عزيز بوستـة
تتحدثون عن الدخول السياسي؟ لكن صداه يُسمع بشكل قوي منذ حوالي شهر تقريبا، وتحديدًا عندما خرج رئيس الحكومة بتصريح في الـ 10 من شهر شتنبر الماضي، ثم بشكل أوضح مع الحراك الاجتماعي الذي يطبع يوميات المغاربة منذ أسبوعين. ومع ذلك، وفي إطار احترام الدستور والمؤسسات المرتبطة به، فإن الدخول السياسي الفعلي يمر عبر البرلمان أيضا، حيث يعطي الملك إشارته من خلال خطابه أمام المؤسسة التشريعية.
منذ أيام، بل منذ انطلاق حركة "جيل z"، ينتظر المراقبون والمحللون الخطاب الملكي في البرلمان، ويراهن البعض على أن يحمل إشارات أو قرارات للخروج من الأزمة. لكنه تصور غير دقيق لطبيعة الأمور في المغرب. فقد البعض سارع إلى مقارنة هذا الخطاب المرتقب بخطاب 9 مارس 2011، الذي كان خطابا استثنائيا مخصصا للرد على حركة 20 فبراير، وجاء بعد ثلاثة أسابيع من أولى التظاهرات. أما خطاب افتتاح البرلمان فهو ذو طبيعة مغايرة: خطاب عادي، بروتوكولي، كان مبرمجا منذ وقت سابق، ومؤطر دستوريا.
من المعلوم أن للملك محمد السادس "موسم خطابات" يبدأ في 30 يوليوز وينتهي في 6 نونبر من كل سنة؛ أما باقي الفترات، فعندما يتخذ قرارا أو يوجه توجيها، فإن الإعلان عنه يمر عبر رسالة أو بلاغ. وفي 2023، تقرر حذف خطاب 20 غشت التقليدي، مما جعل الخطابات الرسمية السنوية ثلاثة فقط. غير أن خطاب افتتاح البرلمان خطاب يتميز بكونه منصوصا عليه في الفصل 65 من الدستور، ويمنح كل الجدية للعمل التشريعي، إذ يُفترض أن يضفي عليه صفة الصرامة. ووفق التقليد، يقدم رئيس الدولة خلاله توجيهاته، ملاحظاته، أو حتى انتقاداته الشديدة للحكومة والبرلمانيين ورؤسائهم.
ولا أحد يعرف مسبقا مضمون الخطاب، ولا يمكن التنبؤ إن كان سيتفاعل مع الأحداث الجارية. لكن، استنادا إلى طريقة عمل الملك محمد السادس، من المرجح أن يكتفي بتوجيه إشارات عامة تسارع الطبقة السياسية إلى تنفيذها. أما الدخول في حوار مفصل ومباشر مع الشباب فلن يكون على الأرجح ضمن فقرات هذا الخطاب، انسجاما مع منطق المؤسسة الملكية وطبيعة أسلوب الملك.
من المحتمل، وإن لم يكن مؤكّدا، أن يتناول الخطاب قضية "المغرب بسرعتين" التي ندد بها الملك في 29 يوليوز الماضي، وهي المعضلة التي فجّرت غضب الشباب (وغير الشباب). وقد يعيد الملك التطرق إلى هذه الازدواجية التي يعيشها البلد بين حكومة من جهة، وشعب من جهة أخرى.
وعليه، لا ينبغي انتظار خطاب صريح وقوي موجه مباشرة إلى حركة "جيل Z". فخصوصية المغرب تكمن في زمنه السياسي المختلف، حيث الحياة المؤسساتية مرتبطة بدورات انتخابية، بينما يتحرك الملك وفق "الزمن الملكي"، وهو إيقاع خاص لا تحده ولاية انتخابية.
في الظرفية الحالية، يحتج الشباب، ومعهم جزء من الشعب، ضد ظروف المعيشة، غلاء الأسعار، ضعف التعليم العمومي، تدهور المستشفيات، وسوء الحكامة. وفي وثيقة مطلبية من 11 صفحة، عرضت حركة "جيل z" صورة قاتمة عن وضع البلاد، مستندة إلى الدستور، والنموذج التنموي الجديد، وتقارير مؤسسات الحكامة. وهو ما يفسر ارتباك الحكومة والبرلمان في البداية، قبل أن يغيرا موقفيهما جذريا إلى نهج خطاب تبريري وتواصلي، وصل أحيانـا إلى جلد الذات، وكل ذلك في سياق من التسرع.
لكن، في حالة "البلوكاج"، اعتاد الملك أن يستجيب لمطالب المغاربة بأساليب مختلفة، كل مرة بطريقة جديدة. وسيكون من الضروري، بعد هذا الخطاب المؤسساتي، ترقب القرارات الفعلية لجلالة الملك. ويُذكر هنا كيف تعامل تدريجيا مع أحداث الريف، وكيف تدخّل لاحقًا في قضية دعم أسعار اللحوم، مسندا الملف إلى وزير الداخلية.
بطبيعتهم، يملك شباب "الجيل z" بالمغرب كل الوقت، بينما يتصرف الملك وفق "زمن ملكي" خاص به. ولتجنب أي خيبة أمل، وإعمالا للحكمة، يجب ترك سير الأمور للأيام القادمة ونمنح الوقت حقه...
09 octobre 2025 - 17:15
09 octobre 2025 - 14:00
09 octobre 2025 - 12:15
08 octobre 2025 - 11:00
07 octobre 2025 - 18:30
02 octobre 2025 - 00:30