حاوره يوسف لخضر
مرت أكثر من سنة على الندوة الدولية التي نُظمت بطنجة حول الكيف والمخدرات، التي كانت ندوة غير مسبوقة بالمغرب، شارك فيها مسؤولون مغاربة ومؤسسات وخبراء من دول العالم، إضافة إلى أبناء المنطقة المعروفة تاريخياً بزراعة القنب الهندي بالمغرب.
لكن الظاهر أن الحديث عن هذا الملف الشائك بات موسمياً، وكثيراً ما يرتبط بفترة الانتخابات أو النقاش داخل البرلمان حول الصحة وعلاقتها بالمخدرات، وكثيراً ما يكون موضوع مزايدات بين أحزاب مؤيدة وأخرى معارضة، فيما يسعى الفاعلين المدنيون بالشمال إلى بحث سبل أخرى لمعالجة الأمر.
في مارس من عام 2016 نظمت ندوة دولية حول موضوع "الكيف والمخدرات" بمدينة طنجة من طرف مجلس الجهة الذي يرأسه إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وقد ختمت أشغالها برفع ملتمس للملك محمد السادس من أجل تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوضع سياسة عُمومية لزراعة هذه النبتة مستقبلاً.
وتساند أحزاب مغربية مطلب تقنين زراعة نبتة القنب الهندي (الكيف) ودعم الاستعمالات البديلة، خصوصاً في المجال الصناعي والطبي، وقد قدم كل من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال مقترحات قوانين للعفو عن المزارعين والترخيص للزراعة لأهداف بديلة، في المقابل يُعارض حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة منذ سنة 2012 الحكومة هذا التوجه.
حول هذا الموضوع، يتحدث إلينا في هذا الحوار عبد اللطيف أضبيب، الباحث في الزراعات البديلة والناشط في المجتمع المدني بشمال المغرب، الذي سبق أن مثل مزارعي نبتة القنب الهندي عبر العالم في دورة استثنائية نظمتها الأمم المتحدة حول المخدرات سنة 2016.
أين وصل النقاش حول تقنين زراعة نبتة القنب الهندي بالمغرب، بعد مرور سنة على الندوة الدولية التي نُظمت بطنجة بحضور مسؤولين وخبراء دوليين؟
- أضبيب: لا جديد لحد الساعة في هذا الموضوع، لكن في المقابل الأوضاع بمناطق زراعة النبتة تتدهور من سيء إلى أسوء، ويمكنني أن أقول أن هذا الملف عبارة "مشكل خطير وقنبلة موقوتة".
النقاش كان محتدماً السنة الماضية بسبب الانتخابات، وحين مرت الانتخابات الكل تراجع إلى الوراء من الأحزاب. وفي رأيي، هذا الملف يجب أن يشارك في مناقشته أبناء المنطقة المعروفة تاريخياً بزراعة نبتة القنب الهندي، وهُم من يجب أن يقدموا حلولاً لهذا الأمر، لأن الآخرين يتعاملون مع الموضوع مناسباتياً.
أين تكمن الخطورة اليوم بخصوص نبتة القنب الهندي في الشمال المغربي؟
- أضبيب: المشكل اليوم يتمثل في انتشار زراعة نبتة مُعدلة جينياً، تأتي من أوروبا بشكل مهرب وبدون مراقبة، في المقابل تتراجع المساحة المزروعة بالنبتة الأصلية التي كانت تزرع في المنطقة التاريخية المعروفة بهذه الزراعة (صنهاجة الريف الأوسط والأعلى، وقبائل كتامة وجزء من غمارة قبيلة بني خالد).
يتم اللجوء لهذه النبتة الهجينة لأن منتوجها يصل إلى 5 أضعاف من محصول النبتة الطبيعية، لأنها عُدلت في المختبرات الأوروبية لهذا الغرض، لكن لديها أضرار كثيرة، منها ارتفاع نسبة THC (المادة الرئيسية المسؤولة عن التأثيرات الدوائية على الإنسان).
كما أن هذه النبتة المعدلة لا تعطي نتيجة جيدة في المناطق الجبيلة، لأنها تحتاج الماء كثيراً مقارنة مع النبتة الطبيعية، إضافة إلى طول مدة نموها. وبالتالي هي أيضاً تؤثر الفرشة المائية.
ما موقفكم أنتم كأبناء المنطقة من هذه النبتة المعدلة جينياً؟
- أضبيب: أولاً نحن لا نتحدث عن الحشيش، بل نتحدث عن القنب الهندي كنبتة طبيعية لها فوائد كثيرة، خصوصاً في البناء، وقد قدمنا مشروعاً للمسؤولين من أجل استعمال بقايا النبتة في البناء.
أما بالنسبة للنبتة الهجينة فنحمل المسؤولية للسلطات المغربية، يجب محاربتها، لأنها تُشجع اللوبيات، يجب أن نميز بين النبتة المغربية الأصلية والنباتات الهجينة التي تدخل من الخارج، والتي تؤثر سلباً على الإنسان والبيئة والاقتصاد.
كما يجب أن نميز أيضاً بين المنطقة التاريخية المعروفة بزراعة القنب الهندي منذ مدة، والمنطقة الجديدة التي تغرس النباتات الهجينة.
هل اقترحتم مشاريع بديلة لاستعمال نبتة القنب الهندي؟
- أضبيب: لقد سبق أن اقترحنا، بناءً على مساعدة خبراء دوليين، عدداً من المشاريع البديلة، في ميدان التجميل إلى غير ذلك من الاستعاملات النافعة، لأن العالم أصبح يرخص للاستعمالات البديلة بشكل كبير، خصوصاً في أميريكا وكندا والبرتغال وسويسرا.
كما اقترحنا مشروع استعمال النبتة في مواد البناء، هي طريقة إكولوجية تحافظ على البيئة، إضافة إلى استعمال بقايا النبتة كحطب للتدفئة وذلك لتفادي قطع الأشجار الأخرى.
بعد عدم تجاوب الحكومة وعدم تفاعل الأحزاب تجاه الموضوع، ما الذي قمتم به؟
- أضبيب: بعد تجاهل الأحزاب والحكومة لمطالبنا، قمنا أخيراً بالاتصال بالمعهد العلمي التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط وطلبنا إنجاز دراسة علمية حول النبتة الأصلية والنباتات الهجيبة وتأثيرات وفوائد كل واحدة على حدة.
إذا ما تم الاستجابة لطلبنا وتم إنجاز الدراسة سنقف آنذاك على الجانب العلمي لهذا الملف، آنذاك يجب تقديم الدراسة إلى البرلمان لكي يصوت بكون النبتة ليست صالحها والبحث عن بديل، وإذا كانت صالحة يجب العمل على تنظيم زراعتها.
أنتم مع تقنين زراعة نبتة القنب الهندي ومراقبتها من طرف الدولة؟
- أضبيب: لا نطالب بالتقنين، بل نطالب بالضبط والتنظيم الذي يعني ضبط وتحديد المنطقة الجغرافية، لأن التقنين يعني أن سهول الغرب ودكالة مثلاً يمكنهم أن يزرعوا النبتة وهذا لا نريده. كما نقترح أيضاً تكوين تعاونيات فلاحية لكي يستفيد أبناء المنطقة التي تعيش التهميش.
إذا تم ضبط وتنظيم زراعة نبتة القنب الهندي ومراقبتها من طرف الدولة، آنذاك ستسهل مأمورية محاصرة المهربين والذين يستعلمون النتبة لصنع المخدرات التي توجه للسوق المحلية والأوروبية.
أما التقنين فلن يكون في صالحنا كأبناء المنطقة التاريخية المعروفة بزراعة النبتة، لأنه سيفتح الباب أمام الشركات المتعددة الجنسيات والضيعات الكبرى للاستفادة التي ستلجأ لزراعة النبتة الهجينة المعدلة في أوروبا.
05 décembre 2022 - 17:00
05 août 2022 - 10:00
29 juin 2021 - 17:30
05 mai 2021 - 11:30
15 mars 2021 - 22:01
10 avril 2025 - 12:00
12 avril 2025 - 12:00
12 avril 2025 - 11:00