مصطفى أزوكاح
«يجب أن نأكل مما ننتج».. تلك عبارة صدرت عن المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، عندما كان يتحدث، في الأسبوع الماضي، عن صورة الاقتصاد المغربي هنا والآن. ذلك نداء لابد أن يلح على الشخص عندما يفكر في الآثار المحتملة لقرار الانتقال من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف المرن للدرهم المغربي.
صحيح أن بنك المغرب و الحكومة، سعيا إلى التشديد على أن الاقتصاد المغربي، يتمتع بحصانة كبيرة إزاء الهزات، التي يمكن أن تفضي إلى انفلاتات في قيمة الدرهم، تجعل التعويم وبالا على المغرب والمغاربة.
ويؤكد أصحاب القرار السياسي والمالي والنقدي، على أن رصيد البلد من العملة الصعبة يشجع على هذا الانتقال إلي نظام الصرف المرن، ويشددون على أن التضخم متحكم فيه والعجز الموازني محاصر.
وهم يحرصون على التأكيد على أن قرار الانتقال، كان قرارا سياديا، اتخذه المغرب بمحض إرادته، بعدما نضحت الشروط الاقتصادية والمالية، التي تقيها من أن يكون نهبا للقلق الذي تثيره الأزمات.
وعندما يعتبر البعض أن التعويم، كما رفع الدعم عن المحروقات وإصلاح التقاعد، من إملاءات صندوق النقد الدولي، يرد صاحب القرار السياسي والمالي، بأن الصندوق لم يعد كما كان في الثمانينيات من القرن الماضي. فلامشروطية تحكم علاقة المغرب معه.
غير أنه هناك من يتصور أن تلك المؤسسة لم تغير قناعاتها الثمانينية، بل هي تسلك سبيل الموعظة الحسنة من أجل تمرير خططها مستعينة بخبراء يروجون لمنافع اليد الخفية، التي يرى منتقدو الصندوق أنها يمكن أن تقتل بالخنق.
هذا النقاش بين الخبراء والسياسيين، بما له من جوانب تقنية معقدة، قد لا تعني تفاصيله المواطن المغربي، الذي رأيناه يتساءل حول معنى سعر الصرف المرن أو تعويم سعر صرف الدرهم أو تحرير سعر صرف الدرهم..
غير أنه بعيدا عن فهم فحوى الانتقال، ثارت هواجس لها علاقة بتأثير ذلك على القدرة الشرائية للأسر، حيث يرى العديدون في القرار الذي اتخذ يوم الجمعة الماضية، مؤشرا على اتجاه نحو ارتفاع الأسعار، في سياق متسم بضغط ضريبي مرتفع و تأفف الحكومة والقطاع الخاص من مطالب النقابات الرامية إلى الزيادة في الأجور وتحسين الدخل.
وتجد هذه الهواجس التي يغذيها الخوف من ارتفاع الأسعار في كون التعويم أو التحرير، أفضى في بلدان أخرى إلى ضغط كبير على القدرة الشرائية للأسر، وتلك هواجس تجد صداها لدى خبراء في المغرب، ينبهون إلى أن بلدا يستورد بكثافة، لا بد أن يعاني من التضخم المستورد، رغم الطابع التدريجي للانتقال من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف المرن.
من هنا تجد أمنية المندوب السامي: " يجب أن نأكل ما ننتج" معناها، على اعتبار أن المغرب يستورد أغلب الاحتياجات، التي تلبي انتظارات المستهلكين، ولا أدل على ذلك من الحبوب التي تتراوح واردات المغرب منها ما بين 30 و50 مليون قنطار أيا كان المحصول المحلي.
وتطرح مسألة التضخم المستورد في ظل إبرام المغرب لأكثر من 55 اتفاقية للتبادل الحر، الشيء الذي يفرض في تصور البعض، خارج التدابير الوقائية التي توفرها منظمة التجارة العالمية، السعي لتوفير منتجات محلية الصنع، بجودة مقنعة للمستهلك المحلي، حتى يقبل عليها بوعي يحرضه على خدمة منتج بلده.
صحيج أن صاحب القرار السياسي في المغرب، حاول التأكيد على أن قرار التعويم سيادي يراد من ورائه تعزيز تنافسية الاقتصاد، غير أن الهاجس الذي يلح على المستهلك، يتعلق بقدرته الشرائية. فهل تضمن الدولة له عدم تآكل قيمة الدرهم في المسقبل، أي عند التحرير الشامل لسعر صرف الدرهم، بعد عشرة أو خمسة عشرة عاما؟
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00