كوثر بنتاج
خلف الحادث الذي هز مدينة مراكش، الخميس الماضي، حيث راح ضحيته شاب في مقتبل العمر رميا بالرصاص، تخوفا لدى عدد من المواطنين، وفرضت أسئلة نفسها، حول تجارة السلاح، والترخيص بحيازته في المغرب، والجريمة المنظمة وغيرها من الاستفهامات، التي يجيبنا عليها في هذا الحوار عادل بلعمري، باحث في سوسيولوجيا الجريمة والحكامة الأمنية، بمركز دراسات الدكتوراه الإنسان والمجال في العالم المتوسطي بجامعة محمد الخامس بالرباط.
هل يؤثر حادث إطلاق أعيرة نارية بمدينة مراكش على الأمن بالمغرب وصورته لدى العموم؟
المنظومة الأمنية بالمغرب أكثر مناعة وقوة من أن تتأثر صورتها لدى الرأي العام الوطني من جراء حادث إجرامي عرضي يبقى جد معزول، لا على مستوى الزمان ولا المكان ومحدود بفعل الظروف والعوامل والتيارات المحيطة والمصاحبة لارتكابه، سواء من حيث الأدوات المستخدمة و حيز ونطاق التنفيذ، لأن الأدوات المستعملة في الواقعة الإجرامية بمراكش تبقى جد محدودة ولا تتوفر فيها أية مزايا أو قدرات تمكنها من التوسع، وهذا مرده أساسا لقوة النموذج الأمني المغربي الذي يعد نموذجا رائدا. ونقطة تميزه تعود إلى قدرته على التنبؤ الأمني الذي يعطيه القدرة على استشعار الأخطار الأمنية، والتنبؤ بوقوعها قبل حدوثها واقعيا، مما يمكن الأجهزة الأمنية من القيام من عمليات استباقية، ولهذا يعد التنبؤ الأمني أحد درجات الملاحظة والحس الأمني، والذي يشمل القدرة على إدراك المخاطر الأمنية المحدقة ومدى تطورها أو انحصارها، لذلك فالملاحظة والحس الأمني تسبق التنبؤ الأمني. هذا ومن جهة أخرى، فقوة المقاربة الأمنية بالمغرب لا تعتمد عامل الصدفة، وإنما تعتمد على مناهج وأساليب أمنية تقوم على أسس علمية ومنهجية تخص مجال البحث والتحري الأمني الاستباقي المخطط له والذي يراعي ثقافة حقوق الإنسان والحريات ويوفر كافة شروط وظروف وضمانات المحاكمة العادلة التي باتت تكفلها غالبية القوانين والدساتير الكونية والتي نص عليها دستور المملكة لسنة 2011، والقاعدة العامة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، هذه القاعدة التي تبنتها ونصت عليها جميع الإعلانات المرجعية الأممية لحقوق الإنسان، والدساتير والقوانين الجنائية الحديثة.
هل يهدد واقع الإجرام، بهذا الشكل، استقرار وأمن الأفراد؟
إطلاقا، فجريمة يوم الخميس لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تهدد أمن و استقرار الأفراد، لأنها لا تخرج عن نطاق دائرة الإجرام التقليدي. وما يؤكد هذه الأطروحة أنها أخذت بعدا محليا ضيق النطاق وهو مقهى "La crème" بمدينة مدينة مراكش، مما سهل على رجال الأمن التعرف على نوع الجريمة، والأسلوب الإجرامي المتبع والمستخدم فيها وعلى مرتكبيها وتجميع الأدلة الجنائية من مسرح الجريمة الدالة على وقوعها. هذه المعطيات ساعدت في الكشف عن أبعادها وضبط مرتكبيها بأقل تكلفة. نعم التخوف يمكن أن يكون ذا معنى عندما يتعلق الأمر بالجريمة المنظمة التي تتسم بالتكلفة العالية، من حيث التخطيط لارتكابها أو حجم الخسائر الناجمة عنها، وهو ما يسمى بالتكلفة المباشرة، على مستوى جهود ونفقات الأجهزة المنوطة بها من أجل القيام بأعمال الضبط والتوقيف، وهذا ما يسمى بالتكلفة غير المباشرة للاجرام.
من بين الجرائم الحديثة التي تسبب تكلفة مباشرة وغير مباشرة نذكر، على سبيل المثال لا الحصر، جرائم غسل الأموال بكيفية إلكترونية، وجرائم القرصنة والاحتيال الإلكتروني، وجرائم المضاربة في البورصة، والجريمة الإرهابية، كل هذه الجرائم تؤدي إلى إحداث خسائر اقتصادية كبيرة تؤدي إلى خلق عدم استقرار بالأسواق المالية والاقتصادية، وهذا له كلفة غير مباشرة تتمثل في وسائل الإثبات على مستوى النظم الإلكترونية، بغية الكشف عن الآثار المتعلقة بمسارها واتجاهاتها، وهو الأمر الذي يتطلب إعداد خبراء وتقنيين من ذوي الكفاءة العالية في المجال التقني للقيام بهذا الأمر، بالإضافة إلى ذلك فإن التعرف إلى مرتكبي هذه الجرائم، وملاحقتهم دوليا نظرا لتميز البعض بالعابرة للحدود، هذا يتطلب وجود تنسيق وتعاون أمني على أعلى مستوى بين مختلف الهيئات الأمنية، وهذا يتطلب إبرام اتفاقيات دولية من أجل تبادل المعلومات على المستوى الاستخباراتي والأمني بين الدول.
هل يمكن الحديث عن تنامي الجريمة باستعمال السلاح الناري بالمغرب؟
أريد التأكيد على مسالة عدم تنامي الجريمة باستعمال السلاح الناري بالمغرب، لأنه ليس هنالك تنام لهذا النوع تحديدا من الجرائم، فباستثناء جريمة حي كاليفونيا بمدينة الدار البيضاء التي استعملت فيها فقط بندقية صيد، بخلاف ذلك تظل جرائم السلاح الناري بالمغرب شبه منعدمة، لذا يجب على وسائل الإعلام أن تتحرى الدقة في تناولها للمحتوى والمتن الإجرامي. للأسف لاحظنا أن شبكات التواصل الاجتماعي، وبعض المواقع الالكترونية، بالغت مؤخرا في نشر أخبار وفيديوهات الجرائم وصور الضحايا والجناة، وواكبت أطوارها، مما يولد، وهذا شيء طبيعي، حالة من الشعور باللاأمن لدى الرأي العام. نعم أنا مع ضرورة إعلام الرأي العام بالجرائم المرتكبة، والتدابير القضائية المتخذة ضمانا لمبدأ رقابة العدالة الجنائية، ليتمكن الرأي العام من توجيه المشرع نحو مواكبة وتكييف القوانين الجنائية وفق التحولات والمستجدات التي يعرفها المجتمع المغربي، لكن أيضا في الوقت نفسه، نلاحظ من خلال متابعتنا اليومية أن الصحف والمواقع الالكترونية أصبحت تعمد إلى تخصيص أعداد كبيرة مخصصة لنشر ومتابعة الجرائم في سبيل تشويق القارئ والمشاهد عبر جذب انتباهه من خلال العناوين المثيرة في وصف الجريمة وأساليب ارتكابها، بل إن بعض المواقع لا تلتزم الدقة التامة في هذا الخصوص ولا تقتصر على سرد الأخبار الحقيقية، وإنما تعمد إلى إضافة وقائع من وحي خيال المحرر بغرض إثارة مشاعر الجمهور، ما من شأنه أن يحدث إيحاء لا يقوى على مقاومته الأحداث والبالغون الذين تحيط بهم ظروف خاصة قد تسهل عملية انقيادهم إلى السلوك الإجرامي بدافع التقليد، وشخصيا لا أستبعد أن يكون سيناريو جريمة مراكش مستوحى من احد الأفلام أو البرامج الإعلامية التي تتخذ من الجريمة موضوعا لها.
هل لديك فكرة عن تجارة الأسلحة في المغرب أو المحلات المرخص لها بيعها؟
عملية بيع وشراء الأسلحة بالمغرب تبقى مؤطرة بمسطرة قانونية تسمى قانونا برخصة حمل السلاح الخفي، وينظمها سند قانوني وهو الظهير المؤرخ بتاريخ 31 مارس 1937، المتعلق باستيراد وتجارة وحمل وحيازة الأسلحة والعتاد الذي ينظمه (الفصل 15)، ناهيك عن الظهير رقم 1.58.286 المؤرخ بتاريخ 2 شتنبر 1958، حول زجر مخالفات القانون المتعلق بالأسلحة والعتاد والمتفجرات إضافة إلى الظهير الشريف رقم 1.02.297 الصادر في 3 أكتوبر 2002، بتنفيذ القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي وسيما المادة 49 منه، الذي يخول للسلطة الإدارية المحلية المختصة ترابيا في شخص السلطة الإدارية المحلية المختصة ترابيا وهي إما وزارة الداخلية (المديرية العامة للشؤون الداخلية) أو الإدارة العامة للأمن الوطني أو مديرية الاستعلامات العامة و التقنين أو مصالح الدرك الملكي، حيث تتلقى هذه المصالح طلبات المواطنين الراغبين في الحصول على رخصة حمل السلاح الخفي حيث الوثائـق المطلوبة لإنجاز المسطرة والمتضمنة في طلب محرر على ورق متنبر، نسخة من شهادة السوابق أو نسخة من السجل العدلي، أربعة صور فوتوغرافية، نسخة من عقد الازدياد، نسخة من بطاقة التعريف الوطنية، وعد بالبيع مسلم من طرف تاجر الأسلحة ورسم جبائي من فئة 200 درهم والمدة الزمنية لإنجاز هذه المسطرة هي ما بين ما بين 10 إلى 15 يوما.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00