عبد القادر الفطواكي
ككل سنة تحل علينا الأعمال الرمضانية محملة بالوعود، تصطف على الشاشات كمعروضات فنية يُفترض أن تعكس نبض المجتمع وهمومه. لكن هذا الموسم، بدت الصورة ضبابية، وكأن الدراما المغربية قد أضاعت بوصلتها بين واقعها المفترض وتوجهاتها المستوردة.
مشاهد العنف المبالغ فيها أصبحت عنصراً درامياً أساسياً، وكأنها جزء من الديكور اليومي، فيما تحولت الاعتداءات والصراعات إلى مشاهد اعتيادية. فهل نحن أمام دراما تستجيب للواقع، أم محاولة لفرض صورة مشوهة لا تشبه مجتمعنا إلا في استثناءات معزولة؟.
أما على مستوى الكتابات، فقد جاءت بعض السيناريوهات باردة كطقس رمضان لهذه السنة. أفكار سطحية، وشخصيات تفتقد للعمق والهوية، وقرى مغربية تُصوَّر على أنها غارقة في الفوضى، بعيدة عن واقعها الحقيقي. المواضيع المطروحة تبدو وكأنها وحي من ثقافات غريبة أو مستوردة من المشرق العربي، ما يطرح تساؤلاً جاداً: هل تفقد الدراما المغربية تدريجياً وظيفتها كمرآة تعكس المجتمع؟.
فيما يخص الحوارات، خسرت الأعمال الرمضانية هذا العام رهان الجودة بشكل صارخ. مفردات ركيكة أحياناً، وعبارات تخدش الذوق العام، وافتقار واضح للرقي اللغوي. أين العمق في الحوار الذي يترك أثراً في ذهن المشاهد؟ يبدو أن النصوص باتت تلهث خلف الإثارة السطحية بدلاً من التركيز على جودة التعبير وقوة المضمون.
ورغم هذا التيه السردي، لا يمكن إنكار التطور التقني المذهل الذي شهدته بعض الإنتاجات. التصوير الاحترافي، الديكورات المدروسة، والمؤثرات البصرية والصوتية منحت المشاهد تجربة بصرية راقية. أما على مستوى الأداء، فقد برزت أسماء أثبتت نضجها الفني، على رأسها دنيا بوطازوت، عبد الله ديدان، وعزيز داداس، الذين أظهروا خروجاً ذكياً عن النمطية. كما نجحت السلسلة الكوميدية "صلاح وفاتي" في نفخ روح التجديد في جزئها الثالث، محققة نجاحاً لافتاً.
ويبقى السؤال معلقاً: متى نصل إلى دراما مغربية خالصة، تلتقط نبض الشارع دون تشويه، وتعكس ثقافتنا دون تغريب أو تشريق؟ متى نصنع من البساطة عمقاً ومن الواقع فناً؟ فما فائدة الإبهار البصري إن كانت روح الإبداع المغربي غائبة؟.
26 mars 2025 - 14:00
26 mars 2025 - 11:00
24 mars 2025 - 15:00
24 mars 2025 - 12:00
17 mars 2025 - 14:00