موسى متروف
كان لافتاً أن يتحدث بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في أول اجتماع لها مساء الخميس 14 دجنبر 2017، بعد انتخابها في المؤتمر الوطني الثامن، وعلى رأسها الأمين العام الجديد سعد الدين العثماني، عن "ضرورة العمل بنفَسٍ مستقبلي بحشد كل كفاءات وطاقات الحزب بغناها وتنوعها من أجل مواصلة بناء الحزب وتفعيل توجهات المرحلة المقبلة كما أقرها المؤتمر".
وجاء الحديث هنا عن "كل كفاءات وطاقات الحزب" بعد الانقسام الكبير الذي شهده المؤتمر الوطني الثامن للحزب الإسلامي، من جهة، بين تيار "الولاية الثالثة" لرئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق للحزب عبد الإله بنكيران، والذي اتخذ له بديلا ورمزا في آخر المطاف هو إدريس الأزمي الإدريسي، ومن جهة أخرى، انتصب سدّا منيعا التيارُ الحكومي الممثَّل في رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، والذي حُسم في الأخير إلى هذا الأخير بدون فوز كبير.
فما السبيل إلى "حشد" كل هذه الكفاءات والطاقات في حزب "المصباح"؟
يتحدث بلاغ القيادة الجديدة عن "تكليف لجنة بإعداد مشروع منهجية لتدبير الحوار الوطني"، وهو ما يجد له أساسا في البيان الختامي للمؤتمر الثامن لـ"البيجيدي" الذي يتحدث، ضمن ثمانية مواقف اتخذها، عن "الدعوة إلى إطلاق حوار سياسي داخل مؤسسات الحزب من أجل قراءة جماعية للمرحلة وترسيخ ثقافة سياسية مشتركة في التعاطي مع المتغيرات، وتقييم شامل للمرحلة الفاصلة بين المؤتمرين السابع والثامن".
من المستحسن أن تتم "القراءة الجماعية" للمرحلة السابقة عن المؤتمر الثامن، بعيدا عن ضغط أجندة هذا الأخير، الذي لولا موقف الأمين العام السابق بنكيران الذي طوى "صفحته" الشخصية بنفسه لانفجر المؤتمر، أو على الأقل لظل في نقاش مفتوح بين الفريقين، بدون حَكَم يفصل بينهما!
انتهى المطاف إلى انتخاب أمين عام جديد، وقيادة جديدة، وإن كان يُحسب على هذه الأخيرة أنها "محسوبة" في غالبها على العثماني، الذي هو في الواقع، في أمسّ الحاجة، إلى سماع "الصوت الآخر" في اجتماعات القيادة، كما فعل يوما بنكيران مع شاب كان دائم المشاكسة له، قبل أن يصير من أنصاره، وهو عبد العلي حامي الدين!
ماذا يقتضي الحوار السياسي داخل مؤسسات الحزب الذي يستهدف، حسب ما جاء في بيان المؤتمر، "ترسيخ ثقافة سياسية مشتركة في التعاطي مع المتغيرات"، قبل أن يكون تقييما شاملا للمرحلة الفاصلة بين المؤتمرين السابع والثامن، والذي كان من المفترض أن يتم داخل المؤتمر الأخير؟
يقتضي هذا الحوار، الذي يمكن اعتباره شوطا إضافيا للمؤتمر الوطني الأخير، إنصاتا أولا، حتى لا يكون "حوار طُرش"، وربما كان الإنصات من شيم العثماني، الطبيب النفساني الذي ألف الإنصات، الذي يعتبر كل عُدّة عمله المهني. فقد رفع الإنصات شعارا له في الحكومة، بمجرد ما تم تعيينه على رأسها، وعطف عليه "الإنجاز".
وقد تكون الكلمتان هما الحل السحري في المستقبل الحزبي للعثماني، فهو مطالب بالإنصات لكل أعضاء الحزب، سواء كانوا في صفه أو حتى من معارضيه، ومطالب بالإنجاز في الحكومة، حتى لا تبقى هذه الأخيرة "حكومة للإهانة"، كما قال بعض المؤتمرين، بوضوح، خلال المؤتمر الأخير.
وقد يكتسي الإنجاز طابعا داخليا، في ما أشار إليه العثماني في اجتماع الأمانة العامة الأخير، عندما تحدث عن أوراش في الحزب، مستعجلة، متوسطة المدى، وبعيدة المدى، تنطلق من برنامج عملي لأربع سنوات، قبل أن يمر إلى برامج سنوية...
يجب أن يكون الحوار الموعود داخل "البيجيدي" هادئا وعقلانيا، يستهدف قراءة صفحات كتاب الحزب بين المؤتمرين الأخيرين، في أفق طيّها تماما، بعيدا عن الأنانية والتعصب للرأي الشخصي، ولإسلاميي المؤسسات في الإمام محمد بن إدريس الشافعي خير قدوة، خصوصا في قوله "ما حاورتُ أحدا إلا وتمنّيتُ أن يكون الحق إلى جانبه"!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00