موسى متروف
من هو أقدم رئيس حزب في المغرب؟ للذين لم يعرفوا الجواب على هذا السؤال البسيط، في الواقع، سأقدم لهم بعض المساعدة.
هذا الرجل لم يعد يشغل الناس إلا بسيارته؛ في المرة الأولى، بداية هذا العام، عند انتشار ما اعتُبر، خطأً، "سيلفي" له مع سيارته "الرونج"، وفي المرة الثانية بعد "قصفه" بالحجارة وتدمير سيارته، ثم ما أثير من ضجة حول ملكية هذه السيارة!
وبدل أن يقف الناس عند الرجل، توقفوا، في المرتين معا، وطويلا عند سيارته، التي أصبحت كالشجرة التي تخفي الغابة!
ولمزيد من التوضيحات، يبلغ هذا الرجل من العمر عتيا، حتى وإن كان لا يظهر عليه ذلك، أدام الله عليه الصحة والعافية، لكنه ديناصور سياسي حقيقي. فقد بلغ الآن ستة وسبعين عاما، وسبق له أن صرّح، في الفترة الأخيرة، والعهدة عليه، أنه سوف لن يترشح لخلافة نفسه على رأس حزبه في مؤتمره الوطني الذي من المفترض أن يتم تنظيمه هذه السنة.
هذا الرجل انتخب، في أكتوبر 1986، أمينا عاما لحزبه خلال انعقاد مؤتمره الاستثنائي، ويمكن اعتباره من أقدم قادة الأحزاب، ليس في المغرب فقط، بل في سائر بلاد الدنيا!
الرجل "بدأ" مساره السياسي وزيرا للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية سنة 1981، بعد أن كان مديرا عاما للبريد والمصالح المالية ثم مديرا للشؤون العامة، قبل أن يتربع على رئاسة إدارة الوزارة كاتبا عاما.
وطبعا كان له في هذا الصعود "صانعٌ" و"صاحبُ فضل"، الذي ليس إلا المحجوبي أحرضان، الذي سبقه إلى وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، كما سبقه إلى زعامة الحزب (بل إلى تأسيسه مع الراحل عبد الكريم الخطيب سنة 1958) الذي سيخلفه فيه، كرها في 1986، وطوعا بعد عشرين عاما؛ أي سنة 2006، خلال "المؤتمر الاندماجي" للأحزاب التي تفرعت عن حزب "الزايغ" أحرضان.
وظل صاحبنا زعيما للحزب ولم تثنه "حركة تصحيحية" تزعمها، في 2015، ابن "الزايغ"، أوزين أحرضان، أو أخرى بادر بها آخرون غيره، وظل في مكانه لم يتزحزح عنه قيد أنملة إلى أن تم تعيين محمد حصاد وزيرا في حكومة سعد الدين العثماني في 2017، وباسم حزب صاحبنا، ففُهم أن حصاد إنما جاء ليحصد "سنبلة" الحزب التي أينعت وحان قطافها!
ومن حسن حظ صاحبنا، أو من سوء حظه ربما، إذا كان فعلا يبحث عن طريقة لـ"حسن التخلص" من زعامة حزبه، أن حصاد مسّه "زلزالٌ ملكي" أودى به من الحكومة ومن حزب صاحبنا!
لقد جرّب الرجل كل الوزارات، وحتى "أمها" وزارة الداخلية، ووزارة الدولة، والبريد، والفلاحة، والتعمير، وحتى الشباب والرياضة خلال فترة قصيرة... وجرّب رئاسة جهة فاس بولمان، قبل أن يصبح رئيسا لجهة فاس مكناس... فماذا يريد أكثر من كل هذا؟ ألم يحن وقت الاستراحة والتقاعد والتنعّم بطبيعة إيموزار مرموشة؟!
لقد عرفتم الآن أن الأمر يتعلق طبعا بمحند العنصر، أمين عام حزب الحركة الشعبية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، الذي ظل في كرسيه، رغم الزوابع، وحاول التكيّف مع الزمن السياسي المغربي، فقد ظل وفيا لخط ما يُعرف بـ"الأحزاب السياسية"، باستثناء خروجه للمعارضة في زمن "التناوب التوافقي"، على إثر "خطأ تقني"، سيتم تصحيحه في عهد إدريس جطو، ويعود العنصر إلى معانقة المناصب الوزارية التي يبدو أنه أُتخم بها!
يقول مقربو العنصر إن ما يشغله الآن هو فقط أن يجد عنصرا قياديا آخر في الحزب ليسلمه القيادة، وسمعنا أنه لن يترشح لمنصب الأمين العام للحزب خلال المؤتمر الوطني المقبل وأن "موقفه نهائي" حتى لو تم تعديل القانون الأساسي للحزب، قبل أن يضرب كل شيء في الصفر ويقول "لكنني لن أتهرب من الحزب"!
ويبقى السؤال الأساس هو "هل الحركة التي أنجبت العنصر غير قادرة على إنجاب عنصر آخر" (بتسكين العين وضمّها)؟
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00