بلخير سلام
مثلما كان متوقعا، فقد قدمت فرنسا، رسميا، دعمها لملف "موروكو 2026" لتنظيم كأس العالم، عبر إعلان الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، أمس (الخميس)، إثر "لقاء خاص للتباحث في الموضوع"، والذي جمع رئيس الأخير، نويل لوغريت، بنظيره فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية.
وبقدر ما خلف الدعم الفرنسي للملف المغربي، في سياق مواجهته للملف الأمريكي الثلاثي المشترك (أمريكا وكندا والمكسيك)، ارتياحا كبيرا لدى المسؤولين عن "اللجنة المكلفة بالترشح المغربي لاحتضان المونديال"، كما جميع المغاربة، فإنه يحيلنا، حتما، على محاولة "استنطاق" الأهمية منه في تعزيز "ملف المغرب 2026"، لاسيما في ظل مساعدته على ربح أصوات شركاء أوروبيين آخرين، ومدى الأبعاد الكامنة وراء هذا الدعم الفرنسي، في إطار تبادل المصالح، على نحو مشروع.
بالتأكيد، إن الدعم الفرنسي يعد مهما للغاية، خاصة في هذه المرحلة من التنافس، وما سيتخللها من إخضاع الملفين المرشحين لتنظيم مونديال 2026، المغربي والأمريكي، لمساطر التفتيش من طرف لجنة تابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، خلال منتصف شهر أبريل المقبل، فضلا عن أنهما سيجتازان اختبار الصعود إلى مرحلة التصويت أو الإقصاء منه، في غضون يوم السابع من شهر يونيو القادم، قبل موعد الحسم في هوية الملف الفائز، بتاريخ 13 من الشهر ذاته.
ولعل الأهمية المثلى للدعم الفرنسي، الذي أكده رئيس الاتحاد المحلي لكرة القدم، نويل لوغريت، تكمن في كون هذا الدعم جاء مشفوعا بكلمات جد مهمة، لعل أبرزها أنه ليس دعما فرنسيا فقط، بل سيجر معه شركاء فرنسا؛ إذ ربما يقصد منه أن الأمر يتعلق بأوروبا، أو بالاتحاد الأوروبي، شريك المغرب الاقتصادي والسياسي.
ويفهم من خلال هذا التصريح الفرنسي، الذي يأتي عقب سماح جهاز "الفيفا" بالإعلان عن الدعم من أي جانب لأي ملف، أن هناك توجها فرنسيا، بل وأوروبيا، للدفع نحو تأييد الملف المغربي، سعيا إلى كسب سوق مهمة، لا تنحصر فقط على المغرب، بل على صعيد إفريقيا ككل، لاسيما أن الرباط صارت تمثل قنطرة عبور أساسية نحوها، بفضل العمل الكبير الذي أنجزه الملك محمد السادس، وما أثمره من توجه جديد وفعال نحو القارة السمراء، ومكاسب سياسية واقتصادية ومجتمعية في هذا الاتجاه.
وبما أن "الملف المغربي لتنظيم المونديال" تم تقديمه على أساس أنه "ملف مشروع قارة بأكملها"، فإن فرنسا، ومعها أوروبا، أيضا، تعيان جيدا، أن القارة الإفريقية هي المخرج لها من أزماتها المتولدة عن السقطة المالية الكبيرة لسنة 2009، وما ترتب عنها من تداعيات خطيرة، أدت إلى مشاكل عويصة في فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا، بل وإلى إعلان اليونان عن إفلاسها، وإعلان إنجلترا عن انسحابها من السوق الموحدة.
موازاة مع هذه المعطيات السالف ذكرها، يجدر التذكير بأن كل الدراسات الاقتصادية العالمية أشارت، خلال العشرية الأخيرة، إلى أن إفريقيا تعد مستقبل العالم اقتصاديا، بحكم أنها أرض تتوفر على مجموعة من الثروات، على تعددها وتنوعها، وإن نهبت ثروات منجمية كثيرة منها، وذلك على اعتبار أنها، في أفق سنة 2050، ستضم حوالي مليارين ونصف من السكان، معظمهم من الشباب (حوالي 80 في المائة)، وهو ما يفيد بأن هناك سوقا استهلاكية مهمة، ستحتاج دولها إلى بنيات تحتية، وإلى مواد مصنعة، وإلى مختلف ما تتوفر عليه أوروبا من خبرات اقتصادية ومالية وغيرها.
وبما أن الأمر كذلك، فإن أوروبا، وضمنها فرنسا، الشريك الأساسي للمغرب، لا يمكنها أن تستفيد جيدا من هذه السوق الإفريقية دون أن تعبر إليها عن طريق الخبرة المغربية، وطرق المغرب، خاصة في ظل توفر البلاد على قطاعات مهيكلة، على غرار مصانع للسيارات، وتجهيزات خاصة بالطائرات، فضلا عن توفرها أيضا على شبكة علاقات قوية مع الأفارقة، وانفتاحها على كل الفرقاء في القارة، لاسيما بعد عودة المغرب إلى مكانته الطبيعية بمنظمة الاتحاد الإفريقي.
إنه، إذن، دعم لسياسة "رابح رابح"، كما أطلق عليها الملك محمد السادس، في البداية، وتلاه باقي الفاعلين الاقتصاديين، علاوة على أنه دعم سياسي، من شريك يعرف المغرب ويعرفه المغرب، وأكيد سيؤدي بالضرورة إلى مشاريع كبرى، سيستفيد منها المغرب وهو يهيئ ملفه لتنظيم كأس العالم، مثلما سيستفيد منها شريكه الأوروبي، ومن خلاله باقي الشركاء في أوروبا كلها.
شكرا، فرنسا على دعمك لملف "موروكو 2026"، في انتظار كسب دعم اتحادات كروية لبلدان أخرى، أوروبية، كما غيرها من اتحادات القارات الأخرى.
وهنيئا للمغرب بثقة العالم، في انتظار كسب رهان تنظيم مونديال 2026.
بالتوفيق.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00