عبد القادر الفطواكي
لازال موقف فرنسا من الاعتراف بمغربية الصحراء، محط جدل دولي كبير، خصوصا بعد الاعتراف التاريخي الأمريكي للمغرب بسيادته الكاملة على الصحراء المغربية. في ظل الموقف الغامض لباريس، التي أصبحت تجيد هواية اللعب على الحبلين للاستمرار في حماية مصالحها بشمال القارة الإفريقية.
سياسة باريس المريبة، التي تحرص حرصا بليغا في الحفاظ على علاقتها بحلفائها الشمال افريقيين، تفسر إلى حد ما تأخر حكام قصر "الإيليزي" في الاعتراف بمغربية الصحراء، فباريس لا ترغب في أن تغضب جنرالات الجزائر، مقابل حرصها على عدم المجازفة بعلاقتها المهمة مع حليفها الإستراتيجي المغرب، في لعبة دبلوماسية شديدة التعقيد من شأن الفترة المقبلة كشف كل نواياها.
الموقف الضعيف الذي وضعت واشنطن باريس فيه، مباشرة بعد اعترافها الصريح بمغربية الصحراء، عرى موقف فرنسا المشوب بالكثير من الشكوك والريبة، حيث سارعت إلى تجديد دعمها لمقترح الحكم الذاتي كآلية سياسية من شأنها أن تفرز حلا سياسيا تحت السّيادة المغربية، في وقت ينتظر فيه المغرب مواقف وإشارات قوية وواضحة من باريس، تتعلق بوحدته الترابية لا رموز و شفرات يمكن تأويلها حسب المصالح والاديولوجيات.
في حقيقة الأمر كان من المفروض على فرنسا أن تكون السباقة إلى الاعتراف بمغربية الصحراء لعدد من الأسباب منها على سبيل المثال لا الحصر كونها المستعمر السابق للمغرب وهي جزء من المشكل القائم، بالإَضافة إلى الشراكة الاقتصادية الكبيرة التي تجمعها بالمغرب، الذي تتحدث شركاته اللغة الفرنسية، وتعتبر أول لغة أجنبية بمقررات أبناءه الدراسية، زيادة أن عددا من الوثائق الادارية تصدر بلغة "موليير" في ارتباط شديد بالجمهورية الفرنسية وقيمها.
يبدو أن حل مشكل الصحراء المغربية في واقع الحال، هو أمر لا يخدم مصالح فرنسا في إفريقيا، حيث أن إطالة أمد هذا النزاع المفتعل بالمنطقة يعتبر من بين الأوراق التي تحتفظ باريس للضغط وتحقيق عدد من المآرب السياسية والاقتصادية بشمال إفريقيا، تغذيه العلاقة الجزائرية الفرنسية الخاصة والغربية، التي دفعت باريس إلى ترك جنرالات الجزائر يتسلون بأزمة البوليساريو المفتعلة، لخدمة أجندة لا تعطي الأولوية لاستقرار ولا ازدهار المنطقة.
حيث لا يخفى على الجميع أن حل النزاع المفتعل بالصحراء المغربية بيد فرنسا، التي يتوفر أرشيفها الكبير على خرائط ووثائق نادرة، تحدد بشكل دقيق حدود "الإمبراطورية المغربية الشريفة" التي وصلت إلى غاية السينغال وتومبوكتو، بالإضافة إلى ضلوع فرنسا في تسليم أراضي الصحراء الشرقية للجزائر بعد استقلالها سنة 1962، والتي لازالت محل خلاف كبير إلى حدود الساعة، وإذا كانت لفرنسا الشجاعة السياسية والتاريخية، وجب على الحليف الأوروبي المفترض للمغرب الكشف عن هذه المخطوطات وإنهاء هذه الأزمة.
لكل هاته الأسباب وجب على المغرب أن يتوجه صوب حلفاء "أنكلوساكسونيين" يتحلون بالكثير من الواقعية والقوة، وأن يتخلى عن عقدة "الفرنكوفونية" الاستثمارية والمصلحاتية لفرنسا وأخواتها، مفكرا في الارتكاز في كل تعاملاته وتحالفاته المستقبلية على إبرام مشاريع وفتح أسواق رائدة مع بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، والصين لأن العد العكسي لنهاية وتشتت القارة العجوز أوروبا بدأ بالفعل من مدة، وحان موعد سقوط وأفول أسطورتها.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00