مواطن
يمثل التعليم الأولي بالمغرب أحد الرهانات الكبرى للمدرسة الوطنية وللمجتمع بشكل عام. بل أكثر من ذلك، يشكل تعميمه تحديا حقيقيا من أجل أن تصبح هذه المدرسة ملاذا لتكافؤ الفرص. فالعرض التربوي بالمملكة لا يزال دون المستوى المنشود، الشيء الذي يزيد من حدة التفاوتات، خاصة في العالم القروي. وبالتالي، فإن مبادرة مؤسسة زاكورة للتربيةالتي قامت بإطلاق نموذجأنير في سنة 2015 تندرج في خلق نموذج طموح بعد سنوات من الاشتغال على التربية والتعليم الأولي مند سنة 2009 والاشتغال على البرامج التربوية والتنموية مند تأسيسها سنة 1997
يتعلق الأمر ببرنامج طموح يهدف أساسا إلى تعميم التعليم الأولي في المناطق القروية الأكثر هشاشة داخل المملكة. اعتبارا لذلك، ولأجل القيام بقراءة نقدية وبناءة لنتائج هذا النموذج، أنجزت مؤسسة زاكورة دراسة لقياس وقع البرنامج خلال الفترة 2016 – 2021. وتطمح هذه الدراسة المعمقة إلى تحقيق نوعين من الأهداف :
هدف عام يتعلق بتقييم نموذج زاكورة للتربية للتعليم الأولي الجماعي (PCZ)في إطار مقاربة للتحسين المستمر. بالإضافة إلى مجموعة من الأهداف الخاصة والتي تتعلق بتقييم الخصائص السوسيو – تربوية والاقتصادية والمجتمعية لوقع هذا البرنامج، على ضوء إنجاز 65 وحدة للتعليم الأولي على الصعيد الوطني في إطار هذا النموذج؛ القيام بتحليل نقدي لنمط التفعيل؛ تحديد المناطق في وضعية هشاشة لاستكشاف سبل جديدة للتأقلم والمرونة في النموذج الحالي. فبعد تفعيل الاستراتيجية التي وضعت في 2015، تود مؤسسة زاكورة القيام بقراءة مندمجة للنموذج من أجل موضعة النتائج في السياق الحالي الذي يعرف تحولات هيكلية، وخصوصا مع وجود إرادة مؤسساتية عازمة على تعميم التعليم الأولي.
ففي الواقع، تتطلب دراسة الوقع اعتماد مقاربة قائمة على التشاركية و الإعادةعبر إشراك جميع الأطراف المعنية، ويتعلق الأمر بـ : أولياء أمور الأطفال، المربيات، الفرق العملياتية والبداغوجية، فرق القيادة، المدرسون والجمعيات. تضمنت الدراسة ثلاث مراحل: مرحلة التحليل الوثائقي للسياسات العمومية، الدراسات، تقارير النشاط، الإحصائيات…، مرحلة ذات طبيعة نوعية مع إجراء 36 مقابلة شبه مباشرة وإحداث مجموعات مركزة (فريق مركزي، فريق التفعيل،المربيات وأولياء الأمور)، ومرحلة ذات طابع كمي مع إجراء مشاورات شملت 52 من أولياء الأمور و39 جمعية و50 مربية. تم اعتماد هذه المقاربة في أفق إنجاز قراءة موضوعية ومتعددة الأبعاد للآثار التربوية والنفسية – الاجتماعية والاقتصادية والمجتمعية المتوخاة من نشر 65 وحدة للتعليم الأولي على الصعيد الوطني. تمت هيكلة الدراسة حول أربعة روافع للتنفيذ: تفتح ونماء الأطفال المستفيدين، دعم التربية الأسرية الإيجابية، التماسك الاجتماعي وقيادة الوحدات التربوية. يتعلق الأمر أيضا بالقيام بتحليل نقدي لنمط التشغيل بهدف تحديد محاور النجاح ومناطق الهشاشة من أجل استكشاف السبل الجديدة لتأقلم ومرونة النموذج الحالي.
بعبارة أخرى، تتوخى دراسة الوقع إعطاء أجوبة عملية للأسئلة التي يطرحها التفعيل العملي للنموذج؛ وفيما يخص الوقع، ماهي مساهمة نموذج زاكورة للتعليم الأولي الجماعي (PCZ) منذ انطلاقه في 2015 على معدل مواصلة الدراسة وتقليص الهدر المدرسي في التعليم الأساسي على مستوى مناطق التدخل؟ وإلى أي مدى ساهمت البرامج في ولوج الأطفال إلى التعليم الأولي؟ وهل تتلاءم الآليات البيداغوجية المعتمدة مع الخصوصيات السوسيو – ثقافية للساكنة المستهدفة؟ ماهو الأثر المترتب من خلال الوسائل التقنية والبيداغوجية المسخرة؟ هل تم أخذ الابتكار بعين الاعتبار؟ ما هو وقع برنامج التربية الأسرية الهادف إلى تعزيز التزام وانخراط الآباء إزاء تربية أطفالهم؟ ماهو مستوى انخراط المجتمع المدني المحلي ليصبح رافدا لاستدامة الوحدات التي تم تشغيلها؟ وأسئلة أخرى عديدة.
أظهرت نتائج دراسة الوقع لنموذج ANEER 2016-2021 تحقيق الإنجازات التالية: إحداث 65 وحدة؛ تعبئة 20 مليون درهم من أجل الإنصاف التربوي؛ تكوين وتوظيف 163 مربية؛ تغطية 10 جهات؛ تغطية 23 جماعة قروية؛ إنشاء 11 وحدة في السنة؛ مربيتين في كل وحدة. خلال هذه الفترة مكن ANEER من تكوين وتأطير 16000 طفل من بينهم 8014 طفلة (50 % من المستفيدين). ما يمثل في المتوسط إدماج2600 طفل في السنة. كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن مستوى تملك المكتسبات التعليمية بلغ 70%، ووصل إلى 74 % فيما يخص تملك المكتسبات السلوكية. وبلغ معدل غياب الأطفال 0.6 %. كما بلغ متوسط أولياء أمور الأطفال المقتنعين بالقيمة المضافة للتعليم الأول الجماعي 95 %. وبلغت نسبة تملك أولياء أمور الأطفال للممارسات التربوية الجيدة للتلاميذ 93 %.
خلاصة القول، إن تفعيل خارطة طريق نموذج زاكورة للتعليم الأولي الجماعي (PCZ) قد مكن من توطيد نمط تشغيل ناجع والذي مكن من التكفل الفعال، في المنبع والمصب، بآليات تشغيل وحدات التعليم الأولي. مع توالي التدخلات المجالية، اكتسبت فرق المؤسسة خبرة هائلة في مجال إنجاز وتشغيل المشاريع المحلية وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية للنساء وإرساء أسس حماية الطفولة. وتمكنت المؤسسة من تعزيز قاعدة بيانات الفاعلين المحليين (الجماعات الترابية، الأعيان، الفاعلين المؤسساتيين، المجتمع المدني إلخ.) وهو ما مكن من تسهيل إنجاز مشاريع جديدة. ومن شأن ذلك أن يتيح إطلاق جيل جديد من ANEER بالمزيد من الإصرار والعزم على التعبئة والالتزام من أجل إنصاف تربوي ذو قيمة مضافة بالنسبة للطفولة المغربية الصغيرة. نعم إذن، «تعليم أولي ذو جودة، هذا ممكن!».
09 janvier 2025 - 16:30
09 janvier 2025 - 10:15
08 janvier 2025 - 18:00
08 janvier 2025 - 11:30
08 janvier 2025 - 10:40