مصطفى أزوكاح
عاد تجار القريعة للاحتجاج من جديد، حيث يشتكون من شخص يرون أنه يبتزهم بسبب ماركات الملابس المقلدة. هم يطالبون بتوضيح مصدر سلطة ذلك الشخص، غير أن هذا المشكل قد يصبح ثانويا، عندما يطرح التجار، مسألة الماركات المقرصنة، التي شكلت جوهر نشاط السوق الشهير، دون أن تتدخل السلطات العمومية، من أجل تصحيح ذلك الوضع، والسعي لإحداث ماركات محلية، يمكن أن تغني عن التقليد والاستيراد.
التجار الذين ينشطون في سوق يعتبرونه الأكبر في إفريقيا، لم يستسيغوا المراقبة التي يعتبرون أنهم أضحوا هدفا لها بسبب تزييف ماركات عالمية، خاصة أنهم يرون أن السوق، بني على مدى سنوات، على أساس ما يعرضه من ملابس تحمل أسماء ماركات عالمية.
هم يعتقدون أن هذا واقع يصعب تغييره، بعد زيارة رجال الأمن ومستشار في الملكية الصناعية في الأيام الأخيرة، لأنه خلف تلك الماركات التي تحمل اسمها الملابس، هناك نشاط متشعب ينسج خيوطه العديد من المتدخلين بدءا بباعة لوازم الخياطة، و معامل الخياطة، وتجار الجملة، وتجار التقسيط في العديد من الأسواق بالمغرب.
ماكان يراه التجار أمرا لا يحتاج المساءلة بفعل العادة التي جعلت من التزييف حقا مكتسبا، أضحى أمرا مقلقا لهم في الأشهر الأخير، واتصلوا بالسلطات التي يرون أن الأمر يهمها، لكنهم أدركوا أنهم في حاجة إلى أن يدافعوا عن مصالحهم وعن واقع سكون لتغييره وقع الزلزال عليهم.
بدأ التجار والمصنعون التحرك قبل أشهر بعد أشهر، قبل أن يشكلوا جمعية تضم التجار وأصحاب المعامل، بما يعطيهم شرعية مخاطبة السلطات التي يهمها الأمر، غير أنهم يرون أنهم ما زالوا مستهدفين بسبب الماركات المزيفة، التي يقولون أنها ما كانت لتصل إليهم لولم تعبر الحدود المغربية، علما أن منهم من يتزود من مصانع تشتغل، بشكل خاص، على الماركات العالمية المزيفة.. هذا ما عرف به السوق الذي يقصده التجار من المغرب وخارجه من أجل التزود بما يعرضه من منتجات.
في حديثنا مع التجار لمسنا رغبة لديهم في الخروج من فخ الماركات المقلدة، لكن تحقيق هذه الرغبة يحتاج إلى فتح صفحة جديدة في نشاطهم، خاصة أنهم يتحدثون عن حلمهم باستحداث ماركات مغربية. هذا حلم يراود الكثير من المصنعين في قطاع النسيج، خاصة الذين يعملون في القطاع المهيكل، لكنه يحتاج إلى الكثير من الجهد والاستثمارات، خاصة في قطاع ترسخت المناولة في جيناته.
لايحتاج الكثير من أصحاب معامل الخياطة المنتشرة في الأحياء الشعبية وضواحي الدار البيضاء، إلى مصممين، فهم يكتفون بتتبع آخر صيحات الموضة، التي يقوموم بمحاكاتها وطرحها في السوق في ظل طلب مرتفع عليها. والقطع مع هذه الممارسة يحتاج إلى فترة انتقالية، يفترض أن تنخرط فيها السلطات التي يهمها أمر الصناعة والتجارة في المغرب، خاصة أن هذا القطاع غير المهيكل، صناعة وتجارة، يساهم في خلق العديد من فرص العمل في العديد من الأسواق المغربية.
صحيح أن أصحاب الماركات العالمية والمصنعين المحليين العاملين في القطاع المهيكل، يدعون إلى محاصرة تجار الملابس المقلدة، سواء تلك المصنعة محليا أو المستوردة، غير أن ذلك لا يمكن أن يكون نتيجة قرار يجرى تنزيله في الحين، فالأمر يقتضي الكثير من الإقناع وتصورا حقيقيا لما يجب أن يكون عليه قطاع النسيج في المغرب، خاصة في ظل توقع الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة انتقال رقم المعاملات في السوق المحلية من 40 مليار درهم إلى 90 مليار درهم في الأعوام المقبلة.
لقد تأخر قطاع النسيج بالمغرب كثيرا في اكتساب معركة إنتاج ملابس تحمل علامة « صنع في المغرب ». تلك العلامة التي لا يمكن استبطان معانيها وتملكها والسعي إليها بالكثير من الفخر، دون توفر عدد كاف من الماركات المغربية التي تتوفر فيها معايير الجودة.. فالطبيعة تخشى الفراغ، وعندما يغيب المنتوج المغربي، تحل محله منتوجات أجنبية مستوردة أو مهربة ومنتوجات مقلدة محليا.
ولنا أن نتساءل بعد كل ما سلف: هل القرار الذي اتخذ مؤخرا بفرض رسوم جمركية على ملابس ومنسوجات تركية خفف من استيرادها؟ هل وفرت منتوجات محلية تغني المغاربة عن اللجوء إلى المستورد؟. الجواب عن مثل هذه الأسئلة سيتجاوز سوق القريعة إلى أسواق أخرى كثيرة بني نموذجها على المنتوجات المزيفة في المغرب.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00