موسى متروف
أخيرا رُفعت الأقلام وجفّت الصحف، وآن لبسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، أن "تحط السلاح وتمشي تستاراح"، أو على الأقل أن تبتسم! و"حُقّ" للحقاوي حتى أن تضحك كثيرا، كما يضحك الآخِر، كما يقول المثل الفرنسي، بعد أن كانت "حقيقةً" على إخراج مشروع القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، و"حاقته" مصالحُها، كما يُدلك العجين، بعد أن أعدت النص، مع مصالح وزير العدل السابق المصطفى الرميد، وتلقّت رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان...
طبعا، حمل مجلس إدريس اليزمي الأمر على محمل الجد، وأصدر وثيقة هامة من 49 صفحة تضمنت العديد من التوصيات مستمدة من المجتمع المغربي، ولكن أيضا من تجارب الذين سبقونا إلى الوعي بأهمية تحصين المرأة ضد كل أنواع العنف، سواء كان جسديا أو جنسيا أو نفسيا أو اقتصاديا...
لقد تم تمرير المشروع بمجلس النواب عليه في 20 يوليوز 2016، قبل أن تتم إحالته، بعد أيام معدودات، على مجلس المستشارين، حيث تم تقديمه في 02 غشت 2016، ولم يتم الشروع في مناقشته إلا في 31 أكتوبر 2017؛ أي بعد عام وحوالي أربعة أشهر! فهل دخل المشروع في "حُقٍّ" بالغرفة الثانية، قبل أن "تحِقّ" الحقاوي المستشارين، ليصوّتوا عليه في آخر المطاف مساء أمس الثلاثاء 30 يناير 2018، ولو بأغلبية بسيطة جدا لا تتجاوز 23 صوتا لصالحه، ومعارضة 15 مستشارا له!
لا أدري ما طبيعة حجج من رفضوا التصويت على هذا المشروع، وإن كنت أعلم، علم اليقين، أن كثيرا من الذين عارضوه حاولوا إقباره، بسبق إصرار وترصّد، وهم مَن وضعوه في "الحُقّ" قبل كسره وبث الحياة فيه من جديد!
صحيح أن الحقاوي تنتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وهو بالقوة وبالفعل حزبٌ محافظ، له نظرة "رجعية" للمرأة، لكن مشروع القانون رقم 103.13، المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، نص متقدّم بالنسبة إلى طبيعة المجتمع المغربي، ذي النزعة الذكورية، وكان بالإمكان التقدّم به أكثر وهذا أمر مستحب، لكنه أحسن من لا شيء، ومع ذلك، بإمكانه أن يسدّ فراغا صارخا، ليس من مصلحة المرأة المغربية أن يطول، لأن كثيرا من النساء، زوجات وأمهات وبنات، أو فقط "مجرد" مواطنات، يعانين حاليا في صمت، ليس البتة من علامات الرضا، من كل أشكال العنف، وخصوصا العنف الجسدي والتحرش الجنسي، لأن القوانين الجاري بها العمل حتى الآن "غير مبالية" بمعاناتهن، في انتظار أن يأمر الملك محمد السادس بتنفيذ القانون الجديد، بظهير، لينشر في الجريدة الرسمية ويدخل حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من ذلك...
لقد حاول "الرفيق" سعيد السعدي، من حزب التقدم والاشتراكية، عندما كان وزيرا للتنمية الاجتماعية والتضامن في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، أن يحرّك الأمور على هذا المستوى، لكنه وضع "بيضه" في سلّة كبيرة، هي "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" التي عارضها في إبانها "إخوان" سعد الدين العثماني (الذي كان أمينا عاما لـ"البيجيدي" حينئذ، كما الآن)، وتسببت في انقسام مجتمعي كبير، بين محافظين وتقدميين، رمزت إليه مسيرة الرباط "التقدمية" ومسيرة الدار البيضاء "الإسلامية"، وآل الأمر في النهاية إلى تحكيم أمير المؤمنين، وانطلق مسلسل إصلاح مدونة الأحوال الشخصية التي صارت مدونة للأسرة بكاملها... وجاءت من حزب التقدم والاشتراكية ذاته، بعد ذلك، نزهة الصقلي، في الموقع ذاته الذي شغله "رفيقها" في حزب "الكتاب"، ووضعت مشروع قانون حول التحرش لم ير النور أبدا، فلماذا إذا انتقلنا خطوة إلى الأمام نفضل عليها الحفاظ على "الوضع القائم"، الذي هو، في الواقع، تراجعٌ في زمن متسارع؟!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00