لم تبادر الحكومة أو الأحزاب إلى الدعوة، قبل حملة المقاطعة الأخيرة، بإلحاح المؤمن، إلى إعادة بعث مجلس المنافسة، الذي جمد، وكاد يطويه النسيان. لم يتحدث أحد عن المجلس الوطني للاستهلاك، الذي لم ير النور، ولم يذكر أحد بدعوة الملك في 20 غشت 2008 ببلورة مدونة للمستهلك.
صحيح أن الحكومة لا ترى سببا لمقاطعة منتج مثل الحليب، وتؤكد أن الشركة المستهدفة لم ترفع الأسعار، لكن الثابت، أن المقاطعة جعلت الجميع يلتفت إلى أن في المغرب مستهلك، لم يعد يكتفي بالتسوق فقط، لا يكظم غيظه، ويحمد الله على الوفرة في السوق، عندما يلمس ارتفاعا في الأسعار أو نقصا في الجودة.
يبدو أن موازين القوى بدأت تتغير اليوم. ففي الانتخابات يخلع على المقاطعين وصف "الأغلبية الصامتة"، حيث لا تحتسب سوى الأصوات المعبر عنها، أما المقاطعون من المستهلكين، فإنه لا محيد عن الانصات لأصواتهم.. فهم يتدخلون في صناعة السوق وتحديد مصير منتجات ومنتجين...
دأب المحللون على التأكيد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الرسائل التي تأتي من مقاطعة الانتخابات، سواء جاءت المقاطعة من هيئات سياسية معلومة أو كانت سلوكا فرديا خالصا لا شأن لأحد بمعرفة مبرراته، غير أن دعوة أولئك المحلليين، ما تلبث أن تنسى في حمأة تشكيل التحالفات الحزبية من أجل تولي تدبير الشأن العامة.
غير أنه هذه المرة، لا مفر من الاستماع لصوت المستهلك المقاطع.. تلك "أغلبية ناطقة وفاعلة".. هذا ما دفع صاحب القرار السياسي والاقتصادي بعد "دوخة" المفاجأة التي شكلتها تلك الحملة، إلي البحث عن جواب في جو من الحيرة والتخبط.. فهناك من لم يفق من شدة المفاجأة..وأضحى ثابتا أن المنتجين أو مقدمي الخدمات سيفكرون طويلا، في ما ستكون عليه ردود فعل المستهلك، الذي يبدو أن أضحى يراقب مؤشرات الأسعار بالكثير من الصرامة، حتى لا تتضرر قدرته الشرائية.
يجب أن يكون لحملة المقاطعة ما بعدها. يفترض أن تفضي إلى توضيح قواعد اللعب. صحيح أنه يحق للمنتجين ومقدمي الخدمات، السعي لجني أرباح، ذلك طموح مشروع، غير أنه لا بد أن تكون تلك الأرباح "أخلاقية"، لا تراعي انتظارات المساهمين فقط، بل تستحضر جيوب المستهلكين كذلك.
غير أنه المسؤولية الكبرى تقع على عاتق السلطات العمومية، عبر السعي لحماية المستهلك، وذلك بالحرص على الشفافية في السوق و مراقبة جودة السلع والخدمات.. هذا دورها في الدفاع عن ذلك المستهلك، حتى لا يضطر إلى الدفاع عن حقوقه بحراكات مؤلمة.. كما تجلى من المقاطعة الأخيرة.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00