عبد القادر الفطواكي
في أعقاب صدور القرار الأممي رقم 2797 المتعلق بملف الصحراء المغربية، برزت قراءات متعددة لمضامينه تعتبره تحولًا نوعيًا في تعاطي مجلس الأمن مع النزاع المفتعل. القرار، الذي صوّت عليه المجلس نهاية شهر أكتوبر 2025، جدد التأكيد على أولوية الحل السياسي الواقعي والدائم القائم على التوافق، مع الإشادة بجهود المملكة المغربية ومقترحها للحكم الذاتي كخيار جدي وذي مصداقية.
ولفهم دلالات هذا القرار من زاوية مختلفة، أجرينا هذا الحوار مع مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، القيادي السابق في جبهة "البوليساريو"، الذي انشق عنها سنة 2010 بعد إعلانه تأييد المقترح المغربي للحكم الذاتي.
يُعدّ ولد سيدي مولود، الذي شغل منصب المفتش العام لشرطة الجبهة الانفصالية، واحدًا من الأصوات الصحراوية البارزة الداعية إلى المصالحة والوحدة، وقد عاش تجربة المخيمات قبل أن يتحول إلى رمز للشجاعة الفكرية في الدفاع عن الحقائق كما يراها من موقع الميدان والوجدان.
في ما يلي نص الحوار الذي أجراه "مواطن" مع مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، حول خلفيات القرار الأممي رقم 2797 وتداعياته على مسار النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
– كيف تلقيتم القرار الأممي رقم 2797؟ وما هي قراءتكم السياسية لمضامينه ؟
كصحراوي معني بشكل مباشر بنزاع الصحراء، و مثلي الآلاف من أبناء عمومتي، دأبنا ان نستبشر خيرا كلما حل شهر تشرين، على قولة نزار قباني في ديوانه: ترصيع بالذهب على سيف دمشقي
"جاء تشرين يا حبيبة عمري
أحسن وقت للهوى تشرين
ولنا موعد على جبل الشيخ
كم الثلج دافئ.. وحنون
سنوات سبع من الحزن مرت
مات فيها الصفصاف والزيتون
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي
كيف ينسى غرامه المجنون"
نحن أيضا أبناء الصحراء الذين تغربوا طوعا أو كرها، جعلت لنا الأمم المتحدة موعدا للأمل يتجدد كل عام. و كلما حل شهر أكتوبر نتفاءل خيرا أن يكون الأخير من أشهر معاناتنا الممتدة منذ خمسة عقود. و قرار هذا العام يبدو أنه زاد جرعة الأمل فينا، و جعلنا نتفاءل بقرب الفرج.
- ما الذي يجعل القرار الأممي رقم 2797 محطة فاصلة في مسار النزاع، مقارنة بالقرارات السابقة؟
الذي جعل هذا القرار مختلفا، هو أننا اقتربنا كثيرا من الوصول لقلب الجرح، خلافا للاعوام الماضية التي كنا نراوح فيها المكان في انتظار حل سياسي مبني على التوافق، اي أننا كنا نضع المرهم على المنطقة بالجرح و نترك قلبه يزداد تقيحا.
هذه المرة، شهدنا محاولة جادة جريئة من المجتمع لفتح الجرح رغم الألم، للوصول إلى القلب و معالجته، دون انتظار اذن من الاطراف. و هي خطوة متقدمة جدا نحو العلاج النهائي لهذا الجرح النازف منذ نصف قرن.
الآن بقي للاطراف فقط أن يختاروا مواصلة العلاج بيد ناعمة او باليد الخشنة، أما العلاج فقد تكفل به المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
- إلى أي مدى يمكن أن يشكل الانفتاح المغربي على الحوار مع الجزائر مدخلاً لإنهاء هذا النزاع وإحياء فكرة الاندماج المغاربي؟
الانفتاح المغربي على الجزائر ظل دائما حاضر في الخطب الملكية، و رغم ذلك لم يتغير شيء. فطول أمد القطيعة و حالة النزاع المستمرة تأقلم معها الجسد، و تحولت إلى حالة طبيعية شاذة، يحتاج معالجتها إلى جهد كبير من اعادة بناء الثقة.
و اعتقد أننا نقترب من بدء خطوات عملية التقارب، إذا استمرت الوساطة الامريكية في اشتغالها على تقريب وجهات النظر.
-هل يمكن القول إن الجزائر بدأت فعلاً تفكر في مراجعة مواقفها، أم أن ما نراه مجرد ارتباك ظرفي ؟
أعتقد أن الحلول القسرية استنفذت و الظرفية الدولية ضاغطة، ما يجعل من إمكانية الوصول لحل باتت متاحة، و اتصور أن الجزائر لم تعد لها نفس المصلحة التي كانت في استمرار النزاع، و لربما قد يتحول إلى عملية استنزاف لها، و قد ظهر ذلك في تقهقر الجزائر ديبلوماسيا بسبب الدعم الكبير الذي تحظى به المواقف المغربية، و إذا كانت غاية الجزائر فرملة تقدم المغرب، فقد باتت نقطة قوة له، ساعدته في تنويع شراكاته، بما في ذلك تجاوز الخطوط الحمراء شعبيا كالتطبيع مع إسرائيل.
و اتصور أن موقف الجزائر في مفترق طرق، ينتظر تفاهمات بين أجنحة النظام الذي تاسست شرعيته على معاكسة المغرب، و عملية التحول تحتاج وقت و يد خارجية مساعدة، تأخذهم برفق إلى الجادة الاخرى.
- إلى أي حد ساهمت الدبلوماسية الملكية المباشرة في ترسيخ الموقف المغربي داخل الأمم المتحدة؟
في التقاليد الملكية في المغرب، أن العامة تسمع صوت الملك عبر الخطب الملكية، ما يجعل الكثير من تفاصيل الاشتغال الديبلوماسي الملكي تغيب عنا، لكن الوزير بوريطة الذي كان يجول العالم سعيا لكسب الاعتراف بمغربية الصحراء، و افتتاح القنصليات بها، لدرجة وصفه شعبيا بصاحب المقص، صرح في لقائه المتلفز الاخير مع 2m أن كل خطوة كان يخطوها في العمل الديبلوماسي كانت بإشراف مباشر من جلالة الملك او تكليف منه.
و بعملية مقارنة بسيطة بين الإنجازات الديبلوماسية التي حقق المغرب، مقارنة بامكانياته المادية، نقف عاى انه بفضل المجهودات الملكية صارت صورة تواجد المغرب بين الكبار هي الصورة الطبيعية للمملكة.
- كيف تفسرون استمرار تمسك الجزائر بمبدأ “تقرير المصير” بمعناه الضيق، رغم وضوح القرار 2625 الذي يفتح آفاقاً أخرى؟
تقرير المصير هو الملعب الذي يلعب فيه جميع الاطراف، بعد أن وقفوا على أن الحسم العسكري مستحيل، لذلك نرى الصراع انحصر مؤخرا بين غلبة السيادة الترابية او غلبة السيادة الشعبية، و قد جمع المقترح المغربي للحكم الذاتي بينهما: سيادة الدولة على كامل حدودها و سيادة السكان على تدبير شؤونهم، و هذا يظهر الجزائر و كأنها تعاند المغرب في رؤيتها لتقرير المصير، و ربما لانه ليس لديها ما تتمسك به لحين الوصول لتفاهمات غير مبدا تقرير المصير، الذي يعبر عنه بالاستفتاء او التوافق.
- ذكرتم في تدوينة فيسبوكــية أن المغرب سيكون أقرب للعهد الإمبراطوري للملكة الشريفة، الذي تتوزع فيه السلطة بين السلطان و القائد... كيف ذلك؟
حسب المقترح المغربي ستكون لجهة الحكم الذاتي حكومة منبثقة عن انتخابات محلية، تفرز رئيس حكومة يعينه الملك كما هو الحال مع الحكومة المركزية حاليا.
و في العهد الامبراطوري، كان القياد يساعدون السلطان في حكم المناطق يديرون شؤونها كاملة دون الرجوع للمركز إلا في حالات استثنائية ( إيصال ضرائب، أو طلب المساعدة في قمع تمرد او اعتداء خارجي). يعني ان الحكم الذاتي كان هو السائد في المغرب زمن السلاطين.
12 novembre 2025 - 14:00
11 novembre 2025 - 14:00
11 novembre 2025 - 12:15
11 novembre 2025 - 11:30
10 novembre 2025 - 17:00
عندكم 2 دقايق08 novembre 2025 - 13:00
06 novembre 2025 - 16:00