إسماعيل الطالب علي
اجتمعوا ليلة الخميس، قرروا الجمعة، نشر القرار السبت، وطبق الأحد.. هذا حال مرسوم إقرار التوقيت الصيفي طيلة السنة في حكومة سعد الدين العثماني.
مرسوم كما يقال عنه أنه طبق بسرعة البرق، لم يشهد لها مثيل طيلة سنون وعقود من بداية إخراج التشريعات الوطنية إلى حيز الوجود، وكل ذلك أمام سخط ورفض المغاربة لهذا القرار الذي اعتبروه لا يصب في مصلحة المواطن.
لن ندخل في حيثيات كيفية إقرار هذا المرسوم بهذه السرعة ولما؟ وعن ارتباط ذلك باجتماعات سابقة مع شخصيات وازنة في الدولة؟ كما هو قائم، وما رافق ذلك من تأويلات وتفسيرات، فذاك شأن آخر، غير أننا سنعتمد الرواية الرسمية للحكومة في هذا الإقرار، ومرد ذلك ما يتعلق بـ"استهلاك الطاقة" و"الأمن الطاقي".
إذا كان الأمر كما تقول حكومتنا، فأي تفسير لهذه الزيادة لأجل تحقيق الغاية في ترشيد الاستهلاك الطاقي، ونحن نرى مواعيد نوم الأسر الآن أصبح متأخرا بساعة، كما يظهر في الأشهر الأخيرة، وإن سلم الأمر بذلك، نجد أنفسنا أمام أهداف اقتصادية للحكومة لا يؤمن بها المواطن البسيط، ما يعمق الهوة بين الطرفين.
الملاحظ أنه منذ إقرار الحكومة بشكل مفاجئ وقبيل ساعات قليلة فاصلة من إعادة الساعة الإضافية إلى سيرها العادي، الإبقاء على التوقيت الصيفي، لا صوت يعلو فوق صوت الرفض الذي ملأ حناجر المغاربة.
الكثير من التساؤلات تطرح في هذا الباب، هل راعت حكومة الشعب المغربي تبعات قرارها على مواطنيها وسير حياتهم المهنية والاجتماعية؟ وإن كان الجواب لا، كما يعبر عن ذلك المغاربة، إلا أننا ما زلنا نتساءل لعل في ذلك نقطة ضوء!
هي إذن ساعة "مفروضة" تتنافى بشكل كلي مع "الإرادة الشعبية" التي عبرت عن رفضها التام لها، مقوضة بذلك برنامج الآباء وفلذات أكبادهم الذين وجدوا أنفسهم أمام توقيت دراسي جديد فرض عليهم لا يتماشى والحال هذه مع التزاماتهم المهنية، ليزيد الطين بلة ويصب الزيت على النار، كما لو أنه لا تكفي المعاناة التي يتخبط فيها أطفال القرى والمداشر، لينضاف إلى ذلك هاجس الوقت الجديد.
المثير للانتباه، أنه وبعدما وجدت الحكومة نفسها في مأزق أمام التوقيت المدرسي الذي طالبت فئات عدة النظر فيه، سارعت إلى عقد اجتماعات مع الهيآت الممثلة لآباء وأمهات وأولياء التلاميذ، تهم تغيير مواقيت دخول وخروج التلاميذ الذي كان من المزمع دخوله حيز التنفيذ في السابع نونبر القادم، لنجد الآن أن التوقيت الجديد سيعتمد صيغتين، الأولى في الخريف والشتاء تنطلق من التاسعة صباحا إلى الواحدة بعد الزوال، فيما الفترة المسائية من الثالثة بعد الظهر إلى السادسة مساء بالنسبة إلى الإعدادي والثانوية والخامسة بالنسبة للابتدائي، أما الصيغة الثانية فهي في مطلع شهر مارس، من الثامنة صباحا إلى الـ12 زوالا، ومن الثانية بعد الظهر إلى السادسة مساء.
أقل ما يمكنه القول في هذا الصدد، أنه وإن كانت الحكومة قد اهتدت إلى حل يهدئ "الاحتقان" حول الساعة ويطفئ الغضب، عبر تكييف زمن التعلم مع الإكراهات التي نتجت عن الساعة الإضافية، إلى أنها ومن جهة أخرى، نجدها قد حرمت التلاميذ من ساعة من التمدرس، ناهيك عن الارتباك الذي سيحصل عند إقدام إدارات المؤسسات التعليمية على تغيير جداول الزمن أكثر من مرة خلال الفترتين.
أمام هذا التخبط الذي رافق قرار الحكومة "المفاجئ"، خرج العثماني في مجلس النواب يقدم تبريرات الحكومة بهذا الشأن، مقرا في ذات الوقت أن القرار فعلا كان مفاجئا، ليجد نفسه وأمام اعترافه بكون تلقى مجموعة من تساؤلات المواطنين حول التوقيت في شهر رمضان، معلنا عن أنه لن يقع أي تغيير في التوقيت في الشهر الفضيل، والحال هذه أننا نتحدث عن قرار قيل أنه سيطبق "طيلة السنة"!.
إجراء "حكومتنا" صرح متتبعون أنه لا يخدم سوى مصالح المقاولات التي يمكنها ذلك من تقليص فارق التوقيت بين المغرب وأوروبا، خاصة من أجل إجراء معاملات تجارية أكبر.
ولكن، في مقابل ذلك يشكل هذا الإجراء "إكراهات" مادية وأخرى معنوية لعامة المواطنين، حيث تستهلك الطاقة الكهربائية أكثر -على خلاف مببرات الحكومة- من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يؤثر سلبا على الناشئة، إذ أنه يشكل مصدر خلل في الساعة البيولوجية، ما يؤثر بشكل سلبي كذلك على مردودية البراعم، وبالتالي فإذا كان الأمر كما هو عليه الحال، فالسؤال لماذا لا تلجأ "حكومتنا" إلى تغيير مواقيت العمل وكفى؟!.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00