مصطفى أزوكاح
بدل رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، جهدا كبيرا من أجل طمأنة ساكنة مدينة الرباط والمدن المحيطة حول سلامة مياه سد سيدي محمد بن عبد الله،التي يستهلكونها، فقد أعلن في مجلس الحكومة، عن كونه يتناول بمعية وزراء آخرين تلك المياه، وانتقل إلي محطة معالجة تلك المياه، حيث أخذت له صور وهو يشرب من مياه المحطة، مؤكدا مرة أخرى على أنه يشرب من ماء الصنبور.
لا أعرف لماذا حرص رئيس الحكومة على التأكيد على أن لاشائبة تنال من صفاء تلك المياه، حيث كان يمكن أن يكتفى بإصدار بلاغ عن الجهة، تؤكد فيه ما سعى إلى إثباته، كما فعل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، الذي أصدر بيانا يشير فيه إلى خلو الشاي الذي يستهلكه المغاربة من مواد سامة، حيث حرص على التأكيد على أن الشاي المستورد مستوف للشروط المحددة في المعايير الوطنية والدولية.
وإذا ما سار رئيس الحكومة على سنة شرب أو أكل كل منتج تسري أنباء عن عدم مطابقته للمعايير أو احتوائه على ما يحلق الضرر بالمستهلك، فإنه سيكون عليه أن يقضي جل وقته محاولا طمأنة الناس حول سلامة العديد من السلع والخدمات.
ونحن نتذكر المذكرة الاستعجالية التي أعدها المجلس الأعلى للحسابات، بعد المراقبة التي أنجزت لمجازر جماعية، حيث لاحظت أن المغرب أنتج في عام واحد 550 ألف طن من اللحوم الحمراء، بينما لم تتم مراقبة سوى 300 ألف طن عبر المجازر.
وتشير تلك المذكرة إلى أن 45 في المائة من اللحوم المنتجة لا تأتي من المجازر ولم تخضع لأية مراقبة. وتبقى عمليات الذبح السرية مصدر جزء مهم من اللحوم المستهلكة غير المراقبة.
المذكرة رصدت العديد من الخروقات، التي دفعت إحدى الصحف الاقتصادية، إلى القول بأن مجازر اللحوم الحمراء أسوأ من مطارح النفايات.. غير أن ذلك التقرير لم يتسنفر الحكومة، كما فعلت عندما تعلق الأمر بمياه سد سيدي محمد بن عبد الله.
نعفي رئيس الحكومة من تعداد المنتجات التي تحوم حولها الكثير من الشبهات. فنحن نرى أن أبواب أوروبا مازالت موصدة أمام لحوم الدواجن المغرب، حيث يحرص مسؤولو ذلك الفضاء الاقتصادي، على الوقوف على مدى مطابقة مسلسل إنتاج ومعالجة وتسويق لحوم الدواجن في المملكة، للمعايير الأوروبية.
غير أننا نلاحظ أن معايير احترام المستهلك المغربي غائبة. فالمهنيون المغاربة، يقرون بأن 80 في المائة من الدجاج الذي يطرح في السوق المحلي غير مراقب، بل المملكة لا تتوفر سوى على 25 من مجازر الدواجن المراقبة، بينما تنتشر 15 ألف من « الرياشات » في الأسواق في ظروف لا تبعث على الاطمئنان على صحة المستهلك.
ونعفي رئيس الحكومة من الحديث عن الظروف التي تنتج فيها الكثير من الخضر والفواكه، والأسعار التي تطبق على سلع وخدمات دون احترام لقانون حرية الأسعار والمنافسة، بما لذلك من تأثير على القدرة الشرائية للأسر.
في سياق متسم بإمعان الحكومة في رفع الدعم عن منتجات أساسية و "إصلاح" الضريبة على القيمة المضافة، والانتقال من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف المرن..وكثرة الوسطاء في السوق، يفترض في الحكومة أن تكون أحرص علي حماية صحة المستهلك وقدرته الشرائية.
وينتظر من الحكومة أن تبتعد عن المقاربة الأمنية في تزويد السوق، تلك المقاربة التي تحرص على عدم حدوث خصاص PÉNURIE، وهو ما يدفع إلى تغليب هاجس الوفرة على الجودة وحماية القدرة الشرائية للأسر التي توجد دائما في وضعية ضعف في علاقتها بالبائع.
حماية المستهلك لا تحتاج لخروج المسؤولين، من أجل التذوق كلما أثيرت شكوك حول منتج من المنتجات، بل تقتضي إرادة سياسية من أجل الدفاع عن القدرة الشرائية للأسر وصحتها.
وستجد الحكومة في الخطب الملكية ما يسعفها في ذلك. فقد طلب الملك في خطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2008، بوضع مدونة لحماية المستهلك.
وقال الملك في ذلك الخطاب" استكمالا لمقومات الدعم الاجتماعي، نحث الحكومة على تفعيل الآليات التشريعية والمؤسسية، الهادفة لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وضبط الأسعار ومحاربة الرشوة".
وشدد " ولهذه الغاية ندعو الجهازين التنفيذي والتشريعي، إلى الإسراع باعتماد مدونة حماية المستهلك.. ويموازاة ذلك، يتعين التطبيق الحازم، لقانون حرية الأسعار والمنافسة، بما في ذلك تفعيل مجلس المنافسة ضمانا للحكامة الاقتصادية الجيدة".
صحيح أن المستهلك، لم يحظ باهتمام حكومة العثماني في برنامجها، وهي لم تشد عما درجت عليه حكومات سابقة، لكنها يمكنها أن تتدارك الأمر، عبر مدونة للمستهلك، الذي لا يكفيه خروج وزير لطمأنته أمام الكاميرات حول سلامة المنتجات المعروضة في السوق، فهو يعرف "خروب" بلده جيدا و يعلم ألا شيء غير القانون وتطبيقه الصارم يمكن أن يدفع عنه الإضرار بصحته وقدرته الشرائية.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00