مواطن
بعد مرور 16 سنة على الترافع والعمل لفائدة قضية لطالما شغلت بال الرأي العام، قضية الصحة النفسية وتحقيق سعادة ورفاهية الشباب المغربي، ها هي جمعية ابتسامة رضا تعلن اليوم عن تعليق أنشطتها وانسحابها من المشهد الجمعوي.
وبمناسبة حلول 5 فبراير، اليوم الوطني للوقاية من انتحار الشباب، تنهي الجمعية إلى عموم المواطنين نبأ اتخاذها لهذا الاختيار الصعب الذي يندرج ضمن منطق الشفافية والمسؤولية.
فمنذ سنة 2009، دأبت ابتسامة رضا على خوض نضال جوهري لكسر جدار الصمت وإزالة الطابوهات المتعلقة بموضوع الانتحار وإثبات حقيقة وجود شباب يعانون لوحدهم في صمت. وبإقدامها على هندسة نموذج رائد للاستماع والوقاية يتماشى مع المعايير الدولية، عبر تطوير تكوينات متخصصة وتوعية وتحسيس آلاف الشباب والبالغين، تكون الجمعية قد أفلحت في استنهاض الوعي الوطني ودق ناقوس الخطر حول ضرورة التدخل لوضع حد لهذه المعضلة التي تعصف بحياة العديد من الشباب واليافعين.
وبتبنيها لنهج بيداغوجي يراعي مجموعة من الضوابط ويحترمها، وبالاعتماد على تعبئة الجميع إلى جانب الوسائط والمنابر الإعلامية، نجحت الجمعية في الحث على البوح، وتعبئة كافة الأطراف المتدخلة، ونصبت بذلك نفسها وسيطا ومنسقا ما بين مختلف مكونات المجتمع المدني والسلطات العمومية.
وللتذكير، أيضا، ففي شهر فبراير 2024، وبالضبط خلال تخليد اليوم الوطني للوقاية من الانتحار لدى فئة الشباب، دعت ابتسامة رضا إلى ضرورة تعاون جماعي لإصدار سلسلة من التوصيات، وضمنها النداء بضرورة إحداث مرصد وطني يهتم بهذه القضية.
ومن جانب آخر، لعبت ابتسامة رضا دورا محددا وفارقا في بلورة الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار، لكونها إطارا حاسما كفيلا بهيكلة ومأسسة الوقاية من الانتحار بالمغرب.
ويبقى التنزيل الفعلي للإستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار قفزة حاسمة وضرورية لإسعاد شباب هذه البلاد. إلا أنه، وللأسف، لازالت هذه الإستراتيجية حبيسة الرفوف ومجرد كلام عابر لا غير.
إنجازات مهمة في ظل ضعف الدعم المالي
اليوم، ترى جمعية ابتسامة رضا على أنها قطعت مسارا طويلا في نضالها، بنجاحها في استشعار كافة مكونات المجتمع بجسامة هذه الظاهرة، معلنة في نفس الوقت على أنها لم تعد قادرة على مواصلة هذا المسار النضالي في ظل غياب الوسائل الضرورية لذلك.
وبالرغم من تحقيق بعض التقدم في هذا الصدد، اتضحت من خلاله إمكانية نهج مقاربة احترافية للوقاية من الانتحار، فإن إنجازات السلطات العمومية لازالت غير كافية ولا ترقى إلى تطلعات المهتمين بهذا الشأن.
وللأسف، فغياب الدعم البنيوي والمادي يشكل عائقا أمام استمرار العمل وتعزيز الحصيلة الإيجابية لستة عشرة سنة من العمل والنضال والتعبئة للتصدي لهذه الآفة.
تؤدي هذه الحصيلة إلى اتخاذ جمعية *ابتسامة رضا* قرار الحل، والذي من المفترض أن يتم التصويت عليه خلال الجمعية العامة غير العادية القادمة، المقرر عقدها يوم 20 فبراير في تمام الساعة 17:00 عن بُعد.
إرث مهم سيظل أمانة بين أيدي الأجيال القادمة
بغض النظر عن هذا القرار الصعب، سيظل أثر العمل الذي تبنته ابتسامة رضا خلال السنوات الماضية ثروة مهمة حبلى بالتجارب والعِبر.
فقد سبق للجمعية أن عملت على تكوين متطوعين ومهنيين. كما سبق لها أن أنقذت آلاف الشباب من الضياع عبر خدمة الدردشة "أوقفوا الصمت" وتعبئة آلاف آخرين عبر إحداث لجنة الشباب والعديد من التدخلات بالوسط المدرسي.
وقد شكلت شبكة متينة للنشطاء الملتزمين باعتبارهم كلهم فاعلين حقيقيين في التغيير. فعبر عزمهم، وشجاعتهم وصبرهم، تمكنوا من ترك إرث مهم تعتبره ابتسامة رضا مصدر اعتزاز وفخر وجب الحفاظ والعمل على ضمان استمراريته.
وفي الختام، تتقدم الجمعية بخالص تشكراتها وامتنانها لكل من دعموها وساندوها في نضالها على مر هذه السنين والأعوام. فقد فعلوا ذلك بكل شجاعة وصبر، تصاحبهما ابتسامة عريضة وأمل في المستقبل على الرغم من حساسية الموضوع.
تتوجه ابتسامة رضا بالتحية والشكر، لكل:
-أعضاء المكتب الذي تعاقبوا على تسيير ابتسامة رضا مع شكر خاص للأعضاء المؤسسين؛
- أعضاء الجمعية مع إشارة خاصة للأعضاء الشرفيين؛
- مستمعي خط الدردشة "أوقفوا الصمت"، الذين أبانوا عن حضور لافت ووقوفهم بجانب الشباب في وضعية معاناة؛
- شابات وشبان لجنة الشباب، باعتبارهم محركا أساسيا للابتكار والتحسيس بهذه المسيرة النضالية؛
- المؤسسات التعليمية التي فتحت أبوابها للجمعية من أجل إخبار التلاميذ وحمايتهم من آفة الانتحار؛
- الممولين والشركاء المؤسساتيين، الذين كان لهم دور حاسم في تكثيف وتعزيز أثر مبادرات الجمعية؛
- المجتمع المدني المغربي والمواطنين الملتزمين، الذين أبانوا عن تضامن ملفت للأنظار؛
- الشركاء الدوليين نظراء الجمعية الذين ساندوا ودعموا مجهوداتها و واكبوا تبنيها لمقاربة احترافية في نضالها؛
- الشابات والشباب الذين كانت لديهم الجرأة للاتصال بخط الدردشة "أوقفوا الصمت" وعبروا عن ثقتهم في ابتسامة رضا في اللحظات العصيبة من حياتهم.
على أي، تبقى ابتسامة رضا فخورة بهذه الحصيلة وهذا الموروث الذي خلفته وراءها، ولا يسعها إلا أن تهيب بالسلطات العمومية والمجتمع المدني لأخذ المشعل ومواصلة العمل للقضاء على آفة الانتحار لدى شباب المملكة وبناة المستقبل.
وبكل هذا، تكون ابتسامة رضا قد ساهمت في رسم معالم الطريق أمام الشباب المغربي، وخلقت لهم بيئة سليمة أكثر وعيا ورعاية لهم. ولن تتوقف الحكاية عند هذا الحد؛ بل وجب استمرارها حتى تحقيق الهدف المنشود.
05 février 2025 - 12:00
05 février 2025 - 11:00
04 février 2025 - 11:00
04 février 2025 - 09:00
03 février 2025 - 11:25
27 janvier 2025 - 16:00