عبد القادر الفطواكي
أشاد عبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بالدور المركزي للملك في تدبير مخلفات هذا الزلزال، منوها باجتماعاته المتكررة، وبالسرعة والنجاعة والكرم التي اتخذت بها القرارات لتخفيف المصاب على ساكنة المناطق التي ابتليت مباشرة بهذا الزلزال، مبرزا أن الملك محمد السادس تابع هذا الموضوع بالقوة والحزم اللازمين، اللذين أثارا الإعجاب والتقدير داخليا وخارجيا، وقرر أن ترصد الدولة ميزانيات مهمة لتقديم المساعدات المباشرة الفورية للساكنة المتضررة ولتمويل برنامج إعادة الإعمار والتأهيل.
ونوه بنكيران خلال كلمته الافتتاحية ضمن فعاليات اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي انعقد أمس السبت 23 شتتبر بمقر الحزب بالرباط، عاليا بالموقف المشرف للملك بخصوص تدبير ملف طلب المساعدات الأجنبية، المبني على صيانة السيادة الوطنية والتصرف بالعزة والكرامة، وهو ما يؤمن به ويقدره المغاربة عاليا.
كما أشاد كذلك بتدخل السلطات العسكرية والمدنية، وبالهبة الشعبية والتضامن والتعاطف الوطني النبيل، الذي عبر عنه مختلف رجال ونساء المغرب، بمختلف فئاتهم وأعمارهم، لتقديم المساعدات لضحايا الزلزال بكل الأقاليم المتضررة.
وأضاف بنكيران أنه “بالرغم من أننا ما زلنا تحت هول الصدمة، وجب علينا أن نسائل أنفسنا عن دورنا كحزب سياسي وطني ومسؤول، وأن نصارح شعبنا ونتحمل مسؤوليتنا، لأن الملاحظ أن الكل اليوم يتحدث ويشيد بالقرارات التي اتخذت والمساعدات التي قدمت والميزانية المهمة التي خصصت، وهذا واجب من باب الشكر والاعتراف بالفضل لأهله، لكن في المقابل لا أحد ينبه أو يذكر بما ينبغي أن يراجع على ضوء ما كشفه هذا الزلزال من خصاص وتفاوتات مجالية”.
لذا، يضيف البلاغ ذاته، “من واجبنا كحزب سياسي أن نعتبر، وأن ندعو إلى الاعتبار مما وقع استحضارا لقوله سبحانه وتعالى: “وَبَشِّرِ اِ۬لصَّٰبِرِينَ اَ۬لذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَۖ”، والذي يردده المسلمون كلما حلت بهم مصيبة، وعلينا أن ننتبه إلى أن من معاني “الرجوع إلى الله” ما يفيد أننا مبتعدون عنه في أمور معينة، وعليه وجب أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا”.
واستدرك المصدر ذاته “لكن يجب أن نراجع كذلك كي نرجع إلى الله لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا ليس فقط بمعناها الفردي، ولكن بمعناها العام والسياسي، لأن السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية، وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي، وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها”.
وفي سياق الحديث عن المراجعة، تساءل بنكيران عما أثير في سياق هذا الزلزال حول صندوق تنمية المناطق القروية والجبلية، والذي رُصدت له ميزانية كبيرة تفوق 54 مليار درهم، وعن أثرها على واقع ساكنة هذه المناطق وبنيتها التحتية ومعيشها اليومي، مستحضرا ما وقع من نزاع بين وزيري الداخلية والفلاحة سنة 2016 حول الإشراف على هذا الصندوق. وتساءل عن الإنجازات الحقيقية لهذا الصندوق، مؤكدا أنها أسئلة مطروحة على الجميع، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية، وتحتاج إلى التوضيح والبيان واستخلاص الدروس للمستقبل.
كما أكد الأمين العام لـ”البيجيدي” أن الحزب مطالب بالحفاظ على هويته والتشبث بمرجعيته وتميزه، لاسيما في ظل ما تعرفه الساحة السياسية الوطنية، التي ابتليت ببعض الأحزاب التي لا تتنافس في خدمة المواطن والمصلحة العامة بقدر ما تتنافس على جلب المناصب والمصالح الذاتية ولذوي القربى حتى ترسخ في ذهن المواطن أن الدولة تسعى من جهتها للقيام بما يجب.
لكن في المقابل، يتابع بنكيران، تظل المؤسسات الأخرى، من حكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين والجماعات الترابية وغيرها، غائبة وعاجزة عن القيام بواجبها، لكونها مؤثثة على العموم بكائنات لا تمثل الإرادة الشعبية، ولا علاقة لها بالعمل السياسي النبيل والمسؤول، وعاجزة كليا عن التواصل المباشر والمسؤول مع المواطنين.
وانتقد بنكيران بعض الأصوات الإعلامية المغرضة، التي لا تتوقف عن مهاجمة الحزب وتحميله المسؤولية عن كل ما وقع ويقع، مؤكدا أن الحزب قام بواجبه بشرف ومسؤولية في إطار الصلاحيات المخولة له، بالرغم من كل الإكراهات المعروفة.
وأشادت الأمانة العامة لـ”البيجيدي” عاليا بالدور القيادي والتدخل الحاسم للملك محمد السادس منذ اللحظات الأولى التي أعقبت هذا الزلزال، وتعليماته السديدة لمختلف القوات والسلطات العسكرية والمدنية للتدخل بالسرعة اللازمة واتخاذ الإجراءات الاستعجالية لتسريع ﻋﻣﻠﯾﺔ الإﻧﻘﺎذ والتكفل باﻟﺟرﺣﻰ، وترؤسه جلسات عمل متتالية أيام 9 و14 و20 شتنبر، توجت بتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بهم، وإحداث حساب خاص لتلقي المساهمات التضامنية، وبلورة برنامج لإعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من الزلزال بغلاف مالي قدره 120 مليار درهم.
وأضاف بلاغ الأمانة العامة، أن الملك حرص على ضرورة احترام كرامة السكان وعاداتهم وأعرافهم وتراثهم، والإنصات الدائم لهم قصد تقديم الحلول الملائمة لهم، ودعوته النبيلة إلى التكفل بالأطفال اليتامى ومنحهم صفة مكفولي الأمة.
ودعت الحكومة إلى التسريع والتعجيل بإنهاء إحصاء الساكنة المتضررة، والمبادرة بسرعة ودون تأخر بصرف الدعم المباشر لها، وصياغة التفاصيل الدقيقة والعملية لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة، والإنصات إلى الساكنة، وإشراك المنتخبين والمجتمع المدني، وتوفير الحكامة الجيدة اللازمة بما يضمن الرقابة البرلمانية، وتنزيل البرنامج بسرعة ونجاعة وفعالية.
كما دعتها إلى الوعي بمتطلبات هذه المرحلة الصعبة، وتركيز جهودها وجهود أغلبيتها على القيام بواجباتها والوفاء بالتزاماتها، والتوقف عن المناوشات المتكررة بين مكوناتها، وتضييع الوقت في محاولات ترميم الشقوق التي أصبحت بادية للعيان في التحالف الحكومي.
وتقدم التنظيم السياسي ذاته بالشكر لكل الدول الشقيقة والصديقة، التي دعمت المغرب في هذه الظروف الصعبة بطلب من السلطات المغربية، في إطار الاختيارات السيادية الوطنية، وبناء على الاحتياجات الميدانية، خاصا بالذكر دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ودولة قطر الشقيقة، والمملكة المتحدة الصديقة، والمملكة الإسبانية الصديقة، وفرقها المتخصصة التي عملت بتفان في انسجام وتلاحم تام مع الفرق المتخصصة المغربية.
كما أعرب عن اعتزازه بالموقف الوطني الصارم والحازم تجاه الابتزاز الفرنسي المرتهن إلى منطق قديم، مدينا الحملات الإعلامية العدائية- غير الأخلاقية وغير الإنسانية- التي انطلقت واستمرت في عز الزلزال المؤلم، واستهدفت بكل خسة مؤسسات ورموز الوطن.
وتوجهت الأمانة العامة لـ”البيجيدي” بالدعوة إلى عقلاء فرنسا وحكمائها بضرورة مراجعة سياسة البلاد تجاه المغرب، والقيام بنقد ذاتي عميق لمواقف الاستفزاز والابتزاز وتصحيحها، بما يمكن من إرساء قواعد علاقة قوامها الاحترام المتبادل مع بلد عريق وشعب أبي، مؤكدة أن “هذا الزلزال المؤلم وما أبان عنه من مستوى عال من الصبر والاحتساب والتسليم بقضاء الله وقدره ينبغي أن ننتبه ونتعظ بما يحمله من دلالات ودروس وعبر عميقة تتمثل في الطاقات الكامنة والرصيد الإيماني والقيمي والأخلاقي والوطني المتميز للشعب المغربي المسلم”.
ونبه المصدر نفسه إلى ضرورة أخذ العبرة من هذه الأزمة العصيبة ومخلفاتها للقيام بمراجعة حقيقية لطريقة ومنهجية بلورة وتنفيذ والمصادقة على مختلف السياسات العمومية والبرامج التنموية، بما ينسجم مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لاسيما تلك الموجهة إلى المناطق القروية والجبلية والمهمشة، والتي عرفت فشلا بالرغم من المجهودات التي بذلت والبرامج والميزانيات التي رصدت.
كما أشاد بالهبة الشعبية المشرفة للمغاربة من الداخل والخارج، وبالقوافل الإنسانية السخية المتواصلة نحو المناطق المنكوبة، والمنطلقة من مختلف مناطق المغرب بطريقة حضارية وعفوية، والتي لم تسجل خلالها أي ملاحظات أو تجاوزات.
وأكد على ضرورة مراجعة عميقة بمنهجية مسؤولة بالجدية المطلوبة، تستثمر الإمكانات التي أبان عنها الشعب المغربي وقيادته، ممثلة في المؤسسة الملكية، بما يمكن من مواجهة مختلف التحديات التي تواجهها بلادنا، داعيا مناضلي ومناضلات الحزب ومسؤوليه إلى التعبئة ومواصلة القيام بواجباتهم والمساهمة في المجهود الوطني.
22 novembre 2024 - 10:00
21 novembre 2024 - 22:00
19 novembre 2024 - 12:00
19 novembre 2024 - 11:00
18 novembre 2024 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00