موسى متروف
بعد تأكُّد اعتقال الزعيم الانفصالي السابق لإقليم كاتالونيا كارليس بودجيمون من طرف الشرطة الألمانية، الأحد 25 مارس 2018، بناء على مذكرة اعتقال أوروبية استصدرتها إسبانيا، يبدو الاتحاد الأوروبي، وليس ألمانيا أنغيلا مريكل ومملكة فيليبي السادس فقط، عازما وحازما في الوقوف في وجه النزعة الانفصالية في شبه الجزيرة الإيبيرية، خوفا من العدوى التي إن بدأت في الشمال الشرقي لإسبانيا، فستعصف بإقليم الباسك في شمالها الغربي والجنوب الغربي لفرنسا، وربما عرف شمال إيطاليا المآل ذاته وهلمّ جرّا... وهكذا دواليك في ما يشبه لعبة "الدومينو"!
بودجيمون الذي كان يصول ويجول في إقليم كاتالونيا وعاصمته برشلونة صار طريدا، وها هو بلا حيلة في مُعتقَله الألماني، مهدّد بربع قرن في السجون الإسبانية. "وتلك الأيام نداولها بين الناس".
يذكّر هذا، إلى حدّ ما، بما وقع لأمين عام جبهة "البولبيساريو" ورئيس "جمهورية الوهم" إبراهيم غالي، عندما كان مهددا بالاعتقال في إسبانيا بعد ما "جرّته" فتاة صحراوية إلى محاكمها بتهمة اغتصابها... لكنه "دار بنّاقص" ولم يذهب إلى إسبانيا وخرجت "جرّته" على خير وإلى حين!
صحيحٌ أن المقارنة بين ما يقع في كاتالوينا والصحراء المغربية فيه كثيرٌ من "التعسّف"، للاختلافات التاريخية والقانونية والسياسية الجذرية بينهما، لكن يمكن الاستفادة من هذه "النوعة الوحدية" السارية في الاتحاد الأوروبي. كيف؟
مازال الحكم الصادر عن محكمة العدل للاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء 27 فبراير 2018، والمتعلق باتفاق الصيد البحري المبرم بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية في 2006، ماثلا في الأذهان، وخصوصا أن المملكة مقبلة على مفاوضات، تبدو "عسيرة"، مع الاتحاد الأوروبي لتجديد هذا الاتفاق الذي ينتهي في شهر يوليوز المقبل، والذي يجب أن يتضمن، بالقوة والفعل، كل المياه الإقليمية للمملكة، بما فيها مياه الأقاليم الجنوبية. وهنا يجب أن تُبيّن المملكة عن عزم وحزم ليسا أقل من اللذين شهدناهما لدى الاتحاد الأوروبي في مواجهة "النزعة الانفصالية" بـ"نزعة وحدوية" لا غبار عليها.
وطبعا للمغرب حججه الكثيرة، وربما أقواها، ما ينتجه الاتحاد الأوروبي نفسه من تقارير، ومن بينها تقرير أُحيل على المجلس والبرلمان الأوربيين، يتحدث عن كون جهتي الداخلة- وادي الذهب، والعيون- بوجدور- الساقية الحمراء تستفيدان من 66 في المائة من الغلاف الإجمالي للدعم القطاعي؛ أي حوالي 37 مليون أورو (أكثر من 370 مليون درهم)...
وهو التقرير الذي يوصي بشدة بتجديد اتفاق الصيد البحري لاعتباره "أداة للتعاون المعمق مع المغرب، المنخرط بشكل كبير في التعاون جنوب- جنوب"...
وقبل وبعد كل هذا، يجب أن يتحدث المغرب بلغة المصالح، لأن الاتحاد الأوروبي شريك اقتصادي أساسا وهو الذي يستفيد من المصايد المغربية، وبما أن المغرب منخرط في عملية "تنويع" شركائه الاقتصاديين، فيجب أن ينخرط في التفاوض من موقع قوة، لأن ميزان القوى، في هذا المجال بالذات، يميل لصالحه.
وعلى سبيل الاستئناس، يمكن ذكر أن الولايات المتحدة أدمجت، في الأيام الأخيرة، استفادة الصحراء بشكل واضح من الاعتمادات المالية الموجهة إلى المغرب في الميزانية الفيدرالية لـ2018-2019 (القانون المالي يبدأ في شهر أكتوبر)، وهذا يشكّل ضربة قاضية لجبهة "البوليساريو"، قد تصلح لتكون حجة أخرى يمكن تقديمها إلى الأوروبيين...
لقد حاول رئيس "جمهورية الوهم" غالي، في رسالة الى رئيس الاتحاد الإفريقي الرئيس الرواندي بول كاغامي يوم 10 مارس 2018، "حث" الاتحاد الإفريقي على دعوة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تطبيق حكم المحكمة العليا الأوروبية المذكور، وعلى الدبلوماسية المغربية أن تلعب اللعبة ذاتها، ولكن ليس على طريقة الانفصاليين المثيرة للسخرية، بل عليها أن تستغل عودة المغرب إلى أسرته القارية المؤسساتية للتضييق على الجبهة من داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، تماما كما فعلت إسبانيا مع الاتحاد الأوروبي بتضييقها على الانفصاليين، بل رميهم، في نهاية المطاف، في غياهب السجون!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00