عبد القادر الفطواكي
كانت مسألة ضرب "الإرهاب" الغادر، لإحدى مدن المغرب، واحدة من سابع المستحيلات، حيث كان يستعصي على أكثر المتشائمين أن تشهد البلاد سيناريو مشابه لما وقع بالولايات المتحدة الأمريكية، في الـ 11 من شتنبر 2011، وغيرها من بقاع المعمور. صورة هذا الاستثناء العالمي ستتبدد، وبالتحديد في تاريخ 16 ماي 2003، بعدما كسرت أياد التفجير الارهابي هدوء مدينة الدار البيضاء المتسامحة المسالمة، في ليلة دموية أزهقت روح 45 من الضحايا بينهم 11 من منفذي الاعتداءات الإرهابية، الذي مازالت تفاصيله موشومة في ذاكرة كل مغربي ومغربية.
14 إرهابيا خططوا ونفذوا عمليات دموية في غفلة من سكان "كازابلانكا:
في مثل هذا اليوم، وفي ليلة رمضانية، قبل 19 عشر عاما بالتمام والكمال، قصد 14 عنصرا إرهابيا، عن سبق اصرار وترصد، وفقا لما جاء في الرواية الأمنية الرسمية، هزت أحزمة "الارهاب" الناسفة، أماكن حيوية، بالبيضاء خطط لها بعناية، بدأت بفندق "فرح" وسط المدينة، مرورا بمطعم "كازا ذي إسبانيا"، مرورا بالمقبرة اليهودية ومطعم "لابوزيتانا"، ما أوقع 45 قتيلا، بينهم منفذو الاعتداء الدموي، بالإضافة إلى إصابات خلفت عاهات دائمة وجراح نفسية لم ولن تندمل.
حملات أمنية واسعة.. وسن قانون جديد لمكافحة الارهاب:
مباشرة بعد اعتقال ثلاثة من المرشحين لتفجير أنفسهم، الذين تراجعوا عن تنفيذ المخطط الإجرامي، أطلقت السلطات الأمنية حملات اعتقالات واسعة، وصل عددها إلى الآلاف من المشتبهين، كلهم من الأسماء التي حامت حوله شبهات الضلوع أو المشاركة في التفجيرات الغاشمة، تلته حملة اعتقالات في صفوف ما يعرف بحركات "السلفية الجهادية"، بعض المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب، المعروف بـ (03-03)، الذي كان محل نقاش سياسي وحقوقي حاد، صوتت معه الفرق البرلمانية في المجلسين، ليشرع العمل به رسميا في 28 من ماي 2003.
المغرب يقرر اتباع مقاربات أمنية استباقية، مع إصلاح للحقل الديني في مواجهة التهديد الإرهابي:
باعتبارها ظاهرة متشابكة معقدة عابرة للحدود، أطلق المغرب، قبل سنوات استراتيجية أمنية ناجعة، للتصدي لظاهرة الإرهاب، من خلال احداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي ساهم في تفكيك عدد من الخلايا الارهابية بالمغرب، من خطة استباقية إستراتيجية، محترفة لتطويق هذه الظاهرة التي استعصى حالها على عدد من دول المعمور، حتى صار المغرب يعطي دروسا للأجهزة الأمنية العالمية، والتنسيق معها والاستعانة بخبرتها.
ما في المجال الديني، فقد أطلق المغرب إصلاحا دينيا لتطويق "الفكر الجهادي"، الذي صارت أمواجه ترتطم بأمن مختلف العالم، حيث ركز المغرب على الإصلاح الديني كمنصة لمحاربة الإرهاب باعتباره القاعدة الاديولوجية والعامل الأساسي لارتكاب هذه العمليات، ليصير المشهد الديني علامة بارزة، فاق صيتها مؤسسات الدينية الدولية الرائدة في نشر قيم الدين الإسلامي المعتدل الداعي للتسامح، والمحارب لكل فكر تطرفي عدمي، يمكن أن يزرع بذور الفكر المتطرف الممهد لتفريخ عقول لاتعرف إلا لغة الدم.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
18 novembre 2024 - 10:00
26 novembre 2024 - 16:00