عبد القادر الفطواكي
غالبا ما تسلط الأضواء على نجوم ومشاهير، في عدد مجالات الإبداع، من خلال متابعة كل انجازاتهم، وتتبع جديدهم، و سواء في عالم الفن أو الرياضة وغيرها من المجالات، لكن القليل منا من يبحث وينبش في كواليس صناعة هؤلاء النجوم، والاعتراف بالأسماء التي يعود لها الفضل في سطوع نجومهم هولاء المشاهير.
عزيز داودة واحد من الأسماء الكبيرة في مجال الإدارة التقنية، لألعاب القوى الوطنية وواحد من المشاركين في صناعة مجد كوكبة من نجوم حلبات السباق الوطنية، كسعيد عويطة، نزهة بدوان، الكروج، خالد السكاح، إلهام واعزيز، نوال المتوكل بوطيب، واللائحة طويلة، بمعاصرته لأجيال من الأبطال وتتبع مسار أمجادهم وإخفاقاتهم.
موقع "مواطن"، زار عزيز داودة المدير التقني الحالي للكونفدرالية الإفريقية لألعاب القوى، والسابق للجامعة الملكية لنفس الألعاب، وأجرى معه حوار خاص، تطرق لمشاركة النخبة الوطنية بمونديال روسيا، وكذا أسباب اخفاق بلادنا في الظفر بشرف تنظيم كأس العالم 2026، كما تحدث عن عدد من المواضيع الخاصة بواقع ألعاب القوى الوطنية، وموقفه من حملة المقاطعة، وكذا تجربته الإذاعية مع إحدى المحطات الوطنية.
ما تقييمك للمستوى التقني الذي ظهر به المنتخب الوطني في مونديال روسيا؟
هناك تموقعين اثنين لهذا التقييم، أولهما تموقع جميع المواطنين المغاربة، والذين أشاطرهم نفس إحساس الفخر، لما قدمته النخبة الوطنية من تمثيلية مشرفة، من خلال الصدى الكروي الذي تركه المنتخب المغربي من خلال مشاركته الدولية هاته، بالرغم مما تعرض له من حيف تقني مهد لـ"سرقة"، تأهلنا للأدوار الموالية.
التموقع الثاني، هو تموقع تقني يجردنا من العاطفة، فالتاريخ يتكلم لغة الأرقام، ولن يتذكر أداء المنتخب المغربي الجيد في المونديال بل سيسجل فقط نتائجه في اللقاءات الثلاث التي خاضها فقط المنتخب الوطني، فخروج المنتخب الوطني من الدور الأول يجب دراسته برزانة وموضوعية، وفقا للمؤشرات والقواعد الرياضية المعروفة في هذا المجال قياسا على جميع المشاركات العالمية السابقة للمنتخب الوطني المغربي، من أجل الوصول إلى مكامن الخلل والتعرف على أسباب الإخفاق في المباريات الثلاث، وبالتالي المرور للأدوار الموالية من المسابقة الكونية، التي تلتئم كل أربع سنوات، من أجل تحقيق نتائج طيبة مستقبلا.
ما هو تقييمكم للمشاركة العربية الإفريقية بمونديال 2018، وفشلها في تجاوز الدور الأول؟
إذا قسنا مستوى هاته الفرق الوطنية بما بمستوى الرياضة، بكل هاته الدول الافريقية والعربية ومن بينها المغرب، يتضح أنه من الطبيعي عدم قدرة إي منها في تجاوز الدور الأول، فهذه البلدان تفتقر لبطولات كروية قوية من شأنها انتاج نخب قوية، وهو مؤشر يزكي النتائج السلبية التي تحققها هذه المنطقة من العالم، عكس الاستثمارات الضخمة المخصصة لها، وهي واحدة من المفارقات العجيبة، فالاستثمار الكروي بدول افريقيا هو استثمار كبير وهائل مقارنة مع الدخل القومي والناتج الاقتصادي لهذه البلدان، مقارنة بما تخصصه دول قوية اقتصاديا مثل فرنسا واسبانيا، والتي تنفق بنسبة أقل.
ما هي الجزئيات التقنية التي جعلت ملف المغرب لتنظيم مونديال 2023 يفشل أمام الملف الثلاثي الأمريكي؟
اعتبر أنه من السذاجة أن يربط المهتمون بالشأن الرياضي، فشل المغرب الفوز بشرف تنظيم دورة 2026 من كأس العالم، بملف تقني أو بنيات رياضي، كيفما كان نوعها.
فهناك عوامل أخرى تتحكم في عملية منح شرف تنظيم كأس العالم أو تظاهرات عالمية أخرى لهذه الدولة أو تلك، في ارتباط تام، بعدد من المؤشرات الاقتصادية والسياسية، ومؤشرات أخرى تخص تموضع بعض البلدان المرشحة، وكذا المكانة التي تحظى بها في العالم.
ما يعزز هذا الكلام هو أن الناتج الوطني والتجهيزات الرياضية التي يتوفر عليها المغرب، هي أفضل بكثير مما كانت عليه دولة المكسيك، قبل منحها شرف تنظيم كأس العالم 86، متسائلا حول السبب الذي أفضى إلي منح المكسيك شرف تنظيم المونديال، بينما استبعد المغرب، زد على ذلك منح مونديال 1998 لفرنسا، فالعملية بدورها لم تخضع لضوابط ملف الترشيح، والإمكانيات التقنية وغيرها، فالمغرب كان يتوفر على ملاعب كبرى، مقارنة مع فرنسا، وبالرغم من ذلك فإن الأخيرة انتزعت شرف التنظيم.
الملف المغربي، يتضمن على كافة الضمانات والمواصفات، التي من شأنها أن تمنح العالم تنظيما مميزا للمونديال، من خلال حضارته وثقافته وتاريخه، وهي اضافة لهذا الحدث العالمي، وهو ما وقعت عليه روسيا من خلال تنظيمها لمونديال 2018، مشيرا إلى أن الهيئات الدولية تبحث عن مداخيل مالية للفيفا وما يدور في فلكها.
ما هي التفاصيل التي يجيب أن يركز عليها المغرب في ترشيحه المقبل من أجل الظفر بشرف تنظيم المونديال؟
شعب المغرب شغوف بلعبة كرة القدم، له تاريخ كروي، أنتج لاعبين كبرى في كرة القدم تجاوزت شهرتهم المغرب، فمنذ ثلاثينات القرن الماضي احترف اللاعبون المغاربة بالخارج، فالتاريخ يشهد أن المغرب هو من حرك "الفيفا"، وزعزع المنظومة الكروية العالمية من خلال مشاركته في موندياله الأول في سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت الدول الأوروبية تتنافس فيما بينها في واقت سابق، ثم تقوم باستقدام فريق إفريقي فيما بعد من أجل منازلته شكليا، المغرب أرغم الفيفا على تخصيص مناصب للقارة السمراء من أجل المشاركة بالمونديال، ناهيك عن المشاركة المغربية التاريخية للمغرب بالمكسيك، وارغامها على إضافة مقاعد لإفريقيا حينئذن، اليوم المغرب يلفت انتباه العالم أن إفريقيا أصبح بمقدورها ليس المشاركة فحسب في كأس العالم لتنظيمه على أراضيها كذلك، فالفضل في احتضان جنوب افريقيا، يعود للمغرب التي كانت سباقة لفكرة التنظيم وكانت لها الجرأة في وضع ملفها في مناسبات عدة، وهو ما أسميه "نضال إفريقي"، على الرغم من وجود منظومة كروية عالية تنخر الخيرات الرياضية، على غرار موادها الطبيعية الخام، بطولات الافريقية ضعيفة لكنها تصدر مواهب عالية الكعب لكبريات الدوريات العالمية.
ما السبب في تراجع مستوى ألعاب القوى الوطنية، وعجزها عن تفريخ أبطال من قيمة الكروج بدوان عويطة وغيرها؟
هناك خلل في منظومة ألعاب القوى الوطنية، والدليل عدم رضا المغاربة عن نتائج هاته الألعاب التي كان المغرب رائد فيها.
منذ حوالي 25 سنة، كان المغرب من ضمن خانة البلدان العشرة الأوائل في مجال ألعاب القوى، مع الأسف مستوى هاته الألعاب تراجع بالمغرب، مع العلم أن بلادنا تعتبر خزانا من المواهب والطاقات في هذا الصنف الرياضي، والإمكانيات أصبحت متوفرة أكثر مما كانت عليه في السابق، إذا المشكل هو مشكل تنظيمي بالدرجة الأولى، يخص فلسلفة التسيير من الداخل، وهو مجال لم أعد ماذا يجري به من الداخل، منذ انفصلت عن الإدارة التقنية لهذا الجهاز الرياضي بالمغرب.
ما هي كواليس الرسالة التي بعثتم بها للملك الراحل الحسن الثاني سنة 1993؟
حققنا عدد من الإنجازات والميداليات، خلال أولى بطولة للعالم في ألعاب القوى الحديثة العهد التي أقيمت بهلسينكي سنة 1983، وميداليات أخرى سنة 1987 كذلك، في بطولة العالم التي أقيمت بشتوتغارت سنة 1993 خرج المغرب خاوي الوفاض من المنافسات، هو ما أبان عن خلل أصاب ألعاب القوى الوطنية وجب معالجته.
بالفعل فتحنا قنوات التواصل مع الراحل رئيس الجامعة الملكية لألعاب القوى المغربية عبد الرحمان المذكوري، أفضى إلى أن الجامعة تعاني من نقص على مستوى الإمكانات، وهو الأمر الذي دفعنا للبحث عن شخصية من عالم السياسة أو الاقتصاد، من أجل ضخ دماء جديدة في شرايين جامعة ألعاب القوى تتحمل مسؤولية التسيير، في تلك الفترة كان اسم محمد المديوري رئيس فريق الكوكب المراكشي يفرض نفسه خلال تلك المرحلة، بحكم العمل الجبار الذي قام به داخل الفريق المراكشي والذي بعثه بعد كان يسبح في ذيل القسم الوطني الثاني.
بعد التداول اكتشفنا أن مكانة الرجل الاجتماعية ووضعه الإعتباري، لم يكن يسعفه للترشح كباقي الشخصيات المدينة من أجل قيادة الجامعة الملكية لكرة ألعاب القوى، فقررنا أن نبعث رسالة للملك الحسن الثاني، قصد الترخيص للمديوري بتولي هذه المسؤولية، وقعها عدد من الأبطال المغاربة آنذاك والذين قد يكون الملك الراحل يعرف بعضهم من خلال أسمائهم كسعيد عويطة، ونوال المتوكل، حسنية ضرامي، خالد السكاح، وشيد لبصير، عزيز صاهيرو غيرهم، حررت حروفها خلال حفل عقيقة البطل المغربي في رمي الجلة محمد فاتيحي، نطلب فيها من الملك رخصة من أجل تمكين المديوري، قيادة الجامعة، وهو طلب لباه الملك الراحل الحسن الثاني، حيث ترأس المديوني الجامعة الملكية لمدة 6 سنوات، في حقبة عرفت تألق جيل هشام الكروج، نزهة بدوان، وصالح حيسو وعلي الزين وغيرهم.
ماهو موقفكم من حملة "المقاطعة"؟
مثل هاته الحركات، تؤكد أن هناك حيوية وشعور بالمسؤولية، وهو حق يمنحه الدستور لكافة المواطنين، بالمقابل فهاته الحملات التي يأخذ فيها الشارع المبادرة من أجل التعبير عن مطالبه، ولو بشكل افتراضي، تدق ناقوس الخطر أن هنالك أزمة "تمثيلية".
السلطات المغربية تحرص على أن تجرى الانتخابات في أجواء نزيهة، إلى أن نسبة المشاركة بهاته الاستحقاقات تكون قليلة، وبالتالي فهذا سلوك خاطئ، لأنه وجب على المواطن الإقبال على صناديق الاقتراع، من أجل اختيار نخب تمثله، وهو واجب فكري وطني بقدر المستطاع.
فيما يخص المقاطعة، أتساءل ماذا سينتج عن طول فترة المقاطعة؟، سأناقش معكم مقاطعة "موازين" على سبيل المثال والذي حضرت لإحدى سهراته منذ بداياته الأولى، أفضل أن أشاهد سهراته من البيت أو أن أستمع للموسيقى عبر المذياع فقط وهذا اختياري، لكن بالمقابل هناك من المواطنين من يريد الذهاب إلى منصاته والاستمتاع بموسيقاه عن قرب وتلك حريات شخصية، لا يمكن لأي أحد منعهم منها وحرمانهم من بعض الحقوق.
بخصوص المواد الاستهلاكية التي تم الإعلان عن مقاطعتها، يبدو أن هناك إشكال كبير بها سواء على مستوى الثمن أو غيرها، لمن السؤال المطروح هناك عدد من المواد المشابهة لها على مستوى المنتوجات والأثمنة، فلماذا تمت مقاطعة مواد بعينها دون غيرها، من هذا المنطلق أقول أن لكل منا الحق في التعبير عن مواقفه، مع ضرورة الحرص على أن لا تفقد انعكاساتها المغزى الأساس الذي أقيمت من أجله، نسمع اليوم أن هناك أن فلاحين متضررين وهم فلاحون مغاربة لذلك وجب الحرص على التعبير عن احتجاجاتنا بشكل مؤسساتي، لأن احتجاجات الشواعر لم يكن حلا عبر التاريخ وفي تجارب بعض الدول اسوة للجميع.
كيف تحضرون لبرنامجكم "ديكريبطاج" وكيف تختارون مواضيعه؟
أنا فخور أن أكون واحد من أعضاء هذا البرنامج، فكرة "ديكريبطاج"، هي 4 أو 5 مواطنين يناقشون قضايا ومشاكل وطنهم وهو بأحد يجلسون بأحد المقاهي، السبب في وصول البرنامج لشرائح مهمة من المواطنين المغاربة، هو قوة مواضيعة التي تخاطب اهتماماته اليومية، وتحاول معالجتها، المواضيع تفرضها الأحداث الوطنية من جهة، وطلبات المستمعين من جهة ثانية، مما يخلق تفاعلا كبيرا من عدد من المواطنين، مواضيع الحلقات تناقش بشكل عفوي، دون اعداد قبلي لها، وقد يجرن النقاش طاقم البرنامج لمناقشة عدد من المواضيع المتشعبة الأخرى، فالتلقائية هو شعار البرنامج بلسان المواطن البسيط.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00