عبد القادر الفطواكي
يبدو أن المغرب يتعرض ومنذ مدة لمؤامرة واسعة الأطراف، غرضها فرملة الإنجازات الدبلوماسية الكبيرة المحققة من طرف المملكة التي أضحت معادلة إقليمية صعبة أرعبت عددا من الخصوم العلنيين والخفيين للمغرب.
آخر المكائد التي حيكت للمغرب في الخفاء وظهرت للعلن مؤخرا، كانت على يد منابر صحفية فرنسية مقربة من الدوائر الحكومية بباريس، تتهم فيها المخابرات المغربية بالتجسس على صحفيين وشخصيات سياسية بينهم الرئيس الفرنسي بواسطة نظام إسرائيلي للتجسس يسمى "بيغاسوس".
هذه الاتهامات المجانية التي لم تستند لحدود الساعة إلى أدلة مادية ملموسة، يجب وضعها اليوم في سياقها الكرونولوجي الحقيقي، وذلك من خلال طرح عدد من الأسئلة المرتبطة بتوقيت إطلاقها المتزامن من التوتر الذي يشوب علاقة المغرب مؤخرا مع دولة "الجنرالات"، والتي لم تمل يوما في ممارسة هوايتها المفضلة زهاء نصف قرن من الزمن، في عدائها الصريح العلني لجارها الغربي المغرب، الذي زعزع تصريح أثارته سفيره الممثل الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، بشأن منطقة القبائل، أركان الدبلوماسية الجزائرية، وأصاب دولة "العسكر" بسعار "الانفصال".
إن قراءة هذه "الاتهامات المشبوهة"، لا يمكن أن يكون بمعزل عن طرح فراضية غاية في الأهمية، تتلخص في ضلوع طرف ثالث له مصلحة كبيرة في افتعال بعض المشاكل وخلط الأوراق بالمنطقة، بغرض تصريف النظر وتشتيت الانتباه عن القضايا الحساسة التي فضحها المغرب مؤخرا سواء تلك المتعلقة بتهجير "بنبطوش" سرّا لإسبانيا لدواعي "غير إنسانية" دون علم المغرب وما تلاه من ردود قوية للدبلوماسية المغربية في وجه مدريد عصفت بوجوه في حكومة الجارة الإيبيرية، إضافة إلى الموقف المتين الذي أبان عنه المغرب في وجه ألمانيا التي تبث أنها تعاكس بشكل خفي مصالح الرباط، ناهيك عن الخطوة المهمة التي أقدم عليه المغرب بتطبيعه مع إسرائيل وما تلاها من ردود أفعال واسعة.
السؤال الذي يطرح اليوم في الصالونات السياسية، ولدى العارفين بخباية العلاقات الدبلوماسية وموازين القوى بالمنطقة، هو كالتالي؛ هل تقف باريس وراء مناورة جديدة ضد مصالح المغربية السيادية، لفائدة ابنها للغير الشرعي الجزائر والذي تعتبر أرضه حديقة خلفية لها؟، وذلك بعد إثارة المغرب لملف "شعب القبائل" من جهة، أو ردا على الخطر الذي أضحى يشكله المغرب على مصالح فرنسا في إفريقيا بعد أن أصبح منافسا اقتصاديا مهما لها بالقارة بحكم أن "ماما فرنسا" خلقت عددا من بقع التوتر مع العديد من دول القارة السمراء، التي لا تحتفظ لها إلا بماض احتلالي أليم مليء بذكريات التعذيب والاضطهاد والسلب ونهب الخيرات.
الاستنتاج الأول في توقيت اتهام المغرب بالتجسس، هو أن الموضوع فارغ من الناحية القانونية بحكم أن صكوك الاتهام الجاهزة تفتقر لدلائل وإثباتات وجب على المدعي تقديمها لا المدعى عليه كما تطرقت له خرجة مضحكة للقناة الفرنسية المعروفة بعدائها لمصالح المغرب، زد على ذلك الوضوح الكامل لنكهة "التسييس" التي تحملها هاته الإدعاءات باختراق المخابرات المغربية لنظيرتها الفرنسية، والتي قد تكون فرنسا قد تستعمل لأغراض سياسية متعلقة بجديد التصعيد الذي نهجه المغرب في وجه الجار المزعج الجزائر بحديثه عن دعم استقلال منطقة "القبائل"، حيث لا يستبعد أن تسارع باريس على عجل إلى إخفاء اتهامات التجسس مباشرة بعد خمود الوضع بين الجارين بالمغرب الكبير.
باختصار شديد إن موضوع اتهام المغرب هو موضوع حساس للغاية، يطرح علامات استفهام بالجملة، حول إمكانية منظمة حقوقية أو مؤسسات صحفية كيفما على شأنها التوفر على وسائل متطورة لمحاربة التجسس؟ الجواب واضح وبسيط، أجل بإمكانها ذلك اذا كانت هي نفسها تقوم بالتجسس أو تتعامل مع جهات لها الامكانيات المادية والتكنولوجية ولها المصلحة للقيام بالتجسس ومحاربة التجسس.. لذلك رجاءا ابتعدوا عن المغرب واتركوا قطار تنميته يواصل في سكته الصحيحة.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00