الحسن عبيابة : أستاذ التعليم العالي
منذ أكثر 15 سنة بدأت التقارير الدولية والإقليمية تتحدث عن التغيرات المناخية وآثارها الإقتصادية والاجتماعية على العديد من الدول، كما المؤتمرات الدولية حول هذه التغيرات أصدرت العديد من التوصيات المتعلقة بالأخطار المحتملة الناتجة عن التغيرات المناخية.
وعليه فإن الدول المعنية بالأثار السلبية لهذا الموضوع عليها وضع معالجة هذا المشكل ضمن الأولويات القصوى لتجنب حدوث آثار سلبية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بسبب تأخر المعالجة في هذا الموضوع، وبالتالي فإن البرامج الحكومية والبرلمان الذي يصوت عليها كانا عليهما أن يضع معالجة مشكل الجفاف في المحاور الرئيسية للبرنامج الحكومي، كما أن البرلمان يجب عليها مناقشة البرنامج الحكومي وأولوياته ، وهذا يتطلب من البرلمانين الإطلاع على وضع البلاد الاقتصادي والاجتماعي.
في العديد من الدول الديموقراطية توجد بالبرلمانات لجن دائمة تستمع أو تحلل تقارير اقتصادية واجتماعية لجميع القطاعات الحكومية وتتبعها وإصدار التوصيات، في إطار مهام البرلمان بتقييم السياسات العمومية، وهذا يتطلب عمقا في التحليل واقتراح البدائل المناسبة والسريعة، ومع الأسف لانجد هذا عندنا في المغرب، بحيث تحولت عملية تقييم السياسات العمومية إلى ندوة تنتهي بتقرير عام يشيد بكل شىء ولايوصي بأي شىء ، أتحدث عن هذا ، بمناسبة وضعية الجفاف التي أصبحت ترهن معظم مقومات الاقتصاد الوطني كل سنة ، بل يتوقف كل شىء لمدة أشهر حتى تأتي الأمطار أو لاتأتي ، وفي هذا السياق نسوق تجربة الجارة الاسبانية لمواجهة الجفاف.
ففي سنة 2008 تعرضت مدينة برشلونة لجفاف قاس نتجت عنه أزمة عطش حادة، اضطرت معه السلطات الإسبانية في نفس السنة لجلب الماء الشروب من مدينة مارسيليا الفرنسية (تبعد ب 500 كلم)، لتوفير المياه الصالحة للشرب بحكم أن مدينة كاطالونيا تمثل منطقة سياحية ، وتمث قوة اقتصادية، حيث تمثل نحو 20 %, من الناتج الداخلي الإسباني.
وبعد أن تأكدت اسبانيا من الجفاف هيكلي في بعض المناطق بإسبانيا، تم الاعداد الفوري لبرنامج ضخم لتحلية مياه البحر تم تنفيذه السنة الموالية في سنة 2009, أي في ظرف سنة ونصف استغنت اسبانيا عن شحن المياه من مارسيليا الفرنسية، وقد فتح أكبر معمل لتحلية مياه البحر بأوروبا وفي البحر المتوسط ينتج نحو 60 مليون متر مكعب من الماء سنويا، مما مكن من حل مشكلة الجفاف بصفة نهائية وحماية سكان برشلونة وسكان الحواضر التابعة للميتروبول الكاطالاني من الجفاف المتكرر، وتوفير المياه الصالحة للشرب بحوالي 4,5 مليون نسمة.
هناك دراسات محلية ودولية وعلى مستوى العالم العربي تؤكد بإن المغرب عرف خلال 70 سنة الماضية، 20 موسم جفاف، أي موسما جافا وحدا على رأس كل 3 سنوات ونصف يتعرض للمغرب لموجة جفاف، ومع الأسف لم تحاول الحكومات السابقة وضع استراتجية تنفيذية كاملة لتحلية المياه للحد من آثار الجفاف القاسية، لأن تأخير معالجة ندرة الموارد المالية يفقد ميزانية الدولة أزيد من 60 مليار درهم حسب بعض الدراسات، لأنه يؤثر على النمو الفلاحي وعلى النمو الاقتصادي العام ، وبالتالي فإن تأخير برامج تحلية المياه تبقى هدر مالي مهم أكثر منه هدر للوقت والجهد والعمل والاقتصاد.
وعليه فإن الاستراتيجة الوطنية حددت سقفا في عام 2030، يجب أن تكون جاهزة قبل تنظيم كأس العالم على الأقل بسنة على الأقل ، حتى يتجنب المغرب أزمة في الماء سواء المتعلقة بالشرب أو المخصص للسقي الفلاحي.
ويبدو أن التجربة الاسبانية يمكن أن نستفيد منها التي غطت مدنا بكاملها بالمياه الصالحة للشرب في ظرف ثلاثة سنوات وأنجزت نحو 700 معمل لتحلية مياه البحر على كامل سواحلها وجزرها ليس فقط لتوفير مياه الشرب، ولكن للحفظ على اقتصادها ومواردها السياحية والطبيعية.
02 avril 2024 - 10:00
22 janvier 2024 - 13:00
25 décembre 2023 - 20:00
20 décembre 2023 - 20:00
19 septembre 2023 - 10:00