصالح شرطة الحدود، وأعلم أن المغرب مؤهل، بما يتوفر لديه من وسائل تقنية وتكوين لرجال الأمن المغاربة، للتعرف على على الجهاديين العائدين عند وصوله إلى الحدود المغربية.
ولا يجب أن ننسى أن المغرب، منخرط في التعاون الدولي على هذا المستوى، الذي لا يمكن أن يتأتى بدونه التعرف على الجهاديين العائدين. فمثلا عندما يغادر أحد المقاتلين سوريا نحو تركيا، يساعد التعاون مع هذا البلد مثلا، على معرفة المسار الذي اتخذه.
وأتصور أن تضافر الوسائل التقنية والعنصر البشري المكون جيدا والتعاون الدولي، كلها عوامل تسهل على المغرب، التعرف على الجهاديين العائدين إلى المملكة.
إلى أي حد ساهم التعاون الدولي في إحباط عمليات إرهابية؟
لدينا انطباع بأن التعاون الدولي غير ناجح، لأننا لا ننظر سوى للعمليات الإرهابية التي وقعت، ونقول إن التعاون الدولي لا يؤتي أكله. هذا المنطق لا يأخذ بعين الاعتبار عدد العمليات الإرهابية التي أحبطت بفضل التعاون الدولي.
يجب أن ندرك أنه عندما تقع عملية إرهابية، فإن العشرات من العمليات تكون قد أحبطت قبل ذلك، بفضل التعاون الدولي، وأعتقد أن المخابرات المغربية و الأجنبية، يجب أن تتواصل حول تلك العمليات التي قاد التعاون الدولي إلى إحباطها.
ينتقد الأمن في البلدان بسبب وقوع عمليات إرهابية، لكن يجب أن نعلم أن هناك عمليات أحبطت لم يطلع عليها الجمهور.
ما هي المقاربة المثلى للتعاطي مع الإرهابيين الذين يعودون إلى المغرب؟
يجب أن يجري التعاطي مع الأمر حسب الحالات. فهناك أشخاص أضحوا متطرفين دون سبق إصرار منهم، فقد وجدوا أنفسهم متورطين ولم يستطيعوا العودة عن قناعات تسربت إليهم. وهناك أشخاص ترسخت الأفكار المتطرفة في أذهانهم ولم تعد ثمة إمكانية لتخليهم عنها. وهناك من تطرف لأنه شعر بالظلم مثلا وأراد الانتقام.
كل حالة من هذه الحالات تستدعي مقاربة مختلفة تتراوح بين العلاج النفسي و الردع. لا يمكن أن نتعاطى مع الجهاديين بنفس النظرة.
كيف ترسم صورة للجهادي المغربي؟
هناك من يشعر بالتهميش، ويترسخ لديه الاعتقاد بأنه مهمش. قد يكون فشل في مساره الدراسي ولم يحظ بشغل، لأنه قد لا يكون لا بذل مجهودا من أجل الحصول عليه.
وإذا ما نظرنا إلى الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية بسوريا والعراق، نكتشف أن أعمارهم تتراوح بين 25 و30 عاما، حيث تتجاوز أعمار أولئك الذين ينضمون للقاعدة، على اعتبار أن داعش مثلا تسمح باستقطاب المتزوجين الذين ينقلون معهم أطفالهم إلى حيث يوجد التنظيم. ونحن نلاحظ في المغرب أن أغلب الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق من شمال المغرب.
لماذا الشمال؟
هناك القرب بالنسبة لتطوان والفنيدق من سبتة. ونحن نعلم أن العلاقات بين المدن الثلاثة متصلة، حيث لا يمكن مراقبة الحدود، وأظن أن المتطرفين في سبتة لهم تأثير على الذين يتطرفون في الشمال. ومع ذلك لا يمكن إن نقول أن هذا السبب أو ذاك حاسم في مسلسل التطرف.
تتحدثون في كتاباتكم عن المنحرفين الذين يستقطبهم الإرهابيون. إلى أي حد هذا القول مثبت؟
هناك عدد كبير من المتطرفين الذين كانو منحرفين. ويحاول الذين يقومون باستقطاب هؤلاء استغلال إحساسهم بالذنب، ويعرضون عليه التوبة عبر الانضمام للتنطيم الإرهابي. وهؤلاء الأشخاص المنحرفون يعتقدون أنهم بالتحاقهم بتلك التنطيمات بأنه سيكفرون عما اقترفوه ويلقون الجزاء في الآخرة.
صحيح أن المغرب يسعى إلى إعادة تأهيل المتهمين بالإرهاب الذي صدرت في حقهم أحكام ويوجدون في السجون، لكن ما التحولات الأخرى الممكنة التي قد تطرأ على هؤلاء؟
أتصورأن من الأخطار التي يمكن أن نصل إليها، هي تلك المتعلقة باحتمال تعاملهم مع عصابات إجرامية، حيث سنسقط في الاستقطاب المعاكس. فقد كانت التنظيمات الإرهابية تستقطب بين المنحرفين، الذين تدربوا واشتد عودهم في سوريا والعراق، ويمكن أن تسعى، العصابات الإجرامية، إلى استقطابهم من السجون، لأن لهم خبرة كبيرة في مجال استعمال الأسلحة والهرب وتجنب المراقبة واستباق العمل الاستخباراتي الذي تقوم به الدول. وهذا يجب أن يستحضره الأمنيون، لأننا قد نشهد في المستقبل جرائم أكثر بشاعة.
تتحدث عن الأسرة والأقارب من أجل إقناع الجهادين العائدين بالعودة عن قناعاتهم المتطرفة، هل هذا ممكن في المغرب؟
عندما يتطرف الأشخاص يكونون واقعين تحت تأثير صديق أو قريب أو إمام مسجد في الحي.. وعندما نريد حمل شخص على التراجع عن قناعاته المتطرفة، يجب أن يتم ذلك في وسطه القريب أولا.
ويفترض عندما يلقى القبض على هؤلاء الأشخاص ويودعون السجون، أن نستحضر دور أسرهم، التي سيكون لها تأثير كبير في إقناعهم بالعودة عن الأفكار التي تدفعهم إلى التطرق.
هل عودة الإرهابيين وشيكة؟
هم يركزون اليوم على سوريا والعراق، رغم أنهم لن يبقوا جميعهم في هذين البلدين. منهم من سيرحل إلى أماكن هجرة مثل ليبيا والبلقان المستعدة لاستقبال هذا لنوع من الناس.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00