إسماعيل الطالب علي
في وقت ما يزال يعرف فيه المغرب تصاعد منحى عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تطرح عديد من التساؤلات حول ما إذا كانت الحالة الوبائية "القلقة" تستدعي إجراءات مشددة للحيلولة دون وقوع أي "انفلات وبائي".
موقع "مواطن" تواصل مع الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، في هذا الشأن، فكان هذا الحوار:
مواطن: بداية، ما أسباب ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الآونة الأخيرة؟
الطيب حمضي: هذا راجع إلى عدة عوامل، أبرزها عدم احترام الإجراءات الاحترازية كسبب رئيسي في هذا الارتفاع، والذي إذا استمر الوضع كما عليه الآن من المنتظر أن يزيد عدد الحالات بشكل كبير في المستقبل.
عامل آخر، أن المواطن المغربي لا يعرض نفسه للفحص الطبي مباشرة بعد ظهور أعراض الفيروس عليه، ما يزيد من إمكانية انتقال العدوى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن "اختبارات كورونا" كانت تستعمل في البداية بشكل كبير في استهداف الأشخاص من داخل الوحدات الصناعية والتجارية من معامل وغيرها، وهي طريقة مهمة في معرفة مرحلة الوباء، إلا أن هذه الطريقة مهمة بالنسبة للدول التي لها القدرة على الاختبارات، أما بالنسبة للدول التي لها قدرة محدودة كالمغرب يجب تركيز الاختبارات على الأشخاص الذين ظهرت عليهم الأعراض ومخالطيهم.
جانب آخر يتعلق بالمنظومة الصحية، حيث لديها تأخر في الوصول أولا للحالات المشكوك في إصابتها بالفيروس أي التي ظهرت عليها أعراض، وتأخر الوصول أيضا إلى منخرطي المصابين، إلى جانب التأخر في القيام باختبارات الكشف عن الفيروس، وكذا ما يتعلق أيضا بالتأخر في إعلان نتائج الفحوصات.
ألا تعتقد أن المغرب ليس وحده الذي يعيش هذا النوع من التأخر؟
هذا التأخر، لا ننكر أنه موجود في العالم بأسره، بحيث لا وجود لدولة مستثناة من هذا الأمر، ولكن عندنا نسبة التأخر مرتفعة، وذلك راجع لكون أننا لا نملك قوة في توسيع عدد اختبارات الكشف عن الفيروس، حيث على سبيل المثال إذا كان المغرب يقوم بـحوالي 140 ألف اختبار في الأسبوع فإن فرنسا تقوم بحوالي المليون اختبار.
وبالتالي، إذا استطعنا الوصول إلى أي مواطن مغربي ظهرت أي من أعراض الفيروس والقيام بالكشف عنه وإظهار نتيجته في وقت وجيز، سنكون قد كسرنا حاجز انتقال العدوى. لكن بخلاف ذلك إذ ظهرت عليه الأعراض وتأخر الكشف عن نتائج الاختبار نكون قد ساهمنا في توسيع دائرة انتشار الوباء.
فضلا عن عدم الوصول إلى الشخص الذي ظهرت عليه العدوى بشكل سري، فإن تأخر ظهور نتائج الاختبار يساهم في وصول المصاب إلى المستشفى في مراحل متأخرة مما يساهم في ارتفاع عدد الوفيات.
لذلك، إذا لم يتم احترام الإجراءات الحاجزية، وإذا المنظومة الصحية لم تجد الحلول الضرورية من أجل الوصول بسرعة إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذي ظهرت عليهم الأعراض ومخالطيهم، مع كامل الأسف سيكون عدد الإصابات مرتفعا ومعه عدد الوفيات.
ونحن أمام هذه الأرقام التي يمكن اعتبارها "مفاجئة".. هل كان منذ البداية يُتوقع أن يصل المغرب إلى هكذا حالات؟
شخصيا، قبل الشروع في رفع الحجر الصحي، سبق أن قلت إنه إذا رفعنا الحجر الصحي بدون إجراءات حاجزية ستكون لدينا مشاكل كبيرة، وصرحت بأن المغرب مقبل على منطقة زوابع كبيرة، وبأن شهر غشت ستكون هناك حالة وبائية ساخنة.
معنى ذلك، أن كل ما وصلنا إليه الآن لا يشكل عنصر مفاجأة؛ بل كان منتظرا، وهذه الأرقام المرتفعة ليست بالمهولة مقارنة بالمشاكل المرتبطة بعدم احترام الإجراءات الحاجزية وتأخر المنظومة الصحية.
في نظركم، ما هي الحلول التي ترونها ممكنة للحد من هذه الأرقام؟
أولا وبشكل أساسي وضروري، لا بد من احترام الإجراءات الحاجزية من كمامات وتباعد اجتماعي، وتطهير اليدين، وتهوية الأماكن المغلقة.. لماذا؟ لأن هذه الإجراءات إذا لم يتم القيام بها، فإنه من المستحيل التحكم في الوباء وإن كانت لدينا منظومة صحية متكاملة من جميع الجوانب.
من جملة الحلول كذلك، يجب الرفع من قدرة الكشف، في مقابل السرعة للوصول إلى المواطن المصاب وكذا السرعة في الكشف عن النتائج.
كيف يمكن تحقيق ذلك؟
على الدولة أولا كما قلنا سابقا أن ترفع من قدرتها على الفحص، وأن تقوم بشراء "اختبارات كشف كوفيد19"، ومع ذلك فإن الدولة لا تتوفر على مختبرات في جميع ربوع المملكة الأمر الذي يصعب المهمة، ما يتطلب الاستعانة بمختبرات القطاع الخاص.
وفي هذا السياق، نستحضر المذكرة الأخيرة الصادرة عن وزارة الصحة الخاصة بفتح المختبرات الخاصة أبوابها للانخراط والمساهمة، وهو أمر محمود سيؤدي بالضرورة إلى رفع قدرة الاختبارات الكاشفة عن الفيروس.
لكن، في القطاع الخاص وهذا الذي نشير إليه، أنه لا بد من تأدية واجبات اختبار الكشف، وهنا نلاحظ أن الأشخاص في المغرب القادرين على أداء هذه الواجبات هم فئة قليلة.
ولمعالجة هذا المشكل واعتبارا لكون أن 13 مليون مغربي يتوفرون على التغطية الصحية، نقترح أن: يعمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والكنوبس وشركات التأمين على التعاقد مع المختبرات، من خلال ذلك تقوم هذه الهيئات بأداء المستحقات المطلوبة للمختبرات بشكل مباشر.
وأما عن تخوف هذه المختبرات الخاصة بشأن مسألة أداء الواجبات، فإنه وبحكم الظرفية الاستثنائية التي يعيشها البلد، فأكيد أنه سيكون هناك تدخل كبير من طرف الدولة لإعطاء الضمانات الأساسية لهذه المختبرات من أجل إنجاح العملية.
نسجل أن هناك انطباعا شبه عام من قبل المواطن على اتخاذ الإجراءات الاحترازية.. لماذا؟
صحيح، ومن نتاج ذلك، اعتقاد بعض المواطنين بانتهاء مرحلة انتقال عدوى الفيروس، وغيرهم ممن ينكرون في الأصل وجود الفيروس، وهناك عدة أسباب أدت إلى هذا التراخي أيضا، من قبيل بعض الأفكار التي راجت على سبيل المثال أنه عندما يحل الصيف سيتم القضاء على الوباء وغير ذلك الكثير.
عامل آخر مهم، هو التواصل الأولي للحكومة في بداية الجائحة، والاطمئنان الذي كانت تقدمه منذ البداية بشأن تحكمها في الوباء وغيره، وإن كان من الجيد بعث أمل أمام وجود فيروس جديد، إلا أن ذلك أدى إلى الاعتقاد بأن المواطن المغربي كأنه "سوبرمان" لن يأخذ منه الفيروس شيئا.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00