موسى متروف
من يتتبع المناخ الحزبي في المملكة الشريفة، يجد نفسه حائرا بين أحزاب دخلت في "سبات شتوي" منذ مدة، وأخرى تُقيم الدنيا ولا تقعدها وتدق كل الأجراس، كأن انتخابات تشريعية سابقة لأوانها على الأبواب...
تعالوا لنلق نظرة على ما يعتمل في المطبخ الحزبي المغربي، الذي يموج بعضه بالحركة، وبعضه الآخر يغطّ في نوم عميق، كأنما ضرب الله على آذان أصحابه في الكهف سنين عددا...
ولنبدأ بالائتلاف الحكومي، حيث يبدو أن إخوان سعد الدين العثماني ارتاحوا من إحالة عبد الإله بنكيران على التقاعد "السياسي"، ولو إلى حين، وهم جادّون في تحويل حزبهم إلى حزب عادي لتدبير للشأن العام، لا طعم له ولا لون، وبشكل هادئ لا يكدر صفوه معارض، خصوصا بعد تبني "لائحة الأمانة العامة"، التي ألجم بها العثماني ألسنة قيادات الصف الأول لحزبه، من خلال موادّ تلزمهم بضرورة الالتزام بقرارات الأمانة العامة، وعدم التصريح بما ينافيها خارج الاجتماعات!
في الائتلاف ذاته، وعلى النقيض من ذلك، نجد عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، قد حمل عصا الترحال، وطاف على الجهات، واستمع لمناضلي حزبه والمتعاطفين معه وأخرج من كل ذلك "مسار الثقة"، كأنه برنامج انتخابي لاستحقاقات ستجري غدا أو بعد غد...
أما الأحزاب الأخرى فهادئة ووديعة، حتى التي يُفترض أن يكون فيها نقاش حول الخلافة، مثل حزب التقدم والاشتراكية المقبل على مؤتمره الوطني العاشر، المقرر أيام 11، 12، و13 من شهر ماي المقبل... فلا صوت لأمين عام الحزب محمد نبيل بنعبد الله ولا منازع له على الزعامة رغم ما ناله حزب "الكتاب" من صفعات متتاليات في عهده...
وما يصدق على الرفيق بنعبد الله، يصدق على محند العنصر في الحركة الشعبية، حيث يسود أيضا الصمت، حول مستقبل هذا الديناصور المغربي الذي يروج داخل حزبه، وبقوة، أن الحزب ما زال في حاجة إليه، باعتباره "رجل التوافق والتوفيق بين المتناقضات"، وحتى تلك الحركات التصحيحية، التي عهدناها زوابع في فناجين، اختفت هذا العام كأن السلام الروماني ساد لصالح ابن إيموزار مرموشة!
أما باقي مكونات الأغلبية (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري) فتعيش في راحة بال و"ما عْلى بالهاش"!
وفي جهة المعارضة، وهي أساسا حزب واحد هو حزب الأصالة والمعاصرة، فقد تم تناسي استقالة الأمين العام للحزب إلياس العماري، ودخل حزب "التراكتور" سباتا شتويا طويلا هو الآخر...
أما في المنزلة بين المنزلتين، فيتموقع حزب الاستقلال، الذي حسم في خلافة حميد شباط وسلم زمامه لنزار بركة، وهو الحزب الوحيد الذي يعرف دينامية شبيهة بما يعرفه حزب التجمع الوطني للأحرار.
فحزب "الميزان" يعرف حركية في الجهات، وعرف محاولة لإعداد تصور للنموذج التنموي الجديد (كما فعل "الأحرار" أيضا)، كما يُنتظر أن ينعقد المجلس الوطني ("برلمان" الحزب)، في بداية شهر أبريل المقبل، للحسم في موقفه من الحكومة، التي إلى حد الآن، يتبنى في اتجاهها ما يسمى بـ"المساندة النقدية"، منذ تعيين بنكيران رئيسا للحكومة على إثر انتخابات 7 أكتوبر 2016.
وبالتالي، ينتظر أن يتبنى حزب بركة، في أبريل المقبل، موقفا جديدا، أو بالأحرى مُعارضا، لحكومة العثماني في الذكرى السنوية الأولى لتشكيلها بعد "البلوكاج" الشهير، وهو ما سيساعده على تحرير لسانه من أجل الإعداد للاستحقاقات المقبلة، بعد أن فقد الأمل في الالتحاق بالركب الحكومي.
هذا هو الحال في الأحزاب المغربية، التي تعيش على إيقاعات مختلفة، كأنها تعيش في مغارب مختلفة، لا جامع لها ولا ضابط، ولا استحقاقات تنتظرها. المعارض لا يحمل همّ المعارضة، والذي ينتمي إلى الائتلاف الحكومي يضطر أحيانا إلى المشاكسة، حتى يلعب دور المعارضة الذي صار في خبر كان!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00