موسى متروف
رفض الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية السابق عبد الإله بنكيران «تكريمه»، من طرف شبيبة حزبه في مؤتمرها الوطني السادس، ربما لأن ذلك يذكّره بقرب أجله المحتوم، أو بموته، الرمزي أو الحقيقي، لكنه قال إنهم يريدون أن يسمعوه، فجاء، في نهاية الأسبوع المنصرم، ليُسمعهم صوته ويقول لهم «إذا كان الشعب فعلا يريد بنكيران من جديد فسيرجع، إن شاء الله، ولو كان في قبره، غِير اطمأنوا»!
أنا أعلم أن رئيس الحكومة السابق ينتمي إلى حزب سياسي إسلامي، هو ذراع سياسي لـ«جماعة» كان من أكبر مؤسسيها. وأنا متأكد أنه من أهل السنة والجماعة؛ ما يعني أنه ليس إطلاقا من الشيعة الذين يؤمنون بعودة المهدي المنتظر، وهو تحديدا محمد بن الحسن العسكري، الإمام الثاني عشر والأخير الذي نزل في السرداب ولم يخرج منه وسيعود «ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا»، والذي كلما ذكره الشيعة الإثناعشرية قالوا «عجّل الله فرجه»، طبعا بعد «عليه السلام». وحتى إن كان كذلك فلا يمكنه أن يدعي أنه هذا «المهدي»، ونعلم أنه حتى بالنسبة إلى الذين يؤمنون بـ«المهدي المنتظر»، من السنة، فاسمه على اسم رسول الله واسم والده على اسم والده؛ أي محمد بن عبد الله!
لكل ما سبق لا أفهم، وكلام العقلاء منزّه عن العبث، أن يقول السي عبد الإله إنه «سيرجع، إن شاء الله، ولو كان في قبره»!
قد أفهم، بل حتى أتفهّم أنه ينوي أن يكون شبحا أمام الأمين العام الحالي للحزب، الذي خلفه أيضا في رئاسة الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، ويترصّده «في الدورة»، لينتزع منه الأمانة العامة للحزب في المؤتمر الوطني المقبل، كما فعلها ذات صيف في 2008، وما الذي يمنعه أن يعيد الكَرّة، خصوصا أنه قال بأنه ما زال مستعدا لـ«تصبينة أو جوج»!
إن أطال الله عمرا للحاج عبد الإله، قد يعود لزعامة حزبه، وهو زعيم حقيقي بلا منازع، والمغاربة يعشقون الزعماء وقد يجعلون منهم «أساطير» إذا لم أقل «أصناما»، لكن هل يمكنه أن يُعيد عقارب الساعة أو الزمن إلى الوراء؟ هذا هو السؤال الحقيقي، لأنه في ذلك الوقت، والعلم لله، سيكون قد جرى كثير من الماء تحت العثماني وبنكيران وحزب «المصباح» الذي يبدو أن نوره لم يعد يغشى الأبصار كالسابق!
وهنا أتذكر كوكب الشرق أم كلثوم، والسي بنكيران من عشّاقها، عندما تقول «وعايزنا نرجع زيّ زمان.. قل للزمن ارجع يا زمان»!
ومهما يكن من أمر، فإن بنكيران لا بد قاضّا مضجع العثماني، الذي حيثما ولّى وجهه وجد شبح سلفه، في مقر الحزب بحي الليمون أو بمكتبه بالمشور السعيد، ولا بد أنه يحسب له ألف حساب، لأنه وجد نفسه، ورغم أنفه، يرتدي جلباب بنكيران الذي يبدو أنه كان فضفاضا عليه!
وإذا كان شبح بنكيران بهذا المعنى، وإن كان يحبّ الكلام ويحب أن يُطلب منه الكلام، ووعد بالذهاب إلى كل مَن ينتظر منه الكلام، فما عساه يقول، وهو يكرر لازمته الجديدة «الكلام صعب»، وفعلا الكلام، في حالته التي لا يُحسد عليها، صعبٌ وربما لم يكن مباحا، لذا ما كان عليه أن يتبنى هذه اللازمة الجديدة، بل في الحقيقة، المرّة له ولمحبّيه، كان عليه أن يبقى ثابتا على لازمته الأولى وهي «انتهى الكلام»، لأن الكلام فعلا انتهى، منذ انتهت صلاحية الظهير الشريف بتعيينه رئيسا للحكومة، وما أتمناه، فعلا ومن كل قلبي، أن أقرأ، عاجلا أو آجلا، مذكرات أول رئيس حكومة للمغرب بعد «الخريف العربي»، كما أتمنى أن أقرأ مذكرات عبد الرحمان اليوسفي، وزير أول حكومة «التناوب التوافقي»...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00