عزيز بوستة
كنا نترقب خطابا إديولوجيا كبير، من أجل تحويل التجمع الوطني للأحرار إلى حزب جماهيري، لكننا لم نستمع لأي شيء من ذلك. كنا نتوقع الإعلان عن تموقع جديد للتجمع في الساحة السياسية، لكننا لم نر أي شيء من ذلك.
لقد كان خطاب رئيس التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش عمليا. تحدث عن مقاربة للقرب والفعل التشاركي. و في هذا يسترشد بمقاربة جديدة في العمل السياسي، والتي نراها في العديد من المناطق من العالم.
قال أخنوش في كلمته بمناسبة المؤتمر الأخير" مشاريع التنمية التي أطلقها البلد على الصعيد المركزي، لا تصل إلي الساكنة المستهدفة، يجب العمل في هذا الاتجاه، مستندين على المكتسبات الاجتماعية والسياسية للبلد، وبثقة في قدرات أمتنا".
إنها تقريبا المقاربة التي سار عليها بوديموس، وحركة إيمانويل ماكرون، و سيريزا، وحركات أخرى. في أوروبا تفكك التجاذب بين اليسار واليمين، ما أتاح ظهور قوى جديدة وقادة جدد.
لم تعد الإيديولوجية أولوية، بل القرب. الخطابات لم نارية، بل بسيطة وفي متناول الجميع. لم نعد نتحدث عن " عظمة الأمة"، ولكن عن مشاكل عملية ويومية يواجهها الناس.
يسري ذلك على المغرب، وإذا كان التجاذب اليوم، هو بين المحافظين والحداثيين، غير أنه لايوجد شرخ بين هذين المعسكرين اللذين لا يجمع بينهما أي شي. فالحداثيون يظلون محافظين، والمحافظون يقدمون أنفسهم على أنهم حداثيون.
ففي الوقت الذي بدأ العدالة والتنمية يتحدث عن الحريات الفردية، يثير حزبا التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي، مسألة التقاليد والعادات في البلد.
يجب الوصول إلى حل وسط، يجري عبره مخاطبة ساكنة تريد، الاستفادة من ثمار النمو، وإن كان ضعيفا، ومن ثمار التنمية، وإن كانت غير متساوية. الجميع يريد حصته من الكعكة. وهذا هو الخطاب الذي يردده أخنوش بالتجمع الوطني للأحرار.
إذا كانت حكومة ماكرون شكلت من اليمين واليسار، فإننا نفهم أكثر اليوم، أن حكومة العثماني، لم تشكل من مكونات متنافرة. في فرنسا جرى الإعلاء من شأن الكفاءات، من أجل جذب أكبر عدد منها من جميع ألوان الطيف السياسي.
وفي المغرب، فإن التحالف المنتقد من قبل الأوفياء لبنكيران، يبرز قدرته على العمل من أجل مصلحة الجميع، مع مراعاة خصوصيات كل مكون.
ويتجه التجمع الوطني للأحرار، نحو التحول إلى حزب وسط حقيقي. حزب لاليبرالي، ولا اشتراكي، ولا محافظ، ولاحداثي، ولكنه حزب في طور البحث عن توازن منصف بين الحريات الفردية للجميع و مسؤلية كل واحد تجاه الجميع.
في الحكومة يحمل هذا العبء كل من العدالة والتنمية و التجمع الوطني للأحرار، مدعومين من قبل التقدم والاشتراكية. أما الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية، فهي أحزاب فهي حاضرة فقط من أجل القوة العددية التي تمثلها في البرلمان.
ومن المفارقات، أنه في الوقت الذي كان التجمع الوطني للأحرار يعقد مؤتمر بحضور الجميع، كان ما تبقى الاتحاد الاشتراكي، يعقد مؤتمره، الذي غابت عنه الطبقة السياسية.
بالجديدة، رسم أخنوش، بحس المقاول الذي يتمتع به، خارطة طريقه الشخصية التي يسترشد بها منذ ستة أشهر. في الحكومة يتموقع كداعم للعدالة والتنمية، أول حزب وطني والأكثر تجذرا اجتماعيا. يأتيه بالكفاءات والتقنية. هذا ما فهمه العثماني، وقبله بعد ستة أشهر من البلوكاج الذي ساهمت فيه شخصية عبد الإله بنكيران الصدامية.
يبقي على أخنوش أن يتكلم أكثر و يحيط نفسه بكفاءات كبيرة. فإذا كان يعرف إلى أين يريد الذهاب، ووفر الوسائل لذلك، فإن بعض الهواجس المشروعة يمكن أن تثار حول تشكيل المكتب السياسي.
فخارج الوزراء الذين ينظمون إليه بقوة القانون الداخلي للحزب، فإنه لا يضم سوى أربع نساء وعشرين عضوا منتخبا، ونجد ضمن هؤلاء العشرين عودة قيادات قديمة.
صحيح أن وجوها جديدة برزت، غير أن التساؤل يطرح حول مدى القرب من الناس. نفس التساؤل يطرح بالنسبة لإمانويل ماكرون، إذا كان هو ماض في طريقه، فإن الآخرين يمكن أن يتعثروا.
من أجل إنجاح الرهان، فإنه يتوحب تفادي أسباب فشل حزب الأصالة والمعاصرة أو سلوك سبيل المواجهة الذي اختاره حزب العدالة والتنمية. لذلك يستحب أن يختار عزيز أخنوش، لجنة للقيادة، تتكون من مواهب دون إيديولوجيا، وتعتمد على الكفاءات وليس على أشخاص هدفهم التموقع في أعلى قمة الحزب من أجل مصالحهم أو مصالح فئات يمثلونها.
يمكن أن نرتاب، ولكننا لا نملك إلا أن نؤمن. ووحده المستقبل سيأتي بالخبر اليقين.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00