موسى متروف
يعتبر جورج كليمونصو، الذي ذاق ويلات الحرب العالمية الأولى وهو يقود فرنسا، أن الحرب خطيرة جدا، لذلك لا يجب أن تُترك للعسكريين، وهذا صحيح لأن العسكري قلّما يجنح، بحكم تكوينه وعمله وغاية وجوده، إلى السلم. وطبعا يجب أن يكون القول الفصل للمدنيين، بعد الاطلاع على تقارير وخطط العسكريين... ولكن المشكلة الكبرى، في نظري المتواضع، هي عندما يسكت العسكريون ويدق المدنيون طبول الحرب وباستسهال غريب!
وأقصد بهؤلاء بعض الزعامات الحزبية المتحمّسة بزيادة، والتي تظن أن تحرير البّير لحلو وتيفاريتي وميجك والگرگارات وغيرها من الأراضي المنزوعة السلاح، منذ اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، والموجودة شرق وجنوب الجدار الرملي، من مرتزقة "البوليساريو" مجرد فسحة على الرمال الذهبية بواسطة السيارات رباعية الدفع، أو "تبوريدة" بالشاش والضراعية على ظهور الخيل أو الإبل!
صحيح أن الموقف يتطلب حزما، قد يصل، لا قدر الله، إلى المواجهة العسكرية، لكن لا يجب الترويج لخيار الحرب كأنه الحل الوحيد الممكن الآن في غياب تفاعل قوات "المينورسو" التابعة للأمم المتحدة مع الاحتجاجات المغربية.
لا يمكن إلا تثمين هذا الإشراك للقوى الحية المغربية في قضية الصحراء، لكن ليس مطلوبا من هذه الأخيرة أن تدق طبول الحرب، بل أن تُفعّل علاقاتها الخارجية، في حال توفّرها، للضغط على الانفصاليين عبر العالم، ووضعهم في الزاوية الضيقة، من خلال دبلوماسية "موازية" إرادية وشرسة وحقيقية، لا تكتفي بالمناسبات والمؤتمرات الحزبية العالمية لتسجيل مواقف "معزولة" وربما خلف الأبواب المغلقة!
إن وضع الأحزاب والنقابات والصحافة وعموم المغاربة في "الصورة" حول مستجدات القضية الوطنية يساهم بشكل كبير في إبراز أن الملف ليس شأنا يخص القصر أو الحكومة وحدهما، بل يعني الشعب المغربي كلّه، وعبر هذا المنظور سيرى القائمون على تدبيره، في منظمة الأمم المتحدة، أن الأمر لا يتعلق بتدبير "روتيني"، يلتئم حوله مجلس الأمن كل سنة في شهرها الرابع لإنتاج تقرير وقرار لا يسمنان ولا يغنيان من جوع، بل غالبا ما يطبعهما نوع من "جبر الخواطر" لطرفي النزاع، دون وضع الأصبع على المشكل الحقيقي.
لقد طال أمد هذا النزاع أكثر من اللزوم وتجاوز أربعة عقود، ومر أكثر من عقد على اقتراح المملكة لمشروع للحكم الذاتي، لكن يبدو أن جبهة "البوليساريو" ومِن ورائها الجزائر، تستفيد من الحفاظ على الوضع القائم، من خلال "استدامة" الاستفادة من المساعدات الدولية بدون حسيب ولا رقيب، بل حتى دون إحصاء لسكان المخيمات المستفيدين المفترضين من هذه المساعدات!
ويبدو أن الجزائر، التي استفادت طويلا من تبنّيها لهذا الملف، عبر صنع "البعبع المغربي" في مواجهة التحديات الداخلية، بدأت تنوء بأثقاله على ترابها، فجعلت الانفصاليين يندفعون إلى المناطق العازلة المنزوعة السلاح، لتتخلص الجارة الشرقية للمملكة من هذه الشوكة في خاصرتها وتضعها في خاصرة المغرب، خصوصا شرق الحاجز الأمني الرملي؛ حيث الامتداد "الطبيعي" و"السلس" مع مخيمات لحمادة تحت أعين القبعات الزرق والتي لا تكاد تحرّك ساكنا!
إن ترديد كلمة "الحرب" دون أن يدير الناطق بها، قبل ذلك، لسانه سبع مرات من شأنه أن يعطي الانطباع أن الأمر "مبالغ فيه"، وأن الأمر "ليس جديا"، أو مجرد "تسخينات مناسباتية" ستنتهي مع نهاية هذا الشهر، بإصدار قرار بتمديد مهمة "المينورسو"، في حين أن الأمر جدّي جدا، ولأنه كذلك، فيجب أن يكون التواصل على القدر ذاته من الجدية، وعلى قدر كبير من الحيطة والحذر والواقعية والقدرة على الإقناع، ليحقق أغراضه ونصل إلى "الأثر" المطلوب في أقرب الآجال!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00