عبد القادر الفطواكي
اشتكى مواطنون بالمغرب من ارتفاع أسعار السمك خلال الأيام الأولى من شهر رمضان إلى درجة دفعت البعض إلي مقاطعة ذلك المنتج. فمن يا ترى يتحمل مسؤولية ارتفاع أسعار السمك؟ وهل ساهمت المضاربة والسماسرة وعملية التصدير في هذه المسألة؟ وماهي الحلول الكفيلة لمراقبة وضبط أسعار هذه المادة الحيوية خلال شهر رمضان على غرار باقي أشهر السنة؟.. "مواطن" أجرت الحوار التالي مع كمال صبري رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الشمالية، من أجل تسليط الضوء على مجموعة من التفاصيل المرتبطة بتحديد أسعار أثمنة الأسماك، والمتداخلين في عملية نقلها من موانئ المملكة إلى موائد المستهلك المغربي..
ما هو السبب في ارتفاع سعر السمك بالأسوق المغربي خلال شهر رمضان وعلى رأسها سمك "السردين"..؟
من حق كل المواطنين معرفة أثمنة وحجم الثروة السمكية بالمغرب، لكن دعني أذكر بأن هناك نوعين من أسماك السردين بالمغرب، النوع الأول يصطاد شمال مدينة أسفي، إلى غاية البحر الأبيض المتوسط ،وهو من الحجم الكبير والمتوسط والذي يقبل عليه المستهلك المغربي بكثيرة ، ثم النوع الثاني والذي يصطاد جنوب مدينة أكادير السردين الكبير الحجم.
النوع الأول ثمن بيعه الأقصى هو 8 دراهم، في فترة التي تعرف سوء الأحوال الجوية، ومن 5 إلى 6 دراهم في الأجواء العادية، أشير في هذا الصدد أن سعر الثمن منذ خروج السمك من بين يدي المنتجين، لم يطرأ عليه أي تغيير خلال شهر رمضان، وهو نفس الثمن الذي تم التعارف عليه خلال جميع أشهر السنة.
ما هو السعر الذي يباع به الكيلوغرام الواحد من السردين عند وصوله إلى الميناء وماذا عن المسار الذي يقطعه حتى يصل إلى المستهلك..؟
عند وصول بواخر ومراكب إلى الموانئ المغربية، تعرض الأسماك المصطادة على المزاد العلني يشرف عليه الكتب الوطني للصيد، حيث لا يتعدى ثمن البيع 7 دراهم للكيلوغرام، ليتم بعدها شحن كميات الأسماك في شاحنات تحتوي على آلات تبريد من طرف تجار الجملة، حيث تنقل إلى أسواق الجملة النموذجية بكافة ربوع المملكة كالبيضاء طنجة أكادير مكناس مراكش وجدة وغيرها، بهامش ربح لا يتعدى درهمين في الكيلوغرام الواحد، ليتم بعدها بيع الأسماك المنقولة عبر هاته الشاحنات للباعة بالتقسيط الذين تربطهم علاقة مباشرة بالزبون.
أشير في هذا الصدد إلى أن سمك السردين لا يخضع للمضاربات ولا التخزين بحكم أن مدة صلاحيته لا تتعدى الـ 24 ساعة على خلاف عدد من أنواع الأسماك الأخرى. باعة التقسيط والذين لا يشترون كميات كبيرة من الأسماك الواردة على الأسواق، والتي لا تتعدى صندوقين في أحسن الأحوال أي ما مجموعه 50 كيلوغراما، وفي حدود المعقول يمكن أن يضيف إلى حدود 7 درهم من هامش الربح تمكنه من تسديد مصاريف التنقل والكراء وغيرها، إي وبإجراء عملية بسيط فسمك السردين ومن خلال العملية والمسار الذي تحدثنا عنه فإن الثمن الذي يجب أن يقتني به الزبون كيلوغرام من مادة السردين ما بين 15 و17 درهما.
ماذا عن سمك السردين الذي قفز سعره إلى 30 درهما للكيلوغرام في بعض أسواق بالبيضاء والرباط..؟
هذا غير مقبول ولا معقول وفي هذه الحالات وجب تدخل لجان المراقبة، أو الجماعات المحلية بحكم مسؤوليتها المباشرة على أسواق البيع بالتقسيط، كما أنه وجب العودة إلى العادات القديمة بالأسواق الشعبية، بتحديد لائحة للأسعار التي يشرف عليها "أمين" السوق بتعيين أثمنة البيع بتنسيق مع أسواق الجملة. سعر 30 درهما للكيلوغرام نرفضه كمنتجين، وهو جشع وطمع من طرف بعد المقسطين، وأنا على يقين أن هذه الأسعار لا توجد سوى في أسواق قليلة ومعزولة محسوبة على أحياء راقية، أما أحياء البرنوصي سباتة عين الشق سيدي عثمان وغيرها فإن ثمن السردين بها لم يتجاوز 15 درهما للكيلوغرام.
ذكرتم نوعا ثانيا من سمك السردين والذي يصطاد جنوب مدينة أكادير، هل يخضع لنفس عملية البيع شأنه شأن الصنف الأول..؟
بخصوص السردين من الحجم الكبير الصالح للاستهلاك، والذي يأتي من جنوب مدينة أكادير، فثمن بيعه يتراوح بين 5 إلى 6 دراهم. وهو مُسعّر في إطار اتفاقية مبرمة بين المجهزين أرباب المراكب تجار السمك بالجملة والمصنعين، حيث يوجه جلها نحو التصبير، حيث ينقل جزء منها نحو عدد من أسواق المملكة لسد طلبات المستهلك المغربي، لذلك وجب على الباعة بالتقسيط وضع لافتة تعريفية أمام سلعته تتضمن بالإضافة إلى السعر، مصدر السمك المعروض، من أجل تعرف الزبون على فوارق الأثمان وجودة الأسماك المعروضة.
المملكة تتوفر على واجهتين بحريتين على طول 3500 كلم لكن ثمن السمك عال والعرض قليل بالمقارنة بالسواحل البحرية المغربية.
قطع المغرب أشواطا كبرى في مجال الصيد البحري بفضل مخطط "أليوتيس"، لأن الأمور كانت ستسير نحو الأسوأ بسبب الاستغلال التقليدي والغير العلمي لثرواتنا السمكية والبحرية، والتي وإن استمر الوضع على ما هو عليه فإنها كانت ستصبح صالحة للسباحة فقط.
مخطط "أليوتيس"، وضع مجموعة من المعالم والقوانين وكذلك الميكانيزمات من أجل الحفاض على الثروة السمكية، حيث أصبحت جميع البواخر مجهزة بآليات رصد لجميع البواخر التي تصطاد في الأماكن الممنوعة بكل سهولة، عبر مكتب خاص بالمراقبة متواجد بمقر وزارة الصيد البحري الرباط، كما تم تحديد أوقات الصيد، واحترام الراحة البيولوجية، و تحديد الكميات المسموح اصطياده بحسب المناطق، وهي خطوات ساهمت في عودة الثروة السمكية إلى سابق عهدها تدريجيا بأساليب علمية، وتحديد "كوطا" للصيد مع ترك حصة من الأسماك قصد التوالد.
وجب على وزارة الصيد البحري ومهنيي الصيد، والجماعات المحلية، العمل على تنظيم القطاع وتسويق أفضل لهذا المنتوج السمكي من أجل تعرف المستهلك على ثمن بيع أرباب المراكب والمنتجين لأسماكهم المصطادة، وبالتالي قطع الطريق على السماسرة والباعة الذين يرفعون أثمنة هذه المادة الحيوية خلال مثل هذه المناسبات.
هل ساهم التصدير في غلاء أسعار السمك بالمغرب..؟
98 بالمائة من الكميات المصطادة في شمال مدينة أسفي موجهة للسوق الداخلي، أما الصنف الثاني القادم من جنوب مدينة أكادير صاحبة الحجم الكبير فـ 70 بالمئة منها توجه نحو التصبير الدولي والذي يشتهر به المغرب، في حين يتم توجيه 30 بالمائة منه نحو السوق المحلية ولو أن المستهلك المغربي لا يملك ثقافة استهلاكه بعد.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00