موسى متروف
نسمع بين الفترة والأخرى أحاديث لحسناء أبو زيد أو عنها، خصوصا منذ قصة ترشيحها لرئاسة فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مجلس النواب، في الولاية السابقة، قبل أن ينتزعها منها الكاتب الأول لحزبها إدريس لشگر، وها نحن نسمع أنها "مرّشحة" لتولي رئاسة الأممية الاشتراكية للنساء، بعد أن سمعنا أنها مرشحة لخلافة نزار بركة على رأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهلمّ ترشيحات!
مهما يكن من أمر، فهذه القيادية الاتحادية الصحراوية، التي لا تتخلّى عن "ملحفتها"، والتي ترشحت في الدار البيضاء خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة دون أن تستطيع الحفاظ على مقعدها البرلماني، تقول ببساطة إن جبهة "البوليساريو" هي التي ستنفّذ الحكم الذاتي، لذلك لا يجب استبعادها من أي حوار مع المغرب!
ما يعلمه الجميع أن مسألة الحوار هذه بين الانفصاليين والمغرب تؤطرها قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومنذ انطلاق مسلسل "مانهاست" بإقامة "غرين تري" بضواحي نيويورك، في 18 يونيو 2007، بناء على قرار لمجلس الأمن رقم 1754 الصادر في 30 أبريل 2007، انعقد 13 اجتماعا برعاية المبعوثين الخاصين للأمين العام حول الصحراء بيتر فان فالسوم وكريستوفر روس...
وفي خضمّ انطلاق ذلك السياق، قدم المغرب مخطط الحكم الذاتي في الصحراء إلى مجلس الأمن، قبل انطلاق مسلسل "مانهاست"، ولكن في العام ذاته وفي الشهر ذاته (أبريل 2007) الذي صدر فيه قرار مجلس الأمن رقم 1754.
ماذا تحقق بعد هذا المسلسل الطويل؟ لا شيء على الإطلاق سوى تأخير هذا الملف وعدم الحسم في كل القضايا العالقة، وصار شهر أبريل من كل عام موعدٌ "روتيني" لمجلس الأمن لمناقشة قضية الصحراء، لـ"يُتوّج" بالتمديد لبعثة الأمم المتحدة بالصحراء "المينورسو" لعام واحد!
عن أي تنفيذ للحكم الذاتي تتحدث أبو زيد؟ جبهة "البوليساريو" تعتبر نفسها غير معنية بالمخطط المغربي وتعيد على مسامعنا، دون كلل ولا ملل، أسطواناتها المشروخة عن "الاستقلال" و"تصفية الاستعمار" وتلك المفردات التي أكل عليها الدهر وشرب، رغم أن مفهوم "تقرير المصير" لا يعني بالضرورة "الاستقلال"!
الواقع أن مملكة محمد السادس يجب أن تستهدف "البوليساريو" دبلوماسيا من خلال فضح كونها لا تمثل "وحدها" الصحراويين، فإذا كانت "تمثّل" تجاوزا (وبالنار والحديد) جزءا منهم، في مخيمات تندوف، على الأرض الجزائرية، فهذا لا يخوّلها الحق في تقديم نفسها على أنها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي".
من يمثل الصحراويين في الداخل؟ إنهم ممثلوهم في مجلسي البرلمان وفي الجهات وفي الجماعات الترابية، وهؤلاء لهم شرعية ديمقراطية يجب أن يستثمروها، وتستثمرها معهم الدبلوماسية المغربية، خصوصا أمام الدول الديمقراطية.
إن تقديم هؤلاء، من جهة، من خلال مبادراتهم الشخصية وبكل ثقة في النفس ومن خلال حضور دولي مكثّف، لا يكتفي بمزاحمة الانفصاليين بل حتى الفراغ الذي قد يتركون في بعض المواقع، ومن جهة أخرى من خلال المسالك الدبلوماسية الرسمية، يعطي صورة راقية وديمقراطية و"بديلة" عن صورة متقادمة يظهر فيها قادة "البوليساريو" ببدل عسكرية وشعارات إلى زمن الحرب الباردة و"رومانسية" الحركات اليسارية في أمريكا اللاتينية التي استفاق عنها العالم!
ولا يجب أن يكتفي المغاربة، بمَن فيهم حسناء أبو زيد، فقط بالترويج لممثلي الصحراويين في الداخل، بما هم أهلٌ له وحسب، ولكن بفضح الانفصاليين، ومن ورائهم "عرّابوهم" في الجزائر، لرفضهم إحصاء الصحراويين في المخيمات وتسيير شؤونهم بشفافية في ما يخص المساعدات الدولية على الأقل، وأيضا لعلاقاتهم المشبوهة مع متعاطي كل أشكال الإرهاب والاتجار في البشر والسلاح والمخدرات...
ألا ترى أبو زيد أنه آن الأوان لـ"إقصاء" جبهة "البوليساريو" بالعقل والمنطق والجغرافيا السياسية بدل النفخ في رماد لم يعد يجدي نفعا؟!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00