عزيز بوستة
تواصل الدبلوماسية المغربية إثارة الكثير من التساؤلات بأسلوبها المتفرّد وغير المعتاد. حيث يظل استقبال الرئيس الصيني "شي جين بينغ" على الأراضي المغربية دون إصدار بيان رسمي، والاكتفاء ببث بعض الصور، خطوة عصية على الفهم إلا من قِبل من يمتلك مفاتيح الخبرة أو ينتمي لدائرة المطلعين على خفايا المشهد. وكما يُقال: "الدبلوماسي هو شخص يُعيد التفكير مرتين قبل أن يختار الصمت". بهذا النهج، تستمر الدبلوماسية المغربية في رسم مساراتها.
قدِم الرئيس الصيني "شي جين بينغ" مباشرة من "ريو دي جانيرو"، بعد زيارة رسمية إلى العاصمة "البيروفية" ليما، والتي سبقتها مغادرته بكين مع توقف في "جزر الكناري". رحلة محيّرة بقدر ما هي مدعاة للتأمل، تطرح أكثر مما تُجيب عن الأسئلة.
لكن هذه "الزيارة القصيرة" إلى المغرب تحمل في عمقها حدثين رمزيين: أولاً، وجود شي جين بينغ في المملكة، وثانياً، الظهور اللافت للأمير مولاي الحسن كوجه شاب على رقعة الشطرنج الدبلوماسية. الصور التي جمعت الأمير بولي العهد والرئيس الصيني أثارت اهتمام الجميع، داخل المغرب وخارجه، وهي تكشف عن لحظات تعكس النضج الذي يبديه الأمير، سواء في لقطات الاستقبال الرمزية، مثل تقديم التمر، أو خلال حواره الهادئ والواثق مع الضيف الكبير. إنها لمسة جديدة تُضاف إلى سجل التاريخ السياسي والديناميكي للمغرب، الذي يستمر في نسج فصوله بخصوصية فريدة.
لكن السؤال الأكثر إلحاحًا هو كاللآتي : "ما الذي جاء الرئيس الصيني ليفعله في المغرب؟" وكما هي العادة، يُفضِّل المغرب التعامل بصمت. للحصول على إجابات، كان من الضروري الرجوع إلى المصادر الصينية، وتحديدًا وكالة الأنباء الرسمية "شينخوا"، والتي أوردت أن المحادثات بين الطرفين ركزت على التعاون الثنائي، وتقييم العلاقات المشتركة، وتجربة البلدين خلال جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى الشراكات السابقة والجوانب الثقافية التي تربطهما. ولم يكن الاستثمار غائبًا عن الأجندة، خاصة في سياق مبادرة "طريق الحرير".
صرّح الرئيس شي جين بينغ بأن "الصين تدعم جهود المغرب للحفاظ على الأمن والاستقرار الوطنيين، وهي مستعدة للعمل مع المغرب لدعم المصالح الجوهرية للطرفين". من جهته، أكّد الأمير مولاي الحسن أن "المغرب مستعد للتعاون مع الصين لتعزيز الشراكة في حماية السيادة الوطنية والأمن والاستقرار".
تُبرز هذه التصريحات الالتقاء الواضح في الأولويات الدبلوماسية للبلدين، حيث تتصدر السيادة الوطنية القائمة: قضية تايوان بالنسبة للصين، وقضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب.
لكن ما الدافع الحقيقي وراء قرار شي جين بينغ التوقف في المغرب لمدة تقل عن 24 ساعة؟ فترة أطول من مجرد وقفة تقنية، لكنها أقصر من زيارة رسمية أو عمل. حتى إذا كانت الرحلة المباشرة بين ريو دي جانيرو وبكين غير متوفرة تجاريًا، فإن الطائرة الرئاسية الصينية يمكنها عبور هذه المسافة دون توقف. وإذا كانت هناك حاجة للتوقف، لماذا المغرب؟ ولماذا قضاء الليل فيه؟ في عالم الدبلوماسية، لا مجال للصدفة، وكل خطوة مدروسة.
25 novembre 2024 - 13:00
24 novembre 2024 - 14:00
22 novembre 2024 - 11:00
22 novembre 2024 - 10:00
21 novembre 2024 - 22:00
07 novembre 2024 - 12:00