مواطن
متابعة محمد السعدي // طالب باحث في شعبة التاريخ والحضارة
نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء سطات، بالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، ندوة علمية حول موضوع العدالة الانتقالية في المغرب تحت عنوان "التاريخ في خدمة المواطنة"، وذلك في يوم 15 يونيو الحالي. بدأت الندوة بكلمة ترحيبية من نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الأستاذ ابراهيم فدادي، وتلاها كلمة لسعدية وضاح رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان.
وضاح أبرزت في كلمتها أن الهدف من الندوة هو رفع منسوب الوعي وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان من أجل إنشاء نوادٍ داخل الجامعات المغربية، وكذلك تعريف الحضور بتجربة العدالة الانتقالية التي تعاملت مع الماضي المظلم للانتهاكات في المغرب المستقل وفترة سنوات الرصاص. وأشارت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان خلال ذات الكلمة إلى أن التجربة المغربية تميزت بالاستمرارية السياسية، وهو ما لم يحدث في بقية الدول العربية. وختمت كلمتها بالإشارة إلى أن أعمال الندوة ستنشر من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
من جانبه أكد الأستاذ محمد لعزري أستاذ التاريخ الراهن بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك في مداخلة له بعنوان "العنف السياسي بالمغرب المستقل"،أن العنف السياسي ليس محصورًا في التجربة المغربية فقط، بل حدث في جميع العصور وكان قويًا رغم تأسيس الدولة الحديثة في أوروبا. وأشار إلى أن وجود العنف يطرح عدة إشكاليات فلسفية وغيرها، وأن جميع دول العالم عاشت لحظات العنف، وبالتالي فإن وجود اصطدامات مرتبطة بالعنف أمر طبيعي.
وقد انتقد لعزري النظرية الانقسامية الاستعمارية التي حاولت ربط العنف والسيبة بتاريخ المغرب. كما أشار إلى أن بناء المواطنة دون توفر الشروط الثقافية والاجتماعية يعد تحديًا كبيرًا، وأن التجاوز عن هذه الصعوبات لا يزال صعبًا ونحن ما زلنا نواجه هذه التحديات حتى اليوم.
وأضاف أنه إذا كان هناك توافق بين النخب بعد الاستقلال، كان من الممكن تحقيق تطور نوعي في التجربة المغربية. وأشار أيضًا إلى أن التجربة الدستورية في المغرب قد مارست النقد الذاتي وأسست تجربة التناوب التوافقي. وبالتالي، رافق العنف عملية بناء الدولة دون أن يؤثر على دولة القانون ولم يعرقل وحدة الأراضي المغربية.
وفي الختام، أشار أستاذ التاريخ الراهن إلى تراجع دور النخبة في المجتمع، بالإضافة إلى ضعف الوعي التاريخي داخل المجتمع المغربي.
بدوره شدد أستاذ التاريخ الراهن بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، خالد أوعسو في مداخلة بعنوان قراءة في تجربة العدالة الانتقالية، على أهمية التجربة العدالة الانتقالية وتأثيرها في بناء الوعي التاريخي في المغرب. أشار إلى أن هذه التجربة لها أهمية بالغة، حيث تعمل على استكشاف التاريخ الحديث للبلاد وتوفير مادة علمية للمؤرخين. وأشار أيضًا إلى أنها تحظى بدعم الهيئة العليا في البلاد.
واستعرض أوعسو مشكلة كيفية تسهم هيئة الإنصاف والمصالحة في بناء الوعي التاريخي، وقد أجاب على هذه المسألة من خلال ثلاثة عناصر. أولًا، أشار إلى أن مسألة العنف لا تكون محصورة في مجتمع معين، بل يرافق العنف وجود الأطراف المتصارعة، ولتجاوزه يتطلب بناء آليات لإدارته، ومع ذلك، قد تحدث انزلاقات نحو العنف. وتميزت الحالة المغربية بعدة عوامل ترتبط بالحماية والنظام القديم الذي ضمن استمراريته، بالإضافة إلى تناقض المشاريع في فترة الحماية وتعارض المصالح في بناء الدولة المستقلة.
وأضاف الأستاذ أوعسو أن الدولة ليست المسؤولة الوحيدة عن العنف، بل كان هناك مجموعة من الأطراف وراءه. وأشار إلى أن العنف لم يمنع المغرب من التوافق المجتمعي، وذلك من خلال تأسيس العدالة الانتقالية التي تختلف عن العدالة التقليدية في الدول الأخرى. وأوضح أيضًا أن هيئة الإنصاف والمصالحة جاءت كنتاج لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في بداية التسعينات وتأسيس وزارة حقوق الإنسان وتعويض ضحايا الاعتقال والاختفاء القسري بشكل مادي ومعنوي.
واستعرض الأستاذ أوعسو الخصوصية والبعد الكيفي للتجربة، حيث تعتبر استمرارية التجربة المغربية وتناولها المرحلة الحالية بشكل جريء من العوامل المهمة. وأشار أيضًا إلى جبر الضرر الفردي والجماعي من خلال آليات مرنة ومتنوعة تضم مؤرخين وحقوقيين.
واختتم المتحدث ذاته مداخلته بتأكيد أن تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة تعد حقيقة تاريخية تناولت عدة قضايا من تاريخ المغرب الحديث.
تناول محمد سعدي أستاذ العلوم السياسية وباحث في مجال العدالة الانتقالية في مداخلته موضوع الندوة بشكل متعمق، حيث أشار إلى أهمية السياق التاريخي والثقافي في فهم وتحليل تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب. أكد أن النساء كانت لهن دوراً هاماً في النزاعات المسلحة وتعرضن للاستغلال والاعتداء الجنسي كسلاح في هذه الحروب. كما أشار إلى أن الكتابات التي تناولت تجربة العدالة الانتقالية في المغرب من وجهة نظر النساء كانت قليلة مقارنة بالكتابات الرجالية.
وأشار سعدي إلى أن المغرب اعتمد مقاربة النوع في تجربته، وذلك يتجلى في جلسات الاستماع في هيئة الإنصاف والمصالحة وفي التقرير النهائي للهيئة. وأكد أن تحقيق العدالة المجالية يتطلب كسر العزلة عن المناطق النائية من خلال بناء المدارس والمستشفيات وتوفير الخدمات الأساسية.
من جانبه، تطرق الأستاذ عبد السلام بوطيب إلى دور السينما في حفظ الذاكرة المغربية المتراكمة، وأشار إلى أن القوى المعارضة لم تكن قادرة على فرض رؤيتها في تجربة العدالة الانتقالية وأن تنفيذ التجربة كان سريعًا. وأشار أيضًا إلى أن الذاكرة قد تكون غامضة وانتقائية، وقد تكون مصدر خوف عندما لا تكون مقبولة من قبل المجتمع أو النظام السياسي. وأضاف أن الذاكرة أصبحت تعبر عن مشروع سياسي أو تيار إيديولوجي.
فيما يتعلق بمداخلة الأستاذ عبد الحق المصدق عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان فقد تناولت مداخلته دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تتبع تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. أشار إلى أن الخطاب الملكي في 6 يناير 2003 أوصى بتأسيس المجلس لضمان فعالية الهيئة وتحقيق تعويضات للأفراد والمجتمع. وأشار أيضًا إلى أن الضمان الوحيد لاستمرارية العدالة الانتقالية يكمن في المشاركة الفعالة داخل الجامعات من قبل الأساتذة الأكاديميين والطلاب الباحثين من خلال التنسيق والتواصل.
11 novembre 2024 - 11:00
07 novembre 2024 - 12:00
01 novembre 2024 - 16:00
29 octobre 2024 - 13:00
25 octobre 2024 - 11:30
07 novembre 2024 - 12:00