مصطفى أزوكاح
طويت صفحة عبد الإله بنكيران في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بعد ما لم يفلح في تولي رئاسة الحكومة للمرة الثانية، غير أنه بغض النظر عن حصيلة الرجل على الصعيد السياسي، فإنه فتح الباب، على المستوى الاقتصادي، أمام تكريس رؤى صندوق النقد الدولي، حسب ما يذهب إليه، الاقتصادي محمد الشيكر، الذي يرى، في هذا الحوار، أنه قاد سياسة اقتصادية بحثا عن شرعية دولية للحزب الإسلامي عبر الصندوق.
هل يتوفر حزب العدالة والتنمية على برنامج اقتصادي، وهل تمكن من بلورة رؤية في هذا المجال في عهد أمينه العام السابق عبد الإله بنكيران؟
عندما تنظر إلى حزب عبد الإله بنكيران في فترة عبد الإله بنكيران، تجد أنه لم يكن له أي منظور اقتصادي خاص به، كما هو متعارف عليه. وهذا يسري على الإسلاميين والإخوان المصرييين الذين حكموا مصر بعد الربيع العربي.
وإذا بحثت عن السبب، تجد أنه لا يأخذون بعين الاعتبار الطبقة الوسطي، فهم يؤمنون بوجود غني وفقير ولا توجد فئات أخرى بينهما.
وعندما تنظر إلى تصور عبد الإله بنكيران للاقتصاد تكتشف أنه بناه، كما العديد من الإسلاميين، على حديث نبوي، يشير إلي أن شخصا جاء عند الرسول عندما ارتفعت الأسعار وطلب منه أن يسعر، فأجابه «إن الله هو المسعر القابض الرزاق».
وهذا التصور يتطابق عند بنكيران مع اليد الخفية التي تحيل على صندوق النقد الدولي، وقد حدثنا إدريس الأزمي، عند ما حل بمركز عزيز بلال، بما قالته مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد لبنكيران، حيث اعتبرت أن الصندوق يستفيد من التدابير التي اتخذتها حكومته، وليس للصندوق أن يعطي أية نصائح لتلك الحكومة. ما يعني أنها تجاوزت انتظارات المؤسسة الدولية.
ولم ينتته أي أحد لهذا القول الذي افتخر به بنكيران مرة بالغرفة الثانية بالبرلمان، حيث أن بنكيران يؤمن بأن للغنى أن يزداد غنى، بينما تحدث صناديق للدعم للفقراء في إطار منطق يقوم على الصدقة.
لكن ألا يمكن اعتبار أن الطريقة التي جاء بها حزب العدالة والتنمية بعد الربيع العربي إلى الحكومة لم تسمح له ببلورة تصور اقتصادي خارج الصندوق؟
لا ما قلته يسري علي العدالة والتنمية وعلى الإسلاميين بصفة عامة، حيث يمكن اعتبارهم ليبراليين من الناحية الاقتصادية، بل إنه ليبراليين إلى أقصى الحدود التي يمكن تصورها. المسألة ليست لها علاقة بطريقة وصولهم إلي الحكومة.
طريقة وصولهم إلي الحكومة لا دخل له في التصور الاقتصادي، المبني لديهم على مفهومي الصدقة للفقراء والرزق بيد الله. وهم لا يفرقون بين الرزق وبين الكسب. وبالتالي، يلتقون مع اليد الخفية التي يؤمن بها صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر أشد المدافعين عن قانون السوق بدون حدود.
وهذا التصور تجلى في طريقة تعاطيهم مع صندوق المقاصة، حيث سعوا إلي تفكيك الدعم، ونحن نرى المستوى الذي وصل إليه سعر البنزين والغازول في ظل أسعار دولية متوسطة، ولكم أن تتصوروا المستوى الذي ستقفز إليه الأسعار في حال بلغ سعر البرميل سبعين أو مائة دولار.
ونحن نرى كيف «أصلحوا» التقاعد في الوظيفة العمومية، حيث لم يكونوا ينظرون سوى إلي الجانب المحاسبي القصير المدى، وهذا تم بعيدا عن مقتضيات الحوار الاجتماعي الذي كان يفترض أن يفضي إلى إصلاح متوافق عليه، خاصة أن النقابات كانت تطالب بتحسين الدخل ورفع الأجور، وهو لم يؤخذ بعين الاعتبار.
لماذا هذا التعلق بالصندوق لدى بنكيران وحزب العدالة والتنمية والإحالة على التنويه الذي كان يخص به سياسة الحكومة؟
كانوا يبحثون على نوع من المشروعية عبر صندوق النقد الدولي، لقد بحثوا عن «رضى» تلك المؤسسة من أجل دعم مشروعيتهم على الصعيد الداخلي. وهذا ما سعى إليه الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، وهذا وما حدث ويحدث بتونس اليوم.
ما تفسيركم لكون المقاصة والتقاعد جرى اتخاذ قرارات بشأنهما في عهد بنكيران وليس في عهد حكومات أخرى؟
الحكومات السابقة، كانت تخشى من المساس بالقدرة الشرائية للمغاربة. فعندما تنظر إلي الاستقلاليين مثلا، تجد أن لديهم فلسفة اقتصادية قائمة على التعادلية، وهم يستحضرون ذلك.
الإسلاميون لم يكن لهم أي تصور اقتصادي عصري، لذلك استلهموا توصيات صندوق النقد الدولي، ونحن نلاحظ أن الصندوق تراجع قبل الربيع العربي، غير أن الحكومات التي تولت الأمر بعد ذلك أحيته وعاد بقوة إلى المنطقة العربية.
لكن بنكيران كان يحكم في إطار تحالف، هل فرض عليهم تصوراته؟
يجب أن نرجع للدستور، حيث يتجلى أن التوجهات الاستراتيجية لا تتخذها الحكومة، والتي تلتقي مع توصيات صندوق النقد الدولي، غير أن المسألة ترتبط أكثر بالتطبيق. فمع بنكيران وجدنا إزاء رئيس حكومة يبحث عن المشروعية له ولحزبه، ومادام لا يحمل أي برنامج اقتصادية، وبما أنه لا يستحضر الطبقة الوسطني، فإنه استلهم توصيات صندوق النقد الدولي، وتفانى في تطبيقها، علما أنه لم تكن له قدرةعلى تمثل توصياته وأبعادها، فهو تبناها، لأنها تنسجم مع تصورالإسلاميين عن الاقتصادي، الذين يفكرون بمنطق الغني والفقير وفتح الباب أمام الأثرياء كي يزدادوا غني وتخصيص الصدقات للفقراء، ويسقطون الطبقى الوسطى من حساباتهم.
ونحن نرى كيف تعاطى مع الحوار الاجتماعي، الذي عطله على اعتبار أنه سيفيد الطبقة الوسطى، عبر تحسين الدخل والزيادة في الأجر.
وعموما فإن حزب العدالة والتنمية، ساعد عبر الشرعية الديقمراطية التي أغطتها له الانتخابات وخطابه "الإسلاموي" في تمرير قرارات، لم يكن تصور اتخاذها من قبل حكومات أخرى.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00