عبد القادر الفطواكي
في تمرين تواصلي حرصت المديرية العامة للأمن الوطني الحفاظ عليه، كشف المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج)، خلال ندوة صحافية عقدت أمس الخميس 30 يناير، عن تفاصيل دقيقة بشأن الخلية الإرهابية الخطيرة التي تم تفكيكها بمنطقة "حد السوالم" إقليم "برشيد، في عملية نوعية جاءت ثمرة للتنسيق المحكم بين الأجهزة الأمنية المغربية.
ففي الساعات الأولى من يوم الأحد 26 يناير 2025، تمكنت مصالح (البسيج)، بناءً على معطيات استخباراتية دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تنفيذ عملية نوعية أسفرت عن إحباط مخطط إرهابي كان في مراحله الأخيرة من التنفيذ. وكشف حبوب الشرقاوي، مدير المكتب، في كلمته خلال الندوة الصحافية، أن الأمر يتعلق بخلية مكونة من أربعة أفراد متشبعين بالفكر المتطرف، ثلاثة منهم أشقاء، كانوا يخططون لتنفيذ عمليات دموية باستخدام مواد متفجرة وأسلحة بيضاء، ضمن استراتيجية الإرهاب الفردي التي تعتمدها التنظيمات المتطرفة.
من خلال التحقيقات الأولية، تبين أن المشتبه فيهم الأربعة أعلنوا بيعتهم للقيادة الحالية لتنظيم "داعش"، وعبّروا عن نيتهم تنفيذ هجمات تستهدف أمن واستقرار المملكة. وقد عمد أفراد الخلية إلى تسجيل مقاطع فيديو يؤكدون فيها نيتهم تنفيذ هذه المخططات، وهو ما عجل بتدخل الأجهزة الأمنية لتفادي وقوع كارثة.
وكشفت التحقيقات أن أعضاء الخلية قاموا بعمليات استطلاعية ميدانية، حيث جرى رصد قيامهم بتصوير مواقع حساسة ووضع مخططات تفصيلية لمسارات الهروب، في مؤشر واضح على مدى تقدمهم في التخطيط والتنفيذ.
من أخطر ما كشفته هذه القضية –يضيف حبوب الشرقاوي- أن التطرف لم يعد مقتصرًا على أفراد مشتتين، بل بدأ يتغلغل داخل نسيج العائلة الواحدة، حيث استطاع زعيم الخلية، وهو الأخ الأكبر، فرض أيديولوجيته المتطرفة على باقي أشقائه، مستغلًا سلطته داخل الأسرة لتوجيههم نحو العنف والإرهاب.
وأشار الشرقاوي إلى أن هذا النموذج من الخلايا الأسرية ينطوي على تهديد كبير، إذ يسهم في إعادة إنتاج الفكر المتطرف داخل البيئات الأسرية المغلقة، بعيدًا عن أعين السلطات، مما يجعل من الصعب اكتشافها في مراحلها الأولية.
ولم يكن هذا أول نموذج لهذا النوع من الخلايا، فقد سبق للمصالح الأمنية المغربية تفكيك خلية نسائية عام 2016، تضم أفرادًا ينتمون إلى عائلات سبق لبعض أفرادها الانخراط في أنشطة إرهابية، مما يعكس مخاطر تمدد هذه الظاهرة داخل النسيج المجتمعي.
أوضحت المعطيات الاستخباراتية أن أفراد الخلية استمدوا جزءًا كبيرًا من تطرفهم عبر الإنترنت، حيث خضعوا لعمليات تجنيد وتأطير أيديولوجي من قبل مسؤول في تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل، الذي لعب دورًا محوريًا في تسريع وتيرة تطرفهم وإعدادهم لارتكاب أعمال إرهابية.
وقد شكلت المنصات الرقمية بيئة خصبة لنشر الفكر المتطرف، حيث باتت التنظيمات الإرهابية تستغل الشبكة العنكبوتية لاستقطاب الشباب، مستعملةً أساليب تواصل متطورة، مستفيدة من طبيعة الفضاء الإلكتروني الذي يتيح الانتشار السريع دون رقابة محكمة.
أبرزت التحقيقات أيضًا أن أفراد الخلية كانوا يخططون للالتحاق بمعسكرات "داعش" في منطقة الساحل بعد تنفيذ عملياتهم التخريبية. وكان زعيم الخلية يعتزم نقل أبنائه الخمسة إلى هذه المنطقة، في خطوة تعكس مدى استغلال الجماعات الإرهابية للأبعاد العائلية لتأمين استمرارية أيديولوجيتها.
وأكد الشرقاوي أن منطقة الساحل أضحت تشكل تهديدًا متزايدًا للأمن القومي المغربي، حيث تحولت إلى بؤرة استقطاب للجهاديين، خاصة في ظل تفكيك أكثر من 40 خلية إرهابية على ارتباط وثيق بجماعات تنشط في هذه المنطقة، منذ عام 2022.
ويواصل المغرب، من خلال مقاربته الأمنية الاستباقية، تحقيق نجاحات متميزة في مكافحة الإرهاب، حيث أسفرت الجهود الأمنية عن إحباط العشرات من العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف أمن واستقرار البلاد. ورغم التطور المتزايد لأساليب الإرهاب، تبقى الأجهزة الأمنية المغربية يقظة وحازمة في مواجهة التهديدات، مما يجعلها نموذجًا يحتذى به على الصعيد الإقليمي والدولي في محاربة التطرف العنيف.
31 janvier 2025 - 09:00
31 janvier 2025 - 08:00
30 janvier 2025 - 22:00
30 janvier 2025 - 21:00
30 janvier 2025 - 17:30