موسى متروف
تحدث عبد الرحيم شيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أخيرا، عن إمكانية أن يصبح عبد الإله بنكيران رئيسا للذراع الدعوي لـ"البيجيدي"، خلال المؤتمر الوطني المقبل للحركة، والذي من المنتظر أن ينعقد في شهر غشت المقبل، وهو ما يجعل الأسئلة المربكة تتناسل دون أن تجد كثيرا منها أجوبةً لها، في ظل صمت المعني بالأمر أولا.
"العودة" المرتقبة لبنكيران إلى الواجهة "السياسية"، من بوابة حركة "دعوية"، تنذر بصيف حارّ لـ"إخوان" سعد الدين العثماني، الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، بعد أن اعتقدوا أنهم نفضوا أيديهم و"انتهوا"، ولو إلى حين، من الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة الأسبق. وربما لم يعتقدوا أن هذا "الحين" ليس بالضرورة هو المؤتمر المقبل للحزب، بل قبل ذلك بكثير، وتحديدا خلال المؤتمر المقبل للذراع الدعوي للحزب الذي سيبدأ لظى صيفه يلفح وجوههم من الآن!
صحيح أن شيخي أكد على أن علاقة الحركة بالحزب "رغم أنها غير مطروحة للنقاش خلال المؤتمر القادم"، إلا أنه رجح مدارستها ومراجعتها خلال المرحلة القادمة، ودعا إلى أن يكون الهدف من ذلك هو "الوصول إلى حلول أو صيغ كفيلة بعدم التأثير على الحركة أو على الحزب"، لكن إذا افترضنا جدلا أن بنكيران أصبح رئيسا للحركة، كيف يمكن ضمان "عدم التأثير هذا"؟
إذا لبس بنكيران جلباب رئاسة الحركة، فإنه لن يفعل ذلك إلا لسبب واحد أوحد، هو أساسا الرغبة الجامحة في التأثير في مسار الحزب، وإلا ما الداعي أصلا إلى أن يطفو على سطح الأحداث وهو من هو برصيده الرمزي داخل الحزب والحركة معا؟ وإذا كانت تلك نيته، فإن سعد الدين العثماني هو الذي سيؤدي الثمن غاليا. كيف ذلك؟
لقد رأينا كيف "زلزل" بنكيران مكونات الأغلبية الحكومية بتصريحاته الأخيرة، وهو بلا صفة، لا في الحزب ولا في الحركة، ما عجّل بتوقيع ميثاق "غير غليظ" للتحالف الحكومي، فكيف إذا صار هو "المرشد العام" للجماعة، الذي يقول "القول الفصل"، ويرتفع كلامه إلى درجة "الفتوى" المسنودة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية؟!
ماذا عساه يفعل العثماني، الذي نظّر كثيرا لما سمّاه بـ"التمايز بين الدعوي والسياسي" والذي قال إن من بين سمات هذا التمايز "الاستقلالية التامة للمؤسسات المسؤولة عن الحزب عن المؤسسات المسؤولة عن الحركة"، لكنه أكد ، في المقابل، أن "الحركة لا تهتم بالعمل السياسي المباشر واليومي المتعلق بالانتخابات والتنافس لعضوية المؤسسات، لكنها معنية بالأهداف العامة للعمل السياسي...". وهذا هو مربط الفرس! فالحركة من حقّها، حسب الأمين العام الحالي لـ"البيجيدي"، أن تتدخل في ما هو "استراتيجي" وهذا هو الأخطر في الأمر، وإلا ما معنى "الأهداف العامة للعمل السياسي"؟!
لقد رأينا كيف أثّرت الحركة من خلال بعض مواقفها الأخيرة في مسار حزب إسلاميي المؤسسات، وأبرزها موقف رئيسها السابق محمد الحمداوي، خصوصا في ما يتعلق باستبعاد الولاية الثالثة لبنكيران على رأس حزب العدالة والتنمية، ومن هذا المنطلق ليس مستبعدا أن يعمد زعيم "البيجيدي" السابق إلى التحكم في الحركة، خصوصا أنه هو زعيمها التاريخي، ورئيس نواتها الصلبة "الجماعة الإسلامية" التي تحولت إلى "حركة التجديد والإصلاح"، قبل أن تتوحد مع "رابطة المستقبل الإسلامي"، وتصير "حركة التوحيد والإصلاح"...
لقد رأينا كيف عاد بنكيران، بعد إعفائه من رئاسة الحكومة، إلى جلبابه، وصار لا يفوّت جنازة لشخصية معروفة إلا وحضرها وأخذ الكلمة فيها، ما يهيئه لتحمل مسؤولية الذراع الدعوي لـ"البيجيدي" وخلط كل أوراق العثماني التي ظن أنه أعاد ترتيبها...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00