مع العلم أن الصورة التي أثارت "الفضيحة" قديمة، ولم تُلتقط في المغرب، كما أن الشكوك ما زالت قائمة حول هوية الشخص الذي نشرها على منصة X، يمكن نسبياً التخفيف من المسؤولية الجنائية لإبتسام "بيتي" لشكر. وتزداد أهمية هذا الأمر بالنظر إلى أن السيدة تعاني وضعاً صحياً يتطلب متابعة دقيقة، وربما حتى تدخلاً جراحياً. صحيح أن هذه الحجج قد تُعتبر مجرد مرافعات أو حتى مزاعم من دفاع لشكر ومناصريها لتبرئتها، غير أن إثباتها أمر ممكن، وإذا ثبتت صحتها، فما الجدوى من سجن سيدة لا تشكل أي خطر على المجتمع، ولا تعرض للخطر سوى نفسها، بينما قد تستفيد من رحمة محكمة الاستئناف، أو على الأقل من تطبيق عقوبة بديلة؟.
ولماذا إذن وُجدت العقوبات البديلة إذا كان مصير أشخاص مثل لشكر هو السجن؟ إن العدالة في المغرب ليست أداة انتقام، ولا وسيلة لقمع حرية التعبير عندما تكون هذه الحرية متجاوزة للحدود. وقد تكون لشكر قد تجاوزت الحدود بالفعل، ولكن ذلك كان في ظروف أخرى، خارج المغرب، حتى وإن أقرت هي بمسؤوليتها عن الصورة. هنا يطرح السؤال نفسه: أليس من الأجدر بمحكمة عليا أن تأخذ كل هذه المعطيات بعين الاعتبار، بعدما تهدأ العواطف والانفعالات، ليُفسح المجال للتفكير العقلاني المتزن ؟.
فالسيدة لشكر ليست إرهابية ولا معتادة على الجريمة، وحُكم عليها بأقل من خمس سنوات سجناً، ما يجعلها تستوفي شروط العقوبة البديلة. هي لا تمثل خطراً على أحد سوى نفسها. سجنها لن يكون ظلماً، لأن القانون هو القانون، لكنه قد يبدو مبالغاً فيه. أما تخفيف عقوبتها فلن يكون ضعفاً، بل تجسيداً للروح الإنسانية التي تضمنها القوانين. وإذا كانت هي بالفعل من نشر الصورة، يمكن تفهم رغبة القضاء في تهدئة غضب بعض المؤمنين الغاضبين بإدانتها، لكن ليس بالضرورة بسجنها. وهذا بالضبط هو السبب الذي شُرّعت من أجله العقوبات البديلة.
ويبقى السؤال: هل ستكون عدالتنا بالقدر نفسه من التفهم والرحمة كما كان الأمر في قضية غيثة عصفور التي حظيت بتغطية واسعة؟ بل وأكثر من ذلك: ألا يجدر بعدالتنا أن تكون أكثر ميلاً إلى التخفيف من العقوبات السجنية حيث يكون ذلك ممكناً بطبيعة الحال ؟ أليس من الأولى أن تتحلى بالرحمة كما يفعل الخالق الذي قيل إنه قد أُسيء إليه، وكما يفعل الوطن حين يحتضن أبناءه، وكما فعل الملك حين منح في يوليوز الماضي عفواً شمل نحو عشرين ألف شخص دفعة واحدة؟.
الله، الوطن، الملك… رحماء. يبقى أن تتبنى العدالة بدورها هذه الرحمة، فالمغرب اليوم في حاجة إلى جميع أبنائه، حتى أولئك الذين يختارون الهامش ويهزون الأعراف. فهكذا يتقدم المجتمع، لا من خلال الإجماع القلق أو النزعة الانتقامية.
والجواب سيبقى بيد المحاكم.