مصطفى أزوكاح
لم تقدم حكومة سعد الدين العثماني، أجوبة شافية حول انشغالات الاتحاد العام لمقاولات المغرب، خلال اللقاء الذي عقد بينهما في الأسبوع الماضي، غير أن العديد من الملفات طرحت على الطاولة، في أفق التعاطي معها، غير أن ثمة انتظارات ملحة ذات أولوية تهم الجباية في علاقتها بمشروع قانون مالية العام الحالي. وفي هذا الحوار مع عبد القادر بوخريص، لجنة الضريبة بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، نطلع على انتظارات الشركات من حكومة العثماني.
التقيتم في الأسبوع الماضي في الاتحاد العام لمقاولات المغرب برئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ووزراء معنيون بالشأن الاقتصادي. هل أجابكم على انشغالاتكم؟
في النقاش مع رئيس الحكومة لم نخص في التفاصيل، لم يجبنا رئيس الحكومة حول تساؤلاتنا، استمع إلينا، وأعطى الكلمة لمختلف مرافقيه من الوزراء. نحن نريد خلق جو من الثقة، وهو جاء من أجل الاستماع إلينا. وتجلى لنا أنه يتيح الكلمة للوزراء الذين يهمهم أمر الاقتصاد من أجل التفاعل معنا حول انشغالاتنا.
كان يتوجب إطلاق النقاش بين الحكومة ورجال الأعمال المتوقف منذ عامين، حيث كان الطرفان، يتواصلان عبر وسائل الإعلام فقط.
لم نخض في التفاصيل، فقد تقرر إحداث لجان من أجل التداول في القضايا التي تشغل الطرفين مثل الجباية، وقانون الشغل، وقانون الإضراب، وعلاقة الإدارة والمقاولة والمتأخرات التي توجد في ذمة الدولة تجاه المقاولات.
هل أعدتم طرح مسألة القانون الإطار في المجال الجبائي، كما فعلتم في العام الماضي؟
لقد اقترحنا في العام الماضي، وضع قانون إطار جبائي، حيث نضمن فيه الإصلاحات الواجب إنجازها. فأيا كانت الحكومة التي ستأتي، سنكون مطمئنين إلى أننا نتوفر على رؤية واضحة حول الإجراءات الجبائية التي ستتخذ.
لم نطلب من حكومة سعد الدين العثماني قانون إطار كما في العام الماضي، لكننا طلبنا منها التزاما في المجال االضريبي، على مدى خمس سنوات، أي في الفترة التي تستغرقها ولايتها.
نحن نعتبر أن مشروع قانون المالية المقبل، هو أول مشروع حقيقي بالنسبة لهذه الحكومة، لذلك يجب توفير رؤية واضحة في المجال الجبائي على مدى خمسة أعوام. بهذه الطريقة ستتوفر على فكرة حول الآثار على الميزانية الدولة.
نحن في الاتحاد العام لمقاولات المغرب مسؤولون، لا يمكننا تعريض المالية العمومية للخطر، رغم ملاحظة أنها توجد اليوم في صحة جيدة، فقد وصلت العائدات الجبائية إلي 132 مليار درهم، بزيادة بنسبة 7 في المائة في الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري. هذا يعني أن لدينا اقتصادا، يوفر موارد جبائية، رغم جميع المشاكل التي تعيشها المقاولة.
نحن نقول للحكومة، وخاصة وزارة الاقتصاد والمالية، أنه يجب الاستفادة من هذا التحسن من أجل الانخراط في إصلاح الجبائية. فبما أنه حصلت زيادة في الموارد الجبائية، هذا يعني أن ثمة هامشا يتيح إدراج ذلك الإصلاح. وهناك طريقتان للقيام بالإصلاح الجبائي، إما الضغط على النفقات، حيث أقول بما أنني مجبر على خفض الموارد، يجب أن أخفض الإنفاق وإما أن أقول أنه لا يمكنني خفض النفقات، وبما أنني في وضعية ارتفعت فيها الموارد الجبائية، لنستغل هذا الهامش من أجل الانخراط في الإصلاحات. نحن نقول للحكومة ثقوا في المقاولة، التي تمنحكم أكثر مما تتوقعون.
هل هناك إجراءات جبائية معينة تراهنون عليها في مشروع قانون المالية المقبلة؟
إذا أردنا إعطاء دفعة قوية للاقتصاد وبث الثقة لدى المقاولة، لا بد من حزمة من الإجراءات. لا يمكن أن نكتفي بإجراء واحد أو اثنين
نريد حزمة من الإجراءات، لأننا نتطلع إلى تحفيز الاستثمار وتشجيع خلق الشركات.فالمغرب لا يخلق، اليوم، ما يكفي من الشركات، ولا يمكننا، أن نغفل عدد الشركات المفلسة، فقد وصل إلي 7500 في العام الماضي، وبلغ 5000 في الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري.
ومن بين الإجراءات التي يمكن أن تساعد على إعطاء دفعة قوية للاستثمار، هي تلك التي تهم الطابع التصاعدي للضريبة على الشركات، لأنه ستحرر خزينة الشركات.
ما المشكل الذي يطرحه نظام الضريبة على الشركات اليوم؟
المشكل اليوم، هو أنه عندما تكون أرباح الشركة في حدود 300 ألف درهم، تؤدي 10 في المائة، لكن عندما تنتقل إلى 301 ألف درهم، يرتفع ذلك المعدل إلى 20 في المائة.
وهذا أمر مكره للشركات، التي سيضطر بعضها في هذه الحالية، سواء إلى تكييف حصيلته، كي تكون دون ثلاثمائة ألف درهم أو خلق شركة أخرى. ونحن نتطلع إلي تصحيح هذا الوضع، عبر الأداء عن الفارق فقط عندما تتجاوز الشركة ثلاثمائة ألف مثلا. التصاعدية ستتيح التوفر على موارد وتشجع على الاستثمار.
لا يجب الاكتفاء بالطابع التصاعدي للضريبة على الشركات فقط، بل يفترض مكافأة الشركات التي تستثمر، أي أنه في نهاية العام، بعد أن تقدم الشركات حساباتها، يتوجب تقليص الضريبة على الشركات، بالنسبة لتلك التي تستثمر، على غرار المؤونة من أجل الاستثمار التي كان معمولا بها.
زذ على ذلك، أنه إذا أردنا أن نشجع الاستثمار، يتوجب تحفيز الشركات على تجديد آليات إنتاجها.
لكن هل هناك تقديرات حول تأثير ذلك التصاعدية على موارد ميزانية الدولة؟
دراسة الآثار على الميزانية الناجمة عن تطبيق الضريبة التصاعدية للشركات، يعود للمديرية العامة للضرائب، لأنها تتوفر على المعطيات المحينة، غير أن المشكل سيطرح على هذا المستوى، هو أنه عندما سيقسمون المساهمات إلى شرائح، ستنخفض عائدات الضريبة على الشركات.
هذا ما يدفع الإدارة إلى التفكير في رفع المعدل الأعلى المحدد اليوم في 31 في المائة. هل سيعتمدون 32 في المائة؟. حقيقة، نحن نتمنى المحافظة على المعدل الأعلى الحالي لسبيين: الأول يتمثل في أنه عندما تقول على الصعيد الدولي بأن المغرب يطبق معدل 32 في المائة، فذلك لا يعطي إشارات جيدة. والثاني يكمن في أنه عندما انتقلنا في العام الماضي من 30 إلي 31 في المائة، زادت عائدات الضريبة على الشركات. لوانخفضت تلك العائدات، لما كان هناك مانع أمام زيادة نقطة واحدة.
ماذا عن خلق المقاولات؟
لا نخلق ما يكفي من الشركات في المغرب، ونحن نطالب بإعفاءات لمدة ثلاث سنوات لجميع المقاولات الصغرى والمتوسطة الحديثة، من الضريبة على الشركات. هذا من أجل إحقاق الإنصاف.
ما الذي يلتزم به المقاولات لقاء ما تطلبه من الدولة؟
ما نريد قوله للحكومة هو أنه لا يمكن أن يكون هناك نمو دون تطوير الشركات. هذه رافعة مهمة. يجب أن نحدث بيئة تتيح للشركات فرصة من أجل خلق الثروة وربح المال. إذا لم تربح الشركات المالي، فلن تؤدي الضريبة.
قدمنا إجراء في العام الماضي، يهم إعفاء الشركات المحدثة من الضريبة على الشركات، مقابل التزام كل واحدة منها بإحداث فرصتي عمل على الأقل. وإذا ما طبقنا هذا الإجراء على مدى ثلاثة أعوام، فسنتمكن من توفير 250 ألف فرصة عمل.
نحن في حاجة إلي إحداث مقاولات، لأن عدد الشركات المحدثة غير كاف بالنسبة للنسيج الاقتصادي المغرب.
قبل عامين جرى اعتماد إجراء سمي ب"التحفيز" ،الذي يعطي للمقاولات المحدثة حديثا، حق الاستفادة من الإعفاء لمدة عامين من التحملات الاجتماعية والضريبة على الدخل بالنسبة لخمسة أجراء في حدود عشرة آلاف درهم، ونحن نتطلع إلى توسيع " تحفيز" كي يشمل عشرة أجراء. كما نطالب بأن تستفيد من هذا الإجراء، على مدى عامين، حتى الشركات التي توجد منذ أعوام في حدود عشرة آلاف درهم. هذا سيكون مساعدا على إتاحة فرص عمل.
كيف ستتعاطون مع متأخرات الضريبة على القيمة المضافة؟
لقد تحدثنا إلى الحكومة عن المتأخرات المستحقة للشركات برسم الضريبة على القيمة المضافة، فهناك 10 مليار درهم مستحقة للشركات الخاصة، و20 مليار درهم مستحقة للشركات العمومية.
ونحن عندما نتحدث عن ضرورة استرداد الشركات العمومية لما في ذمة الدولة من متأخرات برسم الضريبة على القيمة المضافة تجاهها، فلأننا نعلم أنه بدون ذلك، ستجد تلك المقاولات صعوبات في الاستثمار، وهذا يؤثر على شركات القطاع الخاص.
لدينا خمس معدلات، وهي التي تخلق مشكلا كبيرا للملزمين. فعندما أبيع منتجا ب 7 في المائة وأنا أشتري المدخلات ب 20 في المائة، هنا يحدث ما يعرف بالمصدم Butoir.
المشكل لدينا، هو أن الضريبة على القيمة المضافة غير محايدة. لقد وضعنا نظاما للضريبة على القيمة المضافة محل الضريبة على المنتجات والخدمات قبل ثلاثين عاما، وهو نظام يفترض أن يتطور.
ويجب أن نعلم أننا وضعنا الضريبة على القيمة المضافة قبل إسبانيا، غير أنها لم تتطور لدينا، ونحن نرى المستوى الذي وصلت إليه المتأخرات، رغم الجهد الذي بذل في الاسترداد.
فعندما أصبح محمد بوسعيد في أكتوبر 2013 وزيرا للمالية، وضع نظاما من أجل تقليص متأخرات الضريبة على القيمة المضافة، حيث هم ذلك في قانون مالية 2014 المتأخرات التي تقل عن عشرين مليون درهم، ثم أدرجت في قانون مالية لعام2015 ، مسألة أداء الديون المتراوحة بين عشرين وخمسمائة مليون درهم، وهذا الإجراء سينتهي العمل به في نهاية العام الجاري.
غير أن المشكل في النظام الحالي، يتمثل في عدم وجود نص يلزم الدولة بالأداء الأتوماتيكي لمستحقات الشركة من الضريبة على القيمة المضافة، وهذا أمر غير سوي لدينا. وهذا خلافا لما يحدث عندما يكون هناك فائض في الضريبة علي الشركات التي يفي بها الملزم، فاسترداد ذلك الفائض، يكون تلقائيا. وهذا لا يتوقعه النص القانوني في الضريبة على القيمة المضافة سوى بالنسبة لبعض المصدرين.
ألم تحل المناظرة الوطنية حول الجباية هذه الإشكاليات؟
في المناظرة الوطنية حول الجباية في التاسع وعشرين وثلاثين أبريل 2013، جرى التوصل إلي توصيات تهم تعميم استرجاع الضريبة على القيمة المضافة وتقليص معدلاتها من خمسة إلى اثنين، غير أن التوصيات لم تطبق.
صحيح أن بعض التوصيات أخذ بها، بفضل المديرية العامة للضرائب، غير أنه يجب أن ندرك أن بعض التوصيات أضحت متقادمة اليوم، لأن الاقتصاد يتطور، وأخرى مازالت لها راهنيتها.
عندما ننظم مناظرة حول الجبائية، كما في مجالات أخرى، نطرح المشاكل ونقترح الحلول، هذا يعني أنه يجب العمل على المدى القصير والمتوسط والطويل من أجل التفعيل. ويجب أن نعلم أن كل إصلاح له تأثير على الميزانية، لذلك طلبنا، خلال مناظرة الصخيرات، وضع أجندة للإصلاح، أي رؤية واضحة حول تنفيذ توصيات المناظرة.
ما هي مقاربتكم للضريبة العامة على الدخل؟
ننطلق في مقاربتنا للضريبة على الدخلية من كون حوالي 75في المائة من إيراداتها يوفرها الأجراء. وعندما نتحدث عن الأجراء، نتحدث عن المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة، ما يعني أن هناك ضغطا كبيرا على الأجور.
ونحن نرى أنه يتوجب على الإدارة الجبائية توسيع الوعاء الجبائي، كي يشمل الدخول المهنية التي يوفر المعنيون بها حوالي 5 في المائة من الضريبة على الدخل. وهذا غير طبيعي. يجب الاهتمام بالمهن الحرة.
ويجب على الدولة أن تتيح للملزمين بالضريبة على الدخل، خصم بعض المصاريف المرتبطة بالدراسة أو الصحة أو التكفل بأحد أفراد الأسرة.
أين وصلت الدراسة التي وعد بها الاتحاد العام لمقاولات المغرب حول القطاع غير المهيكل؟
نحن أنجزنا دراسة حول القطاع غير المهيكل، وستكون جاهزة قريبا. الفكرة ليست أن نقول كم يكلف، لأن لا أحد يمكنه أن يقوم بذلك. نحن نريد أن نعرف ما إذا كانت هناك إرادة حقيقية من أجل محاربة هذه الظاهرة أم لا. وقد لمسنا، اليوم، أن تلك الإرادة موجودة.
وهناك دراسة أخرى، ننكب على إنجازها حول ميثاق الاستثمار. فقد كان وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي احفيظ العلمي، قدم الخطوط العريضة حول الميثاق أمام جلالة الملك، و كان الوزير تحدث إلينا حول هذا الموضوع.
ويفترض الشروع في تفعيل ما سيأتي في الميثاف سريعا، لأن إجراءات سيتضمنها، يتوجب أن تضمن في مشروع قانون المالية. وقد التزم الوزير بتفعيل الميثاق. ونحن بصدد العمل على دراسة حول مداخل تسريع مضامين ميثاق الاستثمار، والتي سنقدمها للوزير مولاي احفيظ العلمي.
كيف ستتعاطون مع مدونة الشغل، علما أن النقابات متحفظة على مراجعتها؟
استدعى الأمر خمسين عاما من أجل الشروع في إطلاح قانون الشغل، واعتمدت المدونة في 2005، وهي مدونة يتوجب تطويرها، لأن الاقتصاد يتطور. هذا جانب من المواضيع الذي سنتناوله مع الحكومة.
هل تحدثتم مع رئيس الحكومة عن الإدارة؟
خطاب جلالة الملك الذي انتقد الإدارة وأشاد بالقطاع الخاص، هذا حملنا مسؤليات أكثر، حيث يجب أن نكون في مستوى هذه الثقة. وقد نظمنا في الأسبوع الماضي ندوة، حيث قسمناها إلى عدد من الورشات.
حاولنا تحديد مجموعة من الأمور في العلاقة مع الإدارة، فنحن نريد تبسيط الأمور. عندما أطلب رخصة ويرفض طلبي، لا بد أن يعطاني حق الطعن، وعندما أطلب رخصة من إدارة، لا أنتظر منها أن تطلب مني جلب وثائق من إدارة أخرى.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
10 avril 2025 - 12:00