مصطفى أزوكاح
ينتظر أن ترتفع الضريبة المطبقة على منتجات أساسية، من قبيل المحروقات التي سينقل السعر المطبق عليها من 14 إلى 20 في المائة. وفي هذا الحوار يوضح محمد الرهج، الأستاذ جامعي، الحاصل على دكتوراه في المالية والجباية، والخبير الدولي في مجال الجباية، دواعي تبني المغرب للضريبة على القيمة المضافة، خلفيات اعتماد أربعة أسعار، وتأثيرها على إيرادات خزينة الدولة والأسعار و طريقة تعاطي المستهلكين معها
كيف جاء إقرار الضريبة على القيمة المضافة بالمغرب؟
حدث ذلك في سياق الإصلاح الجبائي الذي انخرط فيه المغرب في ظل التقويم الهيكلي في التسعينيات من القرن الماضي، حيث كانت المؤسسات المالية الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي، تدعو المغرب إلى وضع إصلاح عماده الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، هذا من جهة، ومن جهة، فإن العديد من البلدان عبر العالم، اختارت في تلك الفترة تبني الضريبة علي القيمة المضافة.
وقد جاءت الضريبة على القيمة المضافة، كي تعوض الضريبة على المنتجات والضريبة على الخدمات، وهما ضريبتان كانت تخلقان العديد من المشاكل، ما استدعى توحيدها في الضريبة الجديدة، التي شرع المغرب في العمل بها في 1986.
ما هو المبدأ الذي تقوم عليه هذه الضريبة؟
هي ضريبة تصيب الاستهلاك، حيث يؤديها المستهلك النهائى عبر الثمن. فالتاجرأو مقدم الخدمة يضيف الضريبة على القيمة المضافة إلي الثمن الذي تبذله لقاء المنتج أو الخدمة، والتاجر بدوره يكون قد أدى الضريبة على القيمة المضافة للوسيط أو تاجر الجملة، الذي بدورة يكون قد أداها للمنتج.
ويكون على التاجر بعد استيفاء الضريبة على القيمة المضافة، أن يصرح بها للإدارة الجبائية، غير أن القانون يعطيه الحق في إسقاط جميع الضرائب على القيمة المضافة التي أداها من قبل، وهذا ما يعرف بالخصم. فإذا باع التاجر سلعته واحتسب ضريبة على القيمة المضافة في 100 ألف درهم، وسبق له أن أدى للوسطاء وتجار الجملة ضريبة على القيمة المضافة في حدود 70 ألف، فيحق له أن يخصم ذلك المبلغ، ويسلم الدولة 30 ألف درهم.
ما هي الفلسفة التي تحكمت في اعتماد أربعة أسعار للضريبة على القيمة المضافة؟
في المغرب يجرى اعتماد أسعار 7 و 10 و14 و20 في المائة. وكنت اقترحت شخصيا على وزارة المالية آنذاك، إضافة سعر 0 في المائة، غير أنه جرى رفض هذا المقترح. لماذا؟ في المغرب لم يعتمد هذا السعر مثل إيرلندا، لأنه عندما أطبق هذا السعر على الزبون، سيكون لي الحق في خصم الضرائب التي تحملها على المنتج قبل ذلك.
وبدل ذلك، اختارت السلطات العمومية العمل بالإعفاء، وهما نوعان الإعفاء مع حق الخصم كما هو الحال بالنسبة للمصدرين، والإعفاء دون حق الخصم، والضريبة التي لم تخصم تحتسب ضمن ثمن التكلفة، لذلك لما يقال لي بأن هناك الشخص لا يؤدي الضريبة على منتج ما بسبب الإعفاء، أقول لهم بأن ذلك غير صحيح، لأن الضريبة التي لم تخصم، أدمجت ضمن التكلفة، التي تحتسب في السعر النهائي.
ودليلي على ذلك، أن بالنسبة للمواد الأساسية المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة مع منع الخصم، يعمد التاجر أو المنتج لها، إلى إدماج الضرائب التي أداها ضمن ثمن التكلف، الذي يضاف للسعر النهائي.
ويجب أن أشير إلي أنه عندما جرى العمل بالأسعار الأربعة التي أشرت إليها، لم تنجز دراسة معمقة حول ذلك، حيث أخذت بعين الاعتبار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع والمواد ذات الاستهلاك المتوسط.
لماذا تجري اليوم الدعوة لاختزال الأسعار الاثنين في اثنين؟
الهدف هو التبسيط، غير أنه يجب أن نشير إلى أن العديد من المواد التي يطبق عليها سعرا 10 و14 في المائة، ستخضع لسعر 20 في المائة، وتلك التي يسري عليها سعر 7 في المائة، ستصبح خاضغة لسعر 10 في المائة، وبالتالي سترتتفع إيرادات الخزينة العامة.
الدولة اليوم تقبل باختزال الأسعار الأربعة في سعرين، غير أنه يفترض تحديد المنتجات والخدمات التي ستخضع لأحد السعرين، خاصة في حال اعتماد 10 و 20 في المائة.
لماذا لا تتبني السلطات العمومية سعران ممثلان في 7 و14 في المائة؟
هذا سؤال مطروح. وهذا يستدعي نقاشا ودراسات حول محتوى قفة الأسر المغربية، لأن قدرتها الشرائية ستتأثر في حال زيارة الضريبة على القيمة المضافة على المواد الأساسية.
ويجب أن نعلم أن الضريبة على القيمة المضافة تدر على خزينة الدولة ضعف الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، حيث تصل حسب السنوات إلى 80 مليار درهم.
وهناك ملاحظة بالنسبة لهذه الضريبة، تتمثل في أنها من الناحية النفسية، فالمستهلك لايهتم بهذه الضريبة التي يؤدونها. فعندما يؤدي ثمن فنجان قهوة، لا ينتبه إلي أنه يتضمن الضريبة على القيمة المضافة، عكس الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل. فعندما يتوصل الأجير بورقة الأداء في نهاية الشهر، يعرف الضريبة التي اقتطعت من أجره وحولت للخزينة.
إلى أي حد هي ضريبة محايدة؟
حيادها يأتي من كون المنتجين الذين ينتجون نفس المواد أو مقدمي الخدمات، يؤدون نفس الضريبة في الأخير. فهذان منتجان يبيعان أحذية ألف درهم. ومهما كانت المراحل التي مر بها تصنيع تلك الأحذية، فإن المنتجان سبيعانها بنفس الثمن. وهذا الحياد لم يكن متوفرا في الضريبة على المنتجات أو الضريبة على الخدمات، لأنها تقوم على تراكم الضريبة ولا تتيح إمكانية للخصم.
ماذا عن المصدم Le butoir، الذي تراكمت بسببه ديون في ذمة الدولة تجاه الشركات وصلت إلى31 مليار درهم؟
الدولة مطالبة بإرجاع الضريبة على القيمة المضافة للشركات العمومية والخاصة، فهذه الضريبة تهم المستهلك النهائي، وبما أن القانون يفرض على الشركات بأن تكون وسيطا يحصل الضريبة لفائدة الخزينة، فإنه يفترض ألا يعمل بالمصدم، ففي ما يتعلق بالأدوات المدرسة يشتري المصنع الآلات والمواد الأولية ب 7 في المائة ولا يبيع بنفس السعر، هنا لا يطرح مشكل المصدم.
غير أن المشكل يبقى مطروحا بالنسبة لفاعلين اقتصاديين آخرين. هذا المشكل عرفه للمكتب الوطني للسكك الحديدية، حيث كان يشتري القاطرات والآليات ب 20 في المائة، ويقدم خدماته للزبناء ب 14 في المائة، ما كان يفرض على الدولة، إرجاع الفرق للمكتب، حيث تراكم ذلك الدين في ذمتها. والمصدم يضر أكثر الشركات العمومية.
وكان المجلس الأعلى للحسابات، طلب من الحكومة إدراج أكثر من 30 مليار درهم، التي تراكمت لفائدة الشركات برسم المصدم، في النفقات، علما أن الحكومة لا تدرج هذا المبلغ ضمن حساباتها، حتى لا يؤثر ذلك على مستوى العجز المالي.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
10 avril 2025 - 12:00