موسى متروف
وأنا قادم إلى مقر عملي بالدار البيضاء، صباح اليوم الجمعة 02 فبراير 2018، مررت بمحاذاة المرأب الكبير لفندق "حياة ريجينسي" الشهير بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، فإذا السيارات قد تركت مكانها لمجسمات وخَيْمة عملاقة تحتضن الدورة الأربعين للجمعية العمومية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وفي جوانب الفندق حافلات وسيارات تحمل ملصقات هذه الجمعية العمومية، مع شعار دالّ، هو "الاحتفال بإفريقيا".
والمغرب، في الواقع، لا يحتفل بإفريقيا فقط في إطار هذه الجمعية العمومية لـ"الكاف"؛ فقد انطلق ذلك منذ عهد الملك محمد الخامس، الذي كان من الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية، وفي بدايات الاستقلال، كانت لدينا وزارة مكلفة بالشؤون الإفريقية على رأسها الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب. وقدمت مملكة الحسن الثاني الدعم للمؤتمر الوطني الإفريقي بجنوب إفريقيا وزعيمه نيلسون مانديلا ضد الفصل العنصري، ثم للحركة الشعبية لتحرير أنغولا وقائدها أغوستينو نيتو في حربه على الاستعمار البرتغالي... وظلت الوشائج مستمرة، في نظرة إلى القارة السمراء باعتبار الجذور المغربية الممتدة فيها، حتى وإن اشرأبت هامة الملك الراحل إلى أوروبا، إلى أن جاء الملك محمد السادس وخلق دينامية جديدة مع الدول والشعوب الإفريقية بزيارات، تعد بالعشرات، وحتى إلى الدول التي كانت تناصب العداء للمملكة في قضيتها الوطنية. ودخل الملك مقر الاتحاد الإفريقي دخول الفاتحين، بعد أن تطورت العلاقات الثنائية مع العديد من دول القارة السمراء في المجالات السياسية والاقتصادية والدينية... وحتى في مجال كرة القدم!
من هذا المنظور الشامل، يجب النظر إلى الدورة الأربعين للجمعية العمومية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي حظي رئيسه الملغاشي أحمد أحمد بالدعم الملكي، مذ صلى إلى جانب محمد السادس في مدغشقر إلى أن خلف الرئيس السابق عيسى حياتو، الذي وضع كثيرا من العصي في عجلة الكرة المغربية.
ويأتي هذا الاجتماع الهام لـ"الكاف" بالدار البيضاء، والذي يحضره أيضا جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (وطبعا حضوره روتيني لأنه يحضر الجموع العامة لكل الاتحادات القارية)، أيضا، في الوقت الذي يتقدم المغرب بملف ترشحه لتنظيم كأس العالم لكرة القدم في سنة 2026، ويريده أن يكون ملف كل القارة، ولا ينتظر، بمناسبة هذه الجمعية العمومية، أقل من دعم صريح من الاتحادات الإفريقية المحلية الأربعة والخمسين للملف المغربي لمواجهة المنافسة الشرسة للولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكندا، التي اتّحدت في ملف واحد، ثلاثي مشترك، لتضمن له أكبر قدر من القوة، ولكن "لحميّة"، في هذه الحالة، "لن تغلب السبع"!
"الكاف" لا أتصوره إلا مثل "كاف" دالة على "الكرم" الإفريقي، الذي سارت بحديثه كتب التاريخ الحديث، بعد أن منحت القارة السمراء، طوعا أو كرها، كثيرا من خيراتها وأيضا من عضلات أبنائها لتحريك الآلة الصناعية للعالم "المتحضر"... الذي إن نسي ذلك، فمشاركة أبنائه، على الأقل، في بطولات كرة القدم وأمجادها، عصية على النسيان!
هذه "الكاف" الكريمة هي التي ستجود على أرض الجود المغربية بدعم لا مشروط لتنظيم العرس الرياضي العالمي في 2026، متحدية في ذلك مَن رفع شعار تقسيم الشعوب، في استرجاع مؤسف لتاريخ استعماري بائد، بين شعوب "متحضرة" وأخرى "قذرة" في هذه القارة السمراء الجميلة، أو لا تستحق أن يكون لها كيان، كالشعب الفلسطيني، غير بعيد عن قلوب العديد من الشعوب المسلمة أو المحبة للسلام والمناصرة للشعوب المقهورة في إفريقيا، خصوصا تلك التي رزحت طويلا تحت نير الميز العنصري!
هذه "الكاف" الكريمة تناغي "الميم" المغربية و"ميم" المونديال لتخلق عرسا إفريقيا بامتياز، بعد عشر سنوات من احتضان أقصى جنوب القارة للمباريات النهائية لكأس العالم، في تصميم على رفع التحدي عاليا، في قارة طالما تحدّت المستحيل...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00