عبدالقادر الفطواكي / مواطن
شهدت الساحة السياسية المغربية خلال الفترة الأخيرة من السنة التي ودعناها عددا من الأحداث والمستجدات التي كان لها تأثير جد إيجابي على مسير القضية الوطنية الأولى للمغرب والمغاربة ملف الصحراء المغربية. بدات بتدخل الجيش المغربي في منطقة الكركرات، بتاريخ 13 نونبر المنصرم، حيث تمكنت عناصر القوات المسلحة الملكية، في ظرف وجيز وبحنكة كبيرة من استعادة حركة النقل المدني، والتجاري بين المغرب وموريتانيا، وإنهاء تحرشات “البوليساريو”، التي فر مرتزقتها كالجرذان خوفا من بطش الجنود المغاربة.
تاريخ الـ 10 من دجنبر المنقضي، زف كذلك خبرا سارا لعموم الشعب المغربي، وذلك باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية. وذلك خلال اتصال هاتفي للملك محمد السادس مع دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أخبره عبر الأخير ملك المغرب بأنه أصدر مرسوما رئاسيا، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، تعترف فيه أمريكا بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه، وعزمها فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة.
كما قرر المغرب خلال نهاية السنة التي ودعنها استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وتبعا لذلك وقع المغرب وإسرائيل وأمريكا، في الرباط، اتفاقا ثلاثيا بينهما يعد بمثابة خارطة طريق ستشتغل عليها الدول الثلاث في المرحلة المقبلة.
لتحليل أبعاد هاته الأحداث السياسية التي شهدها المغرب، كان لنا هذا الحوار مع المحلل السياسي والخبير الباحث في ملف الصحراء نوفل بوعمري والذي تحدث لنا عن أبعاد وخلفيات كل هذه المستجدات التي عاشها المغرب نهاية السنة المنصرمة.
- ماهو تعليقكم على بيان هيومن راتش ووتش حول القرار الأمريكي الأخير وبخصوص العملية الأمنية التي قام بها الجيش المغربي في الكركرات؟
أولا بيان "هيومن رايتش ووتش"،هو بيان بحمولة سياسية أكثر منها حقوقية، وهو بيان تم صياغته بعقلية الفاعل السياسي المعارض المتموقع في النزاع لصالح البوليساريو ضد المغرب.
وبالعودة لمضمون هذا البيان، فإننا نجد كملاحظة أولية أن مضامينه حاولت التاثير على الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال محاولة دفعها للتراجع والتشويش على قرارها السيادي المتعلق بالاعتراف بمغربية الصحراء، و هو قرار سياسي لا تأثير له على وضعية حقوق الإنسان حتى تتدخل هذه المنظمة و تصدر بلاغها في الموضوع.
إن مسألة الاعتراف هي مسألة تتعلق بمجال سياسي يتعلق بالعلاقات بين الدول ولا يمكن لمنظمة ندعي أنها تشتغل في مجال حقوق الإنسان أن تتدخل فيها، بحيث أن هذا التدخل يجعل من المنظمة تنتقل من الفعل الحقوقي إلى السياسي و هو ما تجلى في هذا البيان.
بالإضافة إل كل هاته النعطيات، فإن البيان المذكور ، حاول التحايل على واقعة التدخل الأمني المغربي في الكركرات،و هي واقعة تتعلق بتدخل جاء من أجل حماية حقوق المدنيين الذين ينقلون عبر هذا المعبر و الذين تعرضوا لانتهاك حقوقي المتجلي بحقهم في التنقل، و في ضمان سلامتهم، و إذا كانت حقا هذه المنظمة تحترم نفسها، لانبرت للدفاع عن أحقية التدخل الأمني المغربي لانه مؤطر بحماية حقوق أساسية للمدنيين لا علاقة لهم بالنزاع في الصحراء المغربية.
كما أن البيان قدم مغالطات حقيقية تتعلق بوضعية بعثات حفظ السلام، حيث ادعت فقرات أن جل البعثات لها مهمة توسيع مهمة المينورسو، في حين أنه من أصل 17 بعثة، سبع منها فقط لها مهمة مراقبة حقوق الإنسان،و هي البعثات السبع المتعلقة بمناطق خاضعة للقانون الدولي الإنساني، عكس منطقة الصحراء فهي تخضع للقانون الدولي لحقوق الإنسان،و الفرق بينهما شاسع و واضح من حيث الأثر القانوني لكل وضعية قانونية. فالاولى تتعلق بالمناطق التي تعيش حالة حرب و هي غير موجودة في الأقاليم الصحراوية الجنوبية، و الثانية تتعلق بمناطق تكون الأولوية فيها لحماية حقوق الإنسان و النهوض بها و هو ما تقوم به المؤسسات الوطنية من خلال المجلس الوطني لحقوق الإنسان و لجانه الجهوية في الصحراء المغربية.
- ماهي المكاسب السياسية والاقتصادية التي يشكلها الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه وفتح قنصلية بالداخلة؟
المكاسب هي متعددة، و مختلفة منها ما هو سياسي مرتبط بالنزاع فالموقف الأمريكي سيقوي وجهة النظر المغربية لحل النزاع، و هي وجهة نظر أصبحت تحضى بالكثير من الدعم الدولي و الأممي خاصة و أن الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة القلم الذي يصوغ مسودة مرور القرار حول الصحراء الذي يتم تقديمه للمناقشة بمجلس الأمن، بمعنى أن الموقف الأمريكي سيكون له وقع إيجابي على الأمم المتحدة و على مجلس الأمن و العملية السياسية ككل التي تنتصر للحكم الذاتي.
على المستوى الدبلوماسي فالولايات المتحدة الأمريكية قررت فتح قنصلية لها في الداخلة َ هي القنصلية التي ستكون إضافة للدبلوماسية المغربية و للمنطقة نظرا لطبيعة القنصلية باعتبارها قنصلية لإحدى أقوى الدول في العالم و المؤثرة في مجرياته السياسية و الدبلوماسية مما سيضيف للمنطقة بعد دبلوماسي قوي.
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت انها ستستثمر في المنطقة نظرا لما توفره الصحراء من إمكانيات طبيعية و بشرية و نظرا لموقعها القريب من موريتانيا و بوابة أفريقيا، نظرا لكل ذلك فالولايات المتحدة الأمريكية ستقيم مشاريع لها في الأقاليم الصحراوية الجنوبية مما ستساهم في تنميتها و في خلق فرص شغل مهمة بها.
- هل سيمهد إعادة المغرب لعلاقاته مع إسرائيل في تحصيل المزيد من المكاسب لقضية الصحراء المغربية وكيف؟
من المعلوم أن المغرب سبق له أن أغلق مكتب الاتصالات الاسرائيلي سنة 2002 أثناء الانتفاضة الثانية، و اليوم وبعد حوالي عشرين سنة تعيد الرباط فتح المكتب و تقرر إعادة العلاقة بين البلدين إلى السكة الطبيعية، و هي عودة وضعها المغرب في إطارها و قالبها الصحيح، علاقة متوازنة بين فتح المكتب و بين استمرار المغرب في تبني نفس المواقف من القضية الفلسطينية إذ اعلن عن ذلك في بلاغ للديوان الملكي ثم في الاتصال مع محمود عباس و أكد على مواقفه مباشرة لدى نتنياهو.
بخصوص انعكاس عودة هذه العلاقة على قضية الصحراء لابد من التأكيد أن المغرب لم ينتظر عودة الاتصالات لتحقيق مكاسب تتعلق بالقضية الوطنية بل المغرب بدأ في تحقيقها منذ سنة 2007 عندما تم الاعتراف من طرف مجلس الأمن بجدية المقترح المغربي وصولا الي تبني المعايير الجديدة للحل السياسي من طرف الأمم المتحدة التي تتمثل في دعم مبادرة الحكم الذاتي، لذلك من الصعب الربط بين عودة الاتصالات و تحقيق مكاسب سياسية مستقبلية، عودة الاتصالات اقتضتها ظروف مرتبطة بالاتفاق الذي تم مع الولايات المتحدة الأمريكية و اقتضتها كذلك المعطيات المتعلقة بجمود العملية السياسية و التفاوضية بين فلسطين و اسرائيل،لذلك يمكن القول أن المغرب و عودة هذه العلاقة قد تعود بالنفع على منطقة الشرق الأوسط من خلال الدور الذي سيقوم به المغرب لإطلاق مفاوضات جديدة، جدية بين الفلسطينيين و الاسرائيليين،لذلك اذا كان هناك من نفع فهو نفه سينعكس على اسرائيل و فلسطين َ ليس العكس.
- ما تعليقكم على الخرجة الإعلامية المضحكة للتلفزيون الجزائري والذي أراد الترويج لعمليات قصف مفترض متبادل بين الجيش المغربي ميليشيات البوليساريو؟
الإعلام الجزائري هو اعلام يعكس فشل سياسي و نهاية مشروع بومدين، الذي انتهى إلى أن يتحول لمشروع للهيمنة و الاستبدال داخل الجزائر و محاولة جر المنطقة للفوضى و للانزلاق.
لذلك فما تعيشه الجزائر من فوضى و من تيهان سياسي انعكس في طريقة مهاجمتهم للمغرب التي أظهرت أن صانعي المحتوى الإعلامي الجزائري هم مجموعة من البلداء يقودون إعلاما منهارا ليس له ما يقدمه غير تزوير الحقائق و تحريفها، لذلك فالوضع هو مؤلم، أن تشاهد بلد بحجم الجزائر ينتهي لهذا الوضع و في يد مجموعة من الجنرالات الذين لهم كامل الاستعداد لجر المنطقة للإنزلاق و التدمير فقط ليستمروا في الحكم رغم رفض الشعب الجزائري لهم.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
01 novembre 2024 - 16:00
07 novembre 2024 - 12:00